تذكير الغافلين بعطاء الفلاسفة المشائين | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 6/21/2015
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

الكتب مصدر مهم من مصادر المعلومات، والتفكير والتأمل، وهي تظل المَنبع الأوّل لتَغذية المَعرفة، وتَنمية الأفكَار.. ولَكن - بالتأكيد- هُنَاك مَصادر أخرَى لتَنمية العِلم، مِثل العزلة والتأمل؛ والإطرَاق في مِحرَاب التفكر، ودِرَاسة نَشأة الأفكَار، وبدَايَاتها وطفولتها..! كل هَذه الأشيَاء مَعلومَة ومَعروفَة، ولَكن مَا ليس بمَعلوم ولا بمعروف، هو المَشي عَلى الأقدَام، والتجول في الأزقة، وكَيف أنَّ مِثل هَذه المُمَارسة؛ مِن المُمكن أنْ تَمنح المُبدع آفَاقًا شَامِلَة، ومِسَاحَات لَا تَعرف الحدُود ولَا الصّدُود.. خذ مَثلًا: لقد صَرح عَالِم النفس النمسَاوي «إدلر» بقوله: (المشي هو الرِّيَاضَة الوحيدَة لمَن يريد أنْ يَتأمل)..! أكثَر مِن ذَلك: الفَيلسوف الكَبير «نيتشة»؛ الذي أشْغَل الكُرَة الأرضية بفَلسفته وأفكَارهِ يَقول: (كل الأفكَار العَظيمة تولد أثنَاء المَشي). ولَو رَاح الفِكر يُحصِي العبَاقرة والمُفكِّرين، والفَلَاسِفَة والرسَّامين والشُّعرَاء، الذين كَانوا يَستمطرون الإبدَاع أثنَاء المَشي، لتَعب القَلَم دون حَصرهم وإحصَائهم، لذَلك دَعونا نَقتدي بالمُعلِّم الأكبَر «ليوناردو دافنشي»، الذي كَان يَذرع مَدينة مِيلَانو الإيطَاليّة عَلَى الأقدَام طُولًا وعَرضًا، وهو يُفكِّر في تَحسين دَرجَات ألوَان لَوحته الشَّهيرَة «العَشَاء الأخير»..! إنَّ المَشي -بِمَا لَه مِن تِلك الطَّاقَة الإيجَابيّة، التي تُحرِّك كل أعضَاء الجسم- يَجعل الإنسَان يُفكر بشَكل أَوسع، ويَستدعي الأفكَار بشَكل أكبَر وأكثَر، لأنَّ حَوَاس الجِسم كلها متقدة، وطَالَمَا الإنسَان يَمشي، فهو في حَالة ريَاضة عَقليّة وفِكريّة، ويَكفي أنَّ الله -عَزّ وجَلّ- حِين دَلّل عَلى اكتسَاب العَيش، أَمرنَا بالسّعي حتى في العِبَادَة، حَيث قَال جَلّ وعَزّ: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وذروا البَيْعَ).. وللسَّعي مَعانٍ كَثيرة وَرَدَت في القاموس، مِنهَا: مَشَى، وأسرَع الخُطَى، ووَرَدَ في القرآن الكَريم أيضًا قَول المَوْلَى -عَزّ وجَلّ-: (وَجَاءَ مِنْ أَقصَى المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ يُخبركم اليَتيم «العَرفج» -الذي يَكتب بغَزَارة، وبأفكَارٍ مُتدفِّقة- بأنَّ المَشي هو صَاحب الفَضْل الأوّل في هَذه الغَزَارَة، فإذَا كَان وَرَاء كُلّ رَجُل عَظيم امرَأة، فإنَّ نَصيب كُلّ كِتَابة مِن الحُظْوَة؛ سِرٌّ يَكمُن في الخُطْوَة..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :