بغتة وبدون سابق انذار أوقف الله تعالى سرعة الحياة، وأعاد البشرية كلها إلى المكوث بالمنازل لتنهض لا لتمرض، لتستيقظ من سباتها ، وليلفت انتباهنا جميعا، وليسألنا جميعا: أين تذهبون!! لنستفيق ونعلم ان تلك الهموم والمشاغل والأعمال ليست حقيقية، وسوف تختفي فجأة كما ظهرت فجأة ، بل ليثبت لنا أنه الفعال لما يريد، وأن تلك القوة المادية التي خطفت أبصارنا، والتكنولوجيا المتطورة التي سلبت عقولنا، ليست إلا لعباً ولهواً،… وأنه تعالى بمخلوق لانراه ضعيف جدا أوقف الجميع عاجزاً أمام قدرته ، حجرنا انفسنا خوفاً ان تصيبنا لعنته، ولكن هذا الحجر !! اعادنا الى الله لنتوسله بأن يصرف عنا هذا الوباء ، ونعترف بقدرته وشموليته واحاطته وقوة بطشه ،ويصرف الملحدين عن الحادهم ويعترفو بوجوده وقدرته سبحانه وتعالى .واننا قد نجتمع في بيت واحد ولكن للأسف تغلغلت الفرقة بيننا وبهتت مشاعر العطف والحب وسط ضجيج الحياة وسرعتها الهادرة حجرنا لنتعرف على اولادنا الذين ربما كبروا ولم نتعرف عليهم بعد، وربما عقلو ولم يأخذوا منا حظهم من الحنان والتعليم الأسري والاحتواء ، بل ربما لم نجيد التعرف على اهتماماتهم وعقلياتهم ، فنحن بالنسبة لهم دائما مجرد ضيوف او زائرون فنحن اما عائدون من عمل أو ذاهبون إلى عمل، أو نجلس معهم في البيت ونحن لانتوقف عن اتمام الأعمال والاتصالات . حجرنا لنكتشف أن لنا ارحاما قطعناها لابدان توصل وأصدقاء وجيران انقطعت بناعلاقتهم وغابت عنا مودتهم. فالحجر فرصة يجب استثمارها للعوده الى الله بقلوب سليمه هي فرصة للطمأنينة بذكر الله ودعوة لنا من فايروس صغير لتطهير قلوبنا قبل ايدينا وننظف منازلنا بالتسبيح والاستغفار قبل الكلور في هذا الحجر سيسأل أحدنا نفسه من أنا ؟ هل أنا افنيت كل هذه السنوات فعلا؟ هل حققت إنجازات فعلية في حياتي ستنتفع بها البشرية بعد موتي؟ هل أنا مستعد الآن للقاء الله محبا ومشتاقا إليه إذن فلنحجر أصحاء قبل أن يلتهمنا المرض ، لنستمتع بأهلنا وأولادنا ومازلنا بصحتنا انحجرنا أفراداً وأُسراً ومجتمعات ودول . فلنراجع أنفسنا ونحاسبها قبل ان يحاسبنا الله ، ونجدد العهد معه ونتوب اليه ونصدق في التوبة ، ونتأهب ونفلح للقاءه بروح طاهرة ونفس زكيه ، قال تعالى (قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها ). انها لعزلة رحيمة !!! نلتمس فيهارحمات الله تعالى: (يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا). ولنعيد الصله بكتاب الله ونتدبره (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ). ونوثق العلاقات ونقهر الخلافات ونتلو كتاب الله لنطهر القلوب الصدأة ، والنفوس الخبيثة والعقول الفارغه ، ولنتفكر فيما أنعم الله به علينا، فنشكره ، ابتلانا لحكمة بالغة في كل حركاتنا ، وسكناتنا وحياتنا وموتنا وعطاءنا وسلبنا ، فلابد ان نحسن استغلال هذا الحجر وهذا الابتلاء حتى لانخسر الاختبار .وننصت لتحذيرات الملك الجبار بأُذن واعيه ونظرة ثاقبه وعقل راجح. وصدق الحق حين قال (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب ) الطلاق.
مشاركة :