التشاحن السياسي ينذر بانزلاق تونس إلى أزمة غير مسبوقة | | صحيفة العرب

  • 7/20/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - استقالت الحكومة التونسية بعد أقل من خمسة أشهر على تشكيلها مما دفع بالدولة الديمقراطية الواقعة في شمال أفريقيا إلى أتون أزمة سياسية في وقت تكافح فيه مشكلات اقتصادية وتوترا اجتماعيا تفاقم بسبب جائحة فايروس كورونا المستجد. وتعيش تونس أزمة متصاعدة بين الرئاسات الثلاث، ارتفعت وتيرتها بين رئيس الوزراء المستقيل إلياس الفخفاخ وحركة النهضة الإسلامية بعد اقل من خمسة أشهر على بدء عمل الحكومة. وكان لافتا أن غياب التجانس السياسي بين مكونات الائتلاف الحكومي الذي انهار سريعا باستقالة رئيسه الياس الفخفاخ بعد خلافات مع حركة النهضة الإسلامية، سيعجل بالأزمة الراهنة. وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أعلن الخميس قبول استقالة الفخفاخ من رئاسة الوزراء، وبدء مشاورات لتكليف شخصية جديدة بتشكيل الحكومة في خطوة تصبح فيها زمام المبادرة لدى رئيس الجمهورية وتقطع الطريق أمام محاولات حركة النهضة الإسلامية سحب الثقة من الفخفاخ. وطلب سعيد الجمعة من الأحزاب والائتلافات والكتل البرلمانية تقديم مرشحيها لرئاسة الحكومة، خلفا لرئيس الوزراء المستقل، وفق إعلام محلي. وبحسب بيان صادر عن الرئاسة التونسية، فإن سعيد بعث برسالة الأربعاء، إلى رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) راشد الغنوشي، لإعلامه بتلقيه وقبوله استقالة الفخفاخ وفقا لمقتضيات الفصل 98 من الدستور. وينص الفصل 98 في بنده الأول على أنه "تعد استقالة رئيس الحكومة استقالة للحكومة بكاملها وتقدم الاستقالة كتابة إلى رئيس الجمهورية الذي يُعلم بها رئيس مجلس نواب الشعب". وتابع نص بيان الرئاسة أن "سعيد بعث أيضا برسالة ثانية إلى الغنوشي لمده بقائمة الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية، قصد إجراء مشاورات معها وذلك طبقا لما ينص عليه الفصل 89 من الدستور، بهدف تكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة". ولم يتسلم ائتلاف رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ مقاليد السلطة إلا في فبراير بعد أشهر من التشاحن السياسي في برلمان متشرذم أفرزته انتخابات أجريت في العام الماضي. وتفضي استقالة الفخفاخ الأربعاء الماضي إلى جولة جديدة من المحادثات في محاولة لتشكيل حكومة، وفي حالة التعثر على هذا الطريق، ستجرى انتخابات جديدة في وقت ترتفع فيه الأصوات مطالبة بقيادة تتسم بالشفافية للتصدي لوباء فايروس كورونا العالمي وتداعياته الاقتصادية. والمخاطر عالية في تونس التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها قصة النجاح الوحيدة، نسبيا، في كل دول "الربيع العربي" الذي انطلقت منها شرارته قبل تسع سنوات بثورة فتحت الباب للديمقراطية. وتحركت كتل برلمانية لسحب الثقة من الغنوشي بسبب انتهاكه للقانون الداخلي للبرلمان، فيما سبق أن نددت عدة أحزاب بما وصفتها بـ"الدبلوماسية الموازية" التي يقودها الغنوشي في انتهاك لصلاحيات رئيس الدولة وأيضا محاولة جرّ تونس للسياسة المحاور بالاصطفاف مع تركيا وقطر دعما لحكومة الوفاق الوطني الليبية. وكان الغنوشي قد دعا صراحة إلى موقف تونسي واضح من دعم حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة، في تماه مع الموقف التركي وتأييدا لتدخل أنقرة العسكري في ليبيا. في ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر، تعيش تونس وقت محاسبة وتدقيق في نموذجها الديمقراطي المعقد، وهو مزيج من النظامين البرلماني والرئاسي ولكن بدون محكمة دستورية، الهدف من تشكيلها فض النزاعات، ولكن لم يتم إنشاؤها حتى الآن. وقال المحلل السياسي يوسف شريف "مبعث خوفي هو أننا داخلون في حقبة من الاضطرابات ولا نملك قوة سياسية كافية لمواجهتها... إنه سيناريو قاتم للغاية". وأمام السياسيين الآن مهلة حتى أواخر أغسطس آب لتشكيل حكومة جديدة تحظى بدعم الأغلبية في البرلمان، لكنهم سيواجهون الصعاب في التغلب على الانقسامات التي خارت أمامها قوى ائتلاف الفخفاخ. ولا يزال المشهد ضبابيا في تونس بشأن التحالفات التي ستُصاغ في المستقبل القريب إثر مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة وسط تصاعد للاتهامات بين مكونات المشهد السياسي ما جعل التحذيرات تتالى من أزمة غير مسبوقة قد تنزلق نحوها البلاد.

مشاركة :