الرباط – رفض رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي سعدالدين العثماني دعوات تطالب بتشكيل حكومة إنقاذ وطني لمواجهة تداعيات أزمة كورونا الاقتصادية والاجتماعية، معتبرا أنها محاولة للالتفاف على المسار الديمقراطي في البلاد. وتنامت الدعوات لتشكل حكومة إنقاذ وطني في المغرب بعد قصور الخطة التي وضعتها حكومة العدالة والتنمية للتعامل مع تداعيات الجائحة، إضافة إلى الصراعات السياسية والاتهامات المتبادلة بين شركاء الحكم، ما يضرب الاستقرار السياسي في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تضامن بين مكونات الحكم. وقال العثماني إنه “لا معنى لحكومة إنقاذ وطني، لأنه يتم اللجوء إليها عندما تكون هناك أزمة سياسية في البلاد ونحن لسنا في أزمة سياسية ولم يقل بهذا أحد”. وأضاف “جميع دول العالم التي تواجه كورونا لم تلجأ لهذا الأمر ولا مبرر له بتاتا، وواجهت الجائحة بحكوماتها وبرلماناتها وتنتصر عليها إما قليلا أو كثيرا ونحن نواجهها بهذه الأدوات”. وارتفعت في الآونة الأخيرة الأصوات المطالبة بتقديم الكفاءة على الولاء الحزبي لتدبير مرحلة ما بعد كورونا وتحقيق الإقلاع الاقتصادي والإنقاذ الاجتماعي بتسمية حكومة إنقاذ تستوعب الكفاءات الوطنية، كون جل الشخصيات الوزارية التي قدمها الحزب الإسلامي على أساس أنها كفاءات أثبتت فشلها في التعامل مع الأزمة. وقال المحلل السياسي عمر الشرقاوي إن “مطلب حكومة الكفاءات في الدول الديمقراطية لا يطرح بالمرة بسبب أن الديمقراطية لديها تتطابق مع منطق الكفاءة، فالأحزاب ترشح أفضل ما لديها للمناصب الوزارية والمسؤوليات العليا، أما داخل الأحزاب المغربية ومنها العدالة والتنمية فالود مفقود بين الحزبية والكفاءة وذلك بترشح أسوء ما لديه”. وتعتبر قيادات العدالة والتنمية أن المطالبة بحكومة إنقاذ وطني مطلب غير دستوري ومحاولة للالتفاف على المسار الديمقراطي بطرق غير شرعية. وفي كل مرة تطرح فيها دعوات تعديل حكومي للنقاش تماشيا مع الظروف الاقتصادية بشكل خاص باستقطاب كفاءات حزبية لها وزنها لمواجهة سلبيات المرحلة، يذهب حزب العدالة والتنمية إلى التشبث بأن هذا المسعى يهدد المسار الديمقراطي وهو بمثابة تدخل في استقلالية الأحزاب. حزب العدالة والتنمية يتخوف من فقدان فرصة العودة إلى الحكم إذا ما استجاب لمطالب حكومة إنقاذ وطني، خاصة وأن البلاد تتهيأ للانتخابات التشريعية العام المقبل وقال رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية لـ”العرب” إن “حزب العدالة والتنمية اتخذ من نظرية المؤامرة نهجا ثابتا لكون عقيدته لا تنبني على التحليل العلمي للواقع الملموس، كما أنه لا يملك مشروعا اقتصاديا أو مبادرات عملية لتجاوز تداعيات كورونا سوى البقاء في السلطة التي باتت غاية وليست وسيلة”، مضيفا أن “الحزب عمل داخل الحكومة على رعاية مصالحه الخاصة”. وتابع لزرق “على رئيس حزب العدالة والتنمية أن يتحلى بالشجاعة من خلال الإقرار بفشل حكومته، وعجزها عن رفع التحديات المطروحة والعمل على تقديم استقالته وفسح المجال لتشكيل حكومة إنقاذ وطني دون حسابات حزبية ضيقة”. وختم أستاذ العلوم السياسية بالقول “لا بد من حكومة إنقاذ وطني للتغلب على تداعيات الوباء بعد القصور في إدارة حالة الطوارئ الصحية لحماية المواطنين واقتصاد المغرب”. ويرى مراقبون أن حزب العدالة والتنمية يتخوف من فقدان فرصة العودة إلى الحكم إذا ما استجاب لمطالب حكومة إنقاذ وطني، خاصة وأن البلاد تتهيأ للانتخابات التشريعية العام المقبل. وسبق للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر أن اقترح “إنهاء حكومة سعدالدين العثماني والانتقال إلى حكومة وحدة وطنية”، موضحا بأنه “إذا طال الوباء، فستصبح الحاجة للجوء إلى حكومة وحدة وطنية أمرا حتميا”.
مشاركة :