رمضان البيه يكتب: نفحات وإشراقات

  • 5/31/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

:(١)حقيقة العبودية لله تعالى هي مقام العبد بين يديه تعالى ومولاه جل علاه في مقام الذل والانكسار والعجز والافتقار إليه تعالى، ويكمن في الذل إليه تعالى العز الكامل، وفي الافتقار إليه عز وجل الغنى الكامل، هذا وللعبودية شرف لا يرقى إليه شرف، وإلى هذه الحقيقة أشار الإمام على بن أبي طالب كرم الله وجهه في مناجاته لربه بقوله: "كفي لي فخرا أن أكون لك عبدا، وكفي بي عزا أن تكون لى ربا، أنت لي كما أحب فوفقني إلى ما تحب".(٢) قد يغيب عن البعض أن الأصل في العلاقة بين الله تعالى وعباده، الحب، والحب هو الأساس في عبادته عزوجل، وقد أشار سبحانه إلى ذلك بقوله: "قل أن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، ويؤكد ذلك أيضا أنه ليس لله تعالى أدنى علة أو عوز أو احتياج إلى عبادة خلقه، فهو تعالى الذي لا تنفعه طاعة المطيعين ولا تضره معصية العاصين، وهو الغني بذاته المستغني بذاته عمن سواه جل علاه، فهو القائل: "ياعبادي إنكم لا تملكون نفعي فتنفعوني، ولا تملكون ضري فتضروني".(٣) يغيب عن البعض أن العبادات في حد ذاتها ليست بغاية، وإنما الغاية ما تثمره العبادات من حسن المعاملات، فالصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر وتقيم صاحبها في الطهر والنقاء، والصوم يسمو بصاحبه إلى عالم الملائكة الروحاني والسمو الأخلاقي، من هنا نفرق بين أداء العبادات وإقامتها، فرب مصل لا ياخذ من صلاته سوى القيام والقعود، ورب صائم لا ياخذ من صيامه سوى الجوع والعطش.(٤) نظرة تأمل في قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: "أقربكم مني منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا"، لم يقل عليه الصلاة والسلام أقربكم مني أكثركم عبادة ولا أكثركم أعمالا ولا أكثركم حسنات وإنما قال أحاسنكم أخلاقا أي أحسنكم في معاملة الناس، وفي الحديث: "الدين المعاملة أي حسن المعاملة"، انظروا إلى قيمة الأخلاق وما تثمره من الفضل العظيم. وهو جوار الحبيب المصطفى في الجنة.(٥) بين الإقرار بالعبودية لله تعالى، وطلب إمدادات الإعانة منه سبحانه يتقلب العبد. المؤمن، إياك نعبد وإياك نستعين، سبحان الله تعجبا، كلما أشرق الحق سبحانه وتعالى على قلب العارف من أنوار المعارف، كلما أدرك العارف، مدى جهله ومدى بعده، وأدرك أنه عبد لا يصلح لرب بحال.(٦) حقيقة المعارف هي ثمار تجليات الله تعالى بأنوار أسمائه وصفاته عز وجل على قلب العارف به، وعلى إثر ذلك يمنح العارف من العلوم والأسرار والحقائق، والمعاني..(٧) لكل شيء مفتاح لبابه، فمفتاح العلم التقوي، ومفتاح الخشية العلم، ومفتاح الولاية الاستقامة..(٨) مهما أقيم الإنسان في أسباب السعادة من المستحيل أن يعيشها كاملة، وذلك لأن الإنسان يوجد جزء منه متعلق بعالم الملكوت وحضرة الربوبية وهو الروح، وكثير من الناس غافلون عنه، ومهما حظت النفس بالسعادة فهي سعادة منقوصة لغربة الروح في عالم الأرض

مشاركة :