عبد الفتاح بن أحمد الريس يكتب | السعودية أنموذجًا في إدارة الأزمات

  • 3/29/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا نجانب الصواب حينما نقول بأنه ما من بلاد على وجه البسيطة إلا وقد تعرضت لأزمات أو كوارث طبيعية، وبلادنا المملكة العربية السعودية كأحد منظومتها لا شك أنها مرت بعدة أزمات وبحنكة قادتها الأجلاء استطاعت أن تتجاوز ذلك إلى بر الأمان بتوفيق الله تعالى. ولعلنا قبل الخوض في غمار هذا الموضوع، الوقوف على ماهية الأزمة؟.. “الأزمة” مصطلح يستخدم وقتما تحدث أمور مُعينة تبعث على الضيق والشدة أو الصراع الذي يخرج عن نطاق التحكم والسيطرة، فيما عرفها قاموس رندام بأنها ظرف انتقالي يتسم بعدم التوازن ويمثل نقطة تحول تُحدد في ضوئها أحداث المستقبل التي تؤدي إلى تغيير كبير. ولأن الأزمة تحتاج إلى أسس علمية وإدارية ومهارية للحيلولة دون توسعها أو تفاقمها أو القضاء عليها بالكلية؛ فقد سعت المملكة العربية السعودية كبقية دول العالم المتحضر إلى إقامة مركز وطني لإدارة الأزمات والكوارث الصحية منوط بوزارة الصحة وله فروع على مستوى المملكة لإدراكها التام بأن استتباب الأمن والاستقرار الدائم في ربوع الوطن له أهميته القصوى على مجتمعها وعلى عموم المحكات الأخرى البنائية والتنموية والتطويرية والمستقبلية. ولذلك لا غرابة حين جاء الاهتمام بذلك منذ الأيام الأولى لتوحيدها على يد الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- من خلال ما قام به من جهود عظيمة وصبر وتضحية يشهد له بها التاريخ ليحولها من حياة الفوضى والتناحر والتشتت والفقر والجهل والأمراض والأوبئة إلى أمن واستقرار ورغد عيش لا زلنا ننعم به حتى اليوم، ولله الحمد والمنة، وإذا ما أردنا الاسترسال فيمكن القول بأن المملكة قد شهد أزمات كثيرة ومنها لأجل اطلاع الجيل: حادثة جهيمان وسيطرته على المسجد الحرام بمكة المكرمة في الأول من محرم عام 1400هـ والتي انتهت بالقضاء عليه ومن معه وتطهير المسجد من دنسه ليعود لما كان عليه خلال أيام معدودات، وكذلك حادثة تدافع الحجاج بمشعر مُنى عام 1437هـ والتي تمكنت الجهات المعنية من إنقاذ المصابين ونقل المتوفين وتيسير حركة بقية الحجاج المحيطين في زمن قياسي، فضلاً عن مكافحة الإرهاب والذي ألحق ضرراً وخسائر فادحة في بعض المنشآت الحيوية، عوضاً عن بعض المساجد وقتل الأنفس المعصومة في بعض المناطق على امتداد سنوات ماضية وسعي الدولة المستمر والحازم لاجتثاثه من جذوره ليبقى الوطن في أمن واستقرار وشامخ البنيان. ناهيكم عن جائحة كورونا التي يُعايشها العالم بأسره والتي ما إن علمت قيادتنا الرشيدة بانتشارها إلا وقد بادرت بوضع تدابير وإجراءات احترازية لمواجهتها ومنع انتشارها ومنها: إيقاف العمل في القطاعات الحكومية، فيما عدا القطاعات الأمنية والصحية والعسكرية، ومنظومة التعليم عن بُعد وكذلك إغلاق الأسواق وكافة المجمعات التجارية باستثناء الصيدليات وما يتعلق بالأنشطة التموينية، فضلاً عن إيقاف الرحلات الجوية الخارجية والداخلية والتنقل بين المناطق ومنع التجول في أوقات حددها النظام الصادر بذلك، بالإضافة لملازمة المنازل وعدم الخروج إلا لضرورة قصوى نهاراً مع المحافظة على النظافة العامة بصورة مستمرة باستخدام الماء والمطهرات والأقنعة الطبية. أما على الصعيد الخارجي فلقد لعبت المملكة دوراً عظيماً وفاعلاً في حل كثير من الأزمات التي تعرضت لها بعض البلدان العربية، ومنها الوقوف مع شقيقتها مصر خلال الحرب العاشر من رمضان عام 1973م لاستعاد شبه جزيرة سيناء من إسرائيل، وكذلك وساطتها الموفقة في توقيع وثيقة الوفاق الوطني لتسوية الصراع في لبنان عام 1989م بالطائف، فضلاً عن وقوفها وبكل ما تملكه من عدة وعتاد مع دولة الكويت الشقيقة أثناء تعرضها للغزو العراقي عام 1411هـ، وكذلك مساهمتها الفاعلة والمشرفة حقاً في إنهاء الخلاف الذي وقع بين أمريكا والحكومة الليبية واستغرق سنوات طويلة على أثر تحطم طائرة أمريكية عام 1988م في سماء قرية لوكربي الأسكتلندية ووفاة جميع ركابها. هذا، عدا تقديمها مبلغ عشرة ملايين دولار لمنظمة الصحة العالمية لمساعدتها في مكافحة وباء كورونا على مستوى العالم والنابع أصلاً من سياستها المستمدة من دين الله الإسلام الذي يحث على عمل الخير وخدمة الإنسانية دونما تفرقة بين الأجناس واختلاف الديانات. ولعل ما ذكرناه غيض من فيض مما قامت به المملكة العربية السعودية في هذا الجانب داخلياً وخارجيا، وباحترافية ومهنية عالية جعلت منها أنموذجاً رائعاً على مستوى العالم يُحتذى به، وهو ما يفتخر به كل مواطن مُخلص وأمين وغيور في ظل قيادتنا المباركة حفظها الله ورعاها وسدد على دروب الخير خطاها وجعلها ذخراً دائماً للإسلام والمسلمين والإنسانية جمعا.

مشاركة :