تحركات إقليمية ودولية لاحتواء التصعيد العسكري في ليبيا | الجمعي قاسمي | صحيفة العرب

  • 5/22/2020
  • 00:00
  • 39
  • 0
  • 0
news-picture

تراقب عواصم دولية وإقليمية بحذر مجريات تصاعد الاقتتال في العاصمة الليبية طرابلس وسط مساع دبلوماسية وسياسية حثيثة لاحتواء أي تصعيد قد تمتد حممه إلى دول الجوار، فيما تواصل تركيا بعث رسائل مُقلقة للجميع. تونس – فرضت التطورات الميدانية الخطيرة التي عرفتها مجريات العمليات العسكرية في غرب ليبيا، حراكا سياسيا ودبلوماسيا مُتسارعا على الصعيدين الإقليمي والدولي بمجموعة من الرهانات التي تأخذ بعين الاعتبار الحسابات العسكرية والسياسية وما يلحق بها من توازنات استراتيجية تُمليها المصالح المُتداخلة في ما بينها، رغم طبيعة المشهد الليبي المعقد. ويسعى هذا الحراك الذي تعكسه المُشاورات الهاتفية التي تتالت خلال اليومين الماضيين بين كبار الفاعلين السياسيين الدوليين بخصوص مستجدات الملف الليبي، إلى مُحاولة احتواء التصعيد في ليبيا لتفادي مخاطر الانزلاق نحو مواجهة إقليمية بدأت مؤشراتها تتراكم على وقع الأزمات المتفجرة التي تسبب فيها إمعان تركيا في استفزاز دول الجوار الليبي، وخاصة منها مصر والجزائر، وكذلك السودان. وقالت مصادر سياسية وعسكرية لـ”العرب”، إن هذا الحراك الذي لا يهدأ فرضته الصياغات الجديدة للموقف التركي الذي بعث برسائل مُقلقة للجميع من خلال تأكيده بأنه بات وحده الذي يملك مفاتيح حل الأزمة في ليبيا بغض النظر عن تجاذباتها الحادة، والمصالح المُتشابكة التي لن تُغيرها موازين القوى الراهنة التي تبقى مُتحركة وقابلة لخلق معادلات ميدانية جديدة في قادم الأيام. صقر الجروشي: الساعات القادمة ستكون مؤلمة على أردوغان وأتباعه صقر الجروشي: الساعات القادمة ستكون مؤلمة على أردوغان وأتباعه وأشارت إلى أن مُعطيات جديدة برزت خلال الـ24 ساعة الماضية تُؤكد أن الوضع في ليبيا بات يندفع بقوة نحو جولة جديدة من القتال بين ميليشيات حكومة فايز السراج المدعومة من تركيا وقوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي توعد بإلحاق هزيمة بالحلف الإخواني التركي – القطري في ليبيا. وكشفت في هذا السياق أن قوات الجيش الليبي التي وجدت نفسها في معادلة صعبة بسبب استخدام تركيا لتكنولوجيا حلف الشمال الأطلسي “الناتو”، استطاعت تعزيز سلاحها الجوي بعدد من الطائرات المُقاتلة المُتطورة من نوع سوخي وميغ 25 القادرة على التعاطي مع رادارات منظومات الدفاع الجوي التركية المنتشرة بكثافة في غرب ليبيا ومصراتة، بما يقلب موازين القوى الميدانية. وتؤكد تصريحات رئيس أركان القوات الجوية بالجيش الليبي، الفريق صقر الجروشي، التي أعلن فيها أن سلاح الجو الليبي “أوشك على تنفيذ أكبر عملية جوية في تاريخ ليبيا”، ما ذهبت إليه مصادر “العرب”، التي تؤكدها أيضا التحذيرات المُتصاعدة في العاصمة طرابلس من أن تصعيدا غير مسبوق للعمليات العسكرية مُرتقب. وقال الجروشي في تصريحاته التي أثارت هلعا في صفوف الميليشيات عكسته تخوفات جدية من قلب موازين باتت تزدحم بها مواقع التواصل الاجتماعي المحسوبة على حكومة السراج، إن “الساعات القادمة ستكون مؤلمة جدا على المعتوه وأتباعه في ليبيا”، وذلك في إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأكد في هذا السياق أن “جميع المواقع والمصالح التركية في جميع المدن المحتلة في ليبيا، هي هدف مشروع لمقاتلات سلاح الجو التابع للجيش الليبي”، موجها في نفس الوقت تحذيرا وصفه بالأخير إلى “المُغرر بهم والمنضمين إلى الميليشيات، بأن يُسلموا أنفسهم وإلا ستتم إبادتهم”. وعلى وقع هذه التطورات، توقعت وكالة بلومبرغ الأميركية أن تشهد الساحة الليبية تصعيدا عسكريا خلال الأيام المقبلة، حيث ذكرت في تقرير لها أن “سلاح الجو التابع للجيش الليبي سيُنفذ سلسلة من الضربات الجوية غير المسبوقة على الأهداف العسكرية التركية في ليبيا”. مخاوف من موجة جديدة من القتال مخاوف من موجة جديدة من القتال ونقلت عن الإخواني فتحي باشاغا وزير الداخلية بحكومة الوفاق قوله إن “حكومة الوفاق تلقت معلومات تفيد بأن 8 طائرات على الأقل من الحقبة السوفييتية (ست طائرات ميغ 29 وطائرتان من طراز سوخوي 24) وصلت إلى شرق ليبيا من قاعدة جوية روسية في سوريا”، متوقعا في هذا السياق أنها قد تكون للمساعدة في حملة جوية جديدة. وتتوقع مصادر الـ”العرب”، أن تكون الجولة الجديدة من القتال في ليبيا أعنف بكثير من الجولات السابقة، وقالت إن ذلك ما يُفسر عودة الأزمة الليبية إلى دائرة اهتمام الأطراف الإقليمية والدولية التي ارتفعت فيها وتيرة الاتصالات والمشاورات التي شملت أبرز العواصم المؤثرة في العالم بدءا من موسكو إلى واشنطن مرورا بباريس وكذلك أنقرة. وأجرى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اتصالا هاتفيا مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو تم خلاله بحث تطورات الوضع في ليبيا، حيث أشارت الخارجية الروسية في بيان لها إلى أنه “تمت الإشارة إلى أهمية التوقف الفوري للأعمال القتالية واستئناف العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة بمشاركة إلزامية من الأطراف الليبية لحل الأزمة على أساس قرارات مؤتمر برلين التي وافق عليها مجلس الأمن الدولي”. وخرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليؤكد أن إنهاء الصراع في ليبيا “بات أمرا مهمّا وحاجة مُلحة”، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، تم خلاله التعبير عن انشغالهما ومخاوفهما من تزايد التدخلات الأجنبية في ليبيا، وذلك في رسالة واضحة إلى تركيا. وتزامن هذا الاهتمام الفرنسي بتطورات الملف الليبي، مع رصد لتحركات لطائرة “أواكس” فرنسية، من نوع “بوينغ أي 3 سي.أف 204” فوق البحر المتوسط في مهمة قبالة سواحل ليبيا، يُرافقها في مهمتها عدد من مقاتلات “رافال” التي حلقت لوقت قصير فوق مدينة مصراتة، ما أثار قلق حكومة الوفاق التي سارعت إلى اتهام فرنسا بانتهاك سيادة ليبيا ومجالها الجوي. وفيما لا تُعرف نوايا التحركات الفرنسية القادمة حول ليبيا، تلقى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالا هاتفيا من وزيرة الخارجية وشؤون الاتحاد الأوروبي والتعاون الإسبانية أرانشا جونزاليس لايا، تم خلاله مناقشة مُستجدات قضايا المنطقة، منها تطورات الملف الليبي، وذلك في الوقت الذي لم تغب فيه إيطاليا عن المشهد، حيث تحادث وزيرها للخارجية لويجي دي مايو هاتفيا مع نظيره حول الملف الليبي.

مشاركة :