شاب سعودي في مقتبل العمر، تتصدر صورته كل وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية؛ كونه إرهابيًّا متطرِّفًا، قتل نفسه، وفجَّر بيتًا من بيوت الله في نهار رمضان، وانتهك حرمة الزمان والمكان في مسجد بالكويت، ووضع أمامنا مزيدًا من التساؤلات: من أين أتى هذا الشاب؟ لم يأتِ من كوكب آخر، لم يسافر، لا يحمل جواز سفر، لم يتعلّم إلاَّ في مدارسنا، ولم يتربَّ إلاَّ في بيئتنا.. إذن مَن أوصله إلى هذه الحالة الفكرية التي تستبيح الدماء، وتنتهك الحرمات في أقدس الأماكن عند الله، وأقدس الشهور؟! سؤال أطرحه لنجيب عنه معًا؛ لأن الخطر المحدق بنا أصبح كبيرًا جدًّا، ويستدعي استنفار كل الطاقات الفكرية، والتربوية، والنفسية، والاجتماعية، إلى جانب الأمنية؛ لنتدارس معًا أحوال هؤلاء الشباب، نبحر في عالمهم، ونبحث عن مكامن الخلل التي تسرّبت إلى عقولهم. مَن علَّمهم استباحة الدماء؟ مَن غَرَّرَ بهم؟ ومَن غسل عقولهم؟ وكيف وصل إليهم؟ هل لأننا أغلقنا أبوابنا دونهم، أو لأننا لم نتح لهم فرصة الحياة الطبيعية، وقيّدنا حرّياتهم، وتصوّرنا أن التعليم الديني الذي يتلقونه في مقاعد الدراسة كفيل وحده بحمايتهم في زمن الفتن والأطماع الداخلية والخارجية؟ آباء وأمهات شُغلوا بحياتهم، وتركوا فلذاتهم بين أيدي الخادمات والسائقين على اختلاف ثقافاتهم ومعتقداتهم، فأصابهم خلل في كثير من أمور حياتهم. خرجوا للمجتمع فما وجدوا لهم محاضن ثقافية، ولا وسائل ترفيه بريئة تحتويهم، فعاشوا في عزلة عن المجتمع، واخترقوا عالم الفضاء الإلكتروني، وأفلام مباحة وغير مباحة، ومواقع مشبوهة، وغلقوا الأبواب والعقول حتى عاشوا في غربة عن مجتمعهم. أدمنوا على كثير من المحرّمات التي جعلت الحياة بالنسبة لهم نيرانًا مشتعلة، وطلبوا الموت وكانت أبوابه مشرعة حينما عرف العدو كيف يصل إليهم، بعد دراسة مستفيضة لمجتمعنا الذي أصبح يعاني من التفكك الأسري، وحالات الطلاق، والعنف، والمآسي التي نطالعها عبر وسائل الإعلام. أقول لكلِّ مَن يخاف على مصير أبناء الوطن لنقدم مشروعًا وطنيًّا للشباب يحتويهم، يلبي رغباتهم، ويستثمر طاقاتهم فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة لوطنهم. فالشباب هم عدة الوطن لمستقبله، ولا نريد لهم أن يكونوا صيدًا سهلاً في يد الأعداء المتربصين بنا. Majdolena90@gmail.com
مشاركة :