رمضان البيه يكتب: قطب الرجال الإمام الشاذلي

  • 6/25/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تلقيت دعوة كريمة من أخي الحبيب وتوأم الروح فضيلة الشيخ حسن السناري رضوان الله عليه شيخ البيت السناري لزيارة سيدي أبا الحسن الشاذلي رضي الله عنه القطب الرباني والولي الصمداني كهف الأولياء وإمام عصره وخامس الأقطاب السيد الشريف الذي يصل نسبه للإمام الحسن بن علي سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ونفعنا ببركته فلبيت الدعوة وكانت رحلة روحية ممتعة ومن رحابه الشريفة أكتب لك عزيزي القارئ مقالتي، الإمام أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه، هو علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن تميم بن هرمز بن حاتم بن قصي بن يوسف بن يوشع بن ورد بن بطال على بن أحمد بن محمد بن عيسى بن إدريس بن عمر بن إدريس بن عبد الله بن حسن المثني إبن سيد  شباب أهل الجنة، وسبط خير البرية الإمام الحسن بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه..ولد رضي الله عنه سنة ٥٩١ هجري، بقرية من قرى قبيلة غمارة من أفريقيا ببلاد المغرب، وهي قرية قريبة من مدينة سبته، من أبوين شريفين، ونشأ نشأة دينية حفظ القرآن الكريم وهو ابن السابعة، ودرس علوم الشريعة وبرع فيها براعة شديدة، ودرس علم الكيمياء وعلومًا أخرى، أحب الخلوة والاشتغال بذكر الله تعالى، ومال قلبه إلى طريق الصوفية، وأهل الله وكان شغوفًا بالبحث عن قطب الوقت وهو الرجل الوارث المحمدي في زمنه..فتنقل من بلد إلى بلد بحثًا عنه، وفي يوم قابله أحد الأولياء في العراق، فقال له إنك تبحث عن القطب بالعراق، مع أن القطب ببلادك فارجع إليها تجده، فعاد إلى غمارة بتونس، وتعرف على قطب الوقت سيدي الشيخ عبد السلام بن مشيش رضي الله عنه ولازمه، وأخذ عنه الطريق، وتربى على يده، وقد تنبأ له الشيخ عبد السلام بالفتح الكبير، وأمره أن يرتحل إلى بلد يسمى شاذلة..وقال له: إن الله يسميك بالشاذلي نسبة إليها فارتحل إليها ومكث فيها في جبل يسمى "جبل زغوان" جنوب مدينة تونس، واتخذ فيه خلوته بعد اعتزاله الناس، وتفرغ فيه للعبادة والذكر، وظل على هذا الحال إلى أن رأى شيخه ابن مشيش يأمره بالانتقال إلى أرض المشرق.. وبشره بالفتح الأكبر فيها فسافر إلى الإسكندرية بمصر المحروسة عام ٦٤٢ هجريًا الموافق ١٢٤٤ ميلاديًا..وكان معه جماعة من العلماء والصالحين منهم الشيخ أبو العباس المرسي وأخوه أبو عبد الله جمال الدين محمد؛ ومنها توجه إلى الحج وعاد إلى تونس وقام بها زمنًا يسيرًا.. ولحق به الشيخ المرسي.. ثم وفدوا جميعًا إلى مصر.. ومكث فيها حتى توفاه الله، أسس رضي الله عنه الطريقة الشاذلية بمصر، والتي شاء الله تعالى لها أن تبقى وتنتشر في ربوع الأرض إلى وقتنا هذا..هذا وللشيخ الشاذلي مجموعة أوراد وأذكار خاصة منها حزب البر.. وحزب البحر وحزب النصر وحزب الفرج وحزب الفتح ومجموعة الأحزاب المسماة الآيات وهي خمسة وعشرون حزبًا، هذا ولقد كان له أذكار وادعية خاصة تسمو بالروح وتحرك القلب، هذا وللشيخ أقوال وفيوضات ربانية منها قوله:قيل لي يا علي طهر ثيابك من الدنس تحفظ بمدد الله في كل نفس، فقلت وما ثيابي فقيل لي إن الله كساك حلة المعرفة، ثم حلة المحبة، ثم حلة الإسلام، فمن عرف الله صغر لديه كل شيء، ومن أحب الله هان عليه كل شيء.. ومن وحد الله لم يشرك به شيئا ومن أمن بالله أمن من كل شيء.. ومن أسلم لله قل ما يعصيه.. وإن عصاه اعتذر إليه.. وإن اعتذر إليه قبل عذره.. فقال الشيخ ففهمت من ذلك معنى قوله تعالى (وثيابك فطهر)..هذا وللشيخ الشاذلي كرامات أكثر من أن تحصى، وكان من أهل النور والفراسة، ومن ذلك عندما أقبل عليه فقهاء الإسكندرية مختبرين له بعد أن ذاع صيته فيها، فتفرس فيهم وسألهم، هل صليتم قط، فقالوا: هل يترك أحدنا الصلاة؟ قال لهم: يقول الله تعالى في وصف المصلين (إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين).. فهل أنتم كذلك إذا مسكم الشر لا تجزعون وإذا مسكم الخير لا تمنعون.. هذا حال المصلين فهل هذا حالكم فسكتوا جميعا.هذا ومن أقواله رضي الله عنه: استعذ بالله من شر الدنيا إذا أقبلت، ومن شرها إذا أدبرت ومن شرها إذا أنفقت ومن شرها إذا أمسكت، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوصاني فقال: لا تنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب الله ولا تجلس إلا حيث تأمن من معصية الله ولا تصحب إلا من تستعين به على طاعة الله ولا تصطف لنفسك إلا من تزداد به يقينًا، وقال رضي الله عنه: إن من أعظم القربات عند الله تعالى مرافقة النفس بقطع إرادتها وطلب الخلاص منها بترك ما تهوى لما يرجى من حياتها.وقال رضي الله عنه: إذا ضيق الله عليك أيها المريد وسد عليك أبواب الرزق وقسي عليك قلوب عباده فاعلم أنه يريد أن يواليك اثبت ولا تضجر، وقال يتقلب العبد ما بين القبض والبسط والحق عز وجل يقضي منك العبودية فيهما فمن كان في حال القبض فليعلم أن أسبابه ثلاثة ذنب أحدثه أو دنيا ذهبت عنه أو ظالم يؤذيه في ماله ونفسه فإن كنت أذنبت فاستغفر وإن كنت ذهبت عنك الدنيا فارجع إلى ربك وإن كنت ظلمت فاصبر واحتمل واحذر أن تظلم نفسك فتنتصر لها.هذا وإذا ورد عليك قبض ولم تعلم له سببا فالوقت وقتان ليل ونهار فالقبض أشبه بالليل والنهار أشبه بالبسط وإذا ورد عليك القبض بغير سبب تعلمه فالواجب عليك السكون في ثلاث في (القول والحركة والإرادة)، وقال إياك والاختيار والتدبير وإن كان لك لابد أن تدبر فدبر على ألا تدبر واختر على ألا تختار، وقال السعادة في الرضا والراحة في التسليم.هذا وفي آخر رحلة له للحج مرض الشيخ فسأل الله تعالى أن تقبض روحه الطاهرة في أرض لم يعص بها فتحقق له ذلك وتوفي بحميثراء بصحراء عيذاب في أول ذي القعدة عام ٦٥٦ هجريا ودفن الجسد الطاهر بأرضها وله مقام مشهور بها، هذا وقد عمرت الصحراء وأصبحت قرية فيها معيشة وحياة ببركة الشيخ رضي الله عنه وأرضاه وأصبح مرقده الشريف عامرًا بزواره من شتى بقاع الأرض، وفي الختام أسال الله جل وعلا أن يديم علينا محبة الصالحين ومودتهم وأن يحشرنا معهم.

مشاركة :