وقال القس يوساب عزت كاهن كنيسة الأنبا بيشوي بالمنيا الجديدة أستاذ القانون الكنسي والكتاب المقدس بالكلية الاكليريكية والمعاهد الدينية: في عيد العنصرة نذكر حلول الروح القدس على الرسل. كما أخبرنا بذلك سفر أعمال الرسل: "ولمّا أتى اليوم الخمسون، كانوا مجتمعين كلُّهم في مكان واحد. فانطلق من السماء بغتة دويٌّ كريح عاصفة، فملأ البيت الذي كانوا فيه. وظهرت لهم ألسنة كأنَّها من نار، قد انقسمت، فوقف على كلٍّ منهم لسان. فامتلأوا جميعًا من الروح القدس".كان يسوع قد وعد رسله، في حديثه معهم عشية آلامه، قال: "ولكنَّ المؤيِّد، الروح القدس الذي يرسله الأب باسمي، هو يعلِّمكم جميع الأشياء ويذكِّركم جميع ما قلتُه لكم " (يوحنا 14: 16).وأضاف أن عيد العنصرة هو عيد نشأة الكنيسة، جماعةً واحدةً تنقل إلى الناس بشرى القيامة السارّة: هذا ما فعله الرسل بعد أن حلَّ عليهم الروح في القدس أوَّلًا، ثم في مختلف أنحاء العالم. وهذا ما تفعله الكنيسة اليوم في مختلف أنحاء العالم، وهذا ما تفعله اليوم كنيستنا، في مختلف كنائسنا ورعايانا.واستطرد أن عيد العنصرة هو عيد ميلاد الكنيسة، وعيد ميلاد كل مسيحي آمن بيسوع المسيح وقَبِلَ الروح ليثبت في إيمانه، وليسمع من جديد كلام يسوع: ولكنَّ المؤيِّد، الروح القدس الذي يرسله الأب باسمي، هو يعلِّمكم جميع الأشياء ويذكِّركم جميع ما قلتُه لكم " (يوحنا 14: 16).عيد حلول الروح القدس هوعيد ميلاد كل مسيحي في يومِ قَبِلَ سر المعمودية وسر الميرون. وهو عيد يذكِّر المسيحي بما هو، بهويته، بأنَّه ممتلئ بروح الله، وبأنه حامل لروح الله بين الناس، وحامل في كلامه أو في سيرته شهادة ليسوع الذي مات ثم قام، حتى يصبح كلُّ إنسان أقوى من كلِّ شرٍّ وخطيئة.وأكمل أن هذا العيد يذكِّرنا أنَّنا أعضاء في جسد واحد، في الكون كلِّه، يرفع إلى الله صلاة واحدة ويشهد أمام الناس شهادة واحدة. فنحن كبارٌ بهذا الحجم الكونيّ للكنيسة. ولسنا أعدادًا كبيرة أو صغيرة. بل نحن مؤمنون كبار بروح الله الذي أُفيض فينا وبصلاتنا الواحدة وبسلوكنا طرق الروح التي ذكرها القديس بولس حيث قال: "أما ثمر الروح فهو: المحبة والفرح والسلام وطول الأناة واللطف ودماثة الأخلاق والأمانة والوداعة والعفاف. (غلاطية 5: 16).واكد ان هذا اليومٌ يعود فيه المسيحي إلى نفسه ليخشع أمام ربِّه، وفي هذا الخشوع يحاول أن يعرف نفسه، ويصغي إلى الروح الذي فيه، ويسير في كل حياته بحسب روح الله الذي يحمله. مجتمعنا فيه خير كثير وشر كثير. والمسيحي، حامل روح الله، يسير مع هذا الخير الكثير والشر الكثير، وبقوة الروح يقدر أن يفصل بين الخير والشر، وبقوة الروح يساهم في كلِّ خير، ويحاول الحدَّ من كلِّ شر، بقدر ما يعطيه الروح أن يعمل. المسيحي رسول إلى بيته وأهله وأحبّائه وإلى كل مجتمعه، تهمُّه هموم كل مجتمعه ويطمح بكلِّ طموحاته. ورسالته هي أن يملأ الكلّ بالروح مانحِ الحياة للكلّ.وأوضح القس يوساب أصل كلمة عنصرة وقال عنصرة هي أصلها عبري "عَسَار"، ومنها "عَسَريت" التي جاءت منها كلمة عنصرة. والكلمة "عَسَار" معناها "اجتمع" أو "جمع"، حيث كانوا يجتمعون ويُعيدون في هذا العيد. وهي تأتي أيضًا بمعنى منع أو امتنع لأنه يمتنع فيه العمل لأنه يوم مقدّسأصله في العهد القديم: كان لهذا العيد في العالم اليهودي عيد فرح وبهجة، وكان يقع في ألطف فصول السنة. ولذا كان يجذب أعدادًا ضخمة من اليهود والأقاليم الأخري إلى أورشليم. ويسطر يوسفيوس المؤرخ اليهودي عن هذا العيد أن عشرات الآلاف الذي كانوا يجتمعون حول الهيكل في هذه المناسبة، وله ثلاث تسميات: أ- عيد الحصاد: «وتَحفَظُ عيدَ حِصادِ بَواكيرِ غَلاَّتِكَ الَّتي تَزرَعُها في الحَقْل وعيدَ جَمعِ الغَلَّةِ عِندَ نِهايةِ السَّنَة، عِندَما تَجمَعُ غَلاَّتِكَ مِنَ الحَقْل» (خر23/16).ب- عيد الباكورة أو أوائل الثمار: «وفي يَومِ البَواكير، عِندَ تَقْريبِكم تَقدِمةً جَديدةً لِلرَّبّ، في عيدِ أَسابيعِكم، مَحفِلٌ مقَدَّسٌ يكونُ لَكم، فلا تَعمَلوا فيه عَمَلَ خِدمَة. وقَرِّبوا مُحرَقةً، رائِحةَ رِضًى لِلرَّبّ: عِجلَينِ مِنَ البَقَر وكبْشًا وسَبعَةَ حُمْلانٍ حَوليَّة. وتَقدِمَتُها مِن سَميذٍ مَلتوتٍ بِزَيت ثَلاثةُ أَعْشارٍ لِلعِجْل، وعُشْرانِ لِلكَبْش، وعُشْرٌ لِكلِّ حَمَلِ مِنَ الحُمْلان السَّبعَة. ويَكونُ تَيسِ مِنَ المَعِزِ لِلتَّكْفيرِ عنكم. تِلكَ تَصنعونَها، فَضلًا عنِ المُحرَقةِ الدَّائِمةِ وتَقدِمَتِها مع سُكُبِها» (عد 28/26-31).ج- عيد الأسابيع: «أُحسُبْ لَكَ سَبعَةَ أَسابيع. مِن وَقتِ شُروعِ المِنجَلِ في السُّنبُلِ القائم، تَبدَأُ في عَدِّ سَبعَةِ أَسابيع. واحتَفِلْ بِعيدِ الأَسابيعِ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. على قَدْرِ التَّقدِمةِ الطَّوعِيَّةِ الَّتي تَهَبُها يَدُكَ، بِحَسَبِ بَركَةِ الرَّبِّ إِلهِك لَكَ»(تث16/9و10).
مشاركة :