الإحباط : ( الحلقة الثالثة ) • أثار الإحباط ومواجهته والتعامل معه بقلم الدكتور ضيف الله مهدي

  • 6/2/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم الدكتور/ ضيف الله مهدي يجب أن نذكر أن الإحباط حالة تضايق الفرد وتولد لديه توترا ، وأن الفرد يعمل على التخلص من التوتر بطريقة ما ، سعيا وراء التكيف والدفاع عن الذات . ويختلف الأفراد في مواقفهم من الظروف التي تواجههم بالإحباط لدى أول محاولة . فبعضهم يقف ويستسلم ويقبل بسهولة وآخرون يستمرون في المحاولات ، أملا في التغلب على الصعوبة ، يوجههم في ذلك دافع اشتدت قوته بتأثير فشل المحاولة الأولى ، وهناك من يتحول عن الظرف إلى آخر ، أو يتحايل عليه ، أو يواجهه بالقوة ، وليست حالات السلوك هذه إلا بعضا من أشكال محاولات التكيف التي يلجأ إليها الأفراد عادة أمام موقف يواجههم بإعاقة . فإذا لم يتم للفرد أن يتغلب على الصعوبة ، وإذا بدأ ظهور الإحباط لديه فستكون هناك آثار يمكن أن يخلفها هذا الإحباط ، وإذا سألنا عن الآثار التي يمكن أن يخلفها الإحباط في الفرد ، فإنما نسأل عما يحدث لدوافع الفرد من جهة ، كما نسأل من جهة أخرى عما يطرأ على سلوكه من تعديل أو تحويل بغية مواجهة الموقف الإحباطي . والعالم الخارجي حولنا مليء بمصادر الإحباط . وللإحباط آثار متنوعة بعضها إيجابية ( وهذه حالة نادرة ) وبعضها سلبيا وضارا ( وهذا الأغلب ) : 1ـ الفشل قد يبعث على الإبداع والنجاح : وهذا قد أشرت إليه سابقا ، فبعض حالات التهديد والإحباط والفشل تعتبر بمثابة حافز ومثير للإبداع وسلوك حل المشكلات والواقع أن موقفي التهديد ، وحل المشكلات متشابهان ، بل ومتطابقان أحيانا ، لأن في كليهما عائق يحول دون تحقيق الشخص لأهدافه ، هذا العائق دفعه لكي يتغلب عليه فإذا لم يكن هناك مواقف مشكلة فلن يكون هناك حلولا ، وبدون وجود حلول للمشكلات سوف لن يحصل تقدم وازدهار ، بل ستبقى الحضارة في حالة جمود ، فالحالة الانفعالية ( التوتر والقلق ) المصاحب للإحباط قد يكون مرغوبا لأنه بمثابة دافع ومحرض للسلوك الإيجابي والمبدع . من هنا فإن بعض العلماء يطلق كلمة قلق أو وهم وضيق ليدلوا على الإحباط ، والقلق يعمل عمل الدافع . إلا أننا نعرف القلق والإحباط إذا زاد عن حده المتوسط ، فإنه يحدث أثارا عكسية ، ويمنع الشخص من النشاط ، وبالتالي الإبداع والنجاح . أما إذا تكرر الفشل والإحباط وما يرافقه من قلق زائد فإنه عائق يحول دون العمل والإنجاز ، لأنه يخلق حالة من اليأس والقنوط . ومثال ذلك ، الطالب الذي رسب مرتين سوف يحاول بذل المزيد من الجهد لكي ينجح ويدفعه ذلك لتفوق أيضا ، لكن لو رسب وتكررت حالات رسوبه مرات عديدة فإنه سينتهي إلى حالة يأس . 2ـ الإحباط يؤدي إلى العدوان : لقد ركز العديد من علماء النفس السلوكيين على الآثار المصاحبة للإحباط ، وخاصة أثره على السلوك العدواني . وقد أجريت تجارب عديدة في هذا الخصوص من قبل ( دولارد ) . وقد توصل هذا العالم إلى أن النتيجة القاتلة وهي : أن الإحباط يؤدي دوما إلى حالة العدوان . وأن السلوك العدواني بكل أشكاله تسبقه دوما حالة إحباط وفشل . إن العدوان الناتج عن التهديد المرافق للإحباط يأخذ أشكالا عديدة وهي : ــ يكون العدوان لفظيا ( كلمات بذيئة وتعنيف وتوبيخ ). ــ يكون العدوان جسميا ( ضرب ، رفس ، تخريب ). ــ يكون العدوان مباشرا موجه إلى مصدر الفشل والتهديد . ــ وقد يكون غير مباشر ، أي موجه إلى مصدر آخر غير المصدر الأصلي للفشل . 3ـ الإحباط ووسائل الدفاع الأولية : الإحباط يقود الفرد إلى إتباع العديد من آليات الدفاع النفسية مثل : النكوص ، والتبرير ، والإسقاط ، والنكران . فالزوجة التي فشلت ( إحباط ) في حياتها الزوجية ، قد يدفعها هذا إلى أن تذهب إلى أمها ، وتجلس في حضنها وتبكي ، كما كانت تفعل حينما كانت طفلة صغيرة وبحاجة للحنان ، ( إنها نكصت لمرحلة ماضية ) ، أو تبرر فشلها بأن السبب عدم تقارب وجهة نظرها مع وجهة نظر زوجها ، أو تسقط ذلك عليه أو أهله بأنهم السبب في ذلك الفشل الذي حدث . 4ـ الإحباط يؤدي إلى الاستسلام واليأس والاضطرابات النفسية : إذا تكررت حالات الإحباط والفشل عند الفرد فإنه يخلق عنده حالة من اليأس والاستسلام يرافقها : ضعف الثقة بالنفس ، والشعور بعدم الكفاءة ، والشعور بالعزلة والوحدة وعندما تصل الشخصية إلى هذه المرحلة تكون عرضة للاضطرابات النفسية فورا في حال تعرضها إلى أي موقف ضاغط أو شدة نفسية ونستطيع نمثل ذلك في هذا الشكل التالي : تكرار الإحباط ـــــــــــ اليأس والاستسلام + موقف ضاغط ـــــــــــ اضطراب نفسي / عقلي . ( فشل وقلق مستمر ) ( ضعف الثقة بالنفس ) ( شدة نفسية ) . لقد شدد باندورا على أن تكرار الإحباط يؤدي إلى الإكتئاب والعجز المتعلم.

مشاركة :