التسوّل ظاهرة موجودة في كل دول العالم؛ أكثرها تحضراً وأكثرها تخلفاً. وبقدر ما تدفع في بعض الأحيان حالة شدة العوز الشخص لاستجداء المال من المارة إلا أن هذا العمل بدأ يأخذ شكلاً تنظيمياً وبعداً عصابياً مافياوياً. وكشف الكثير من التحريات أن بعض المتسولين في واقع الأمر ليسوا محتاجين بل إن بعضهم قد بلغ درجة من الغنى نتيجة هذا الفعل الذي تحوّل إلى مهنة تدر أرباحاً مجزية، وتحويله إلى منظومة تضم أشخاصاً، يتم استغلال اصابتهم بإعاقة أو يعانون جسمانياً من أجل استعطاف الناس. ويستغل المتسولون في الشوارع الحالة الإيمانية التي تحفّز البعض على دفع المال بنية الصدقة، فنجدهم في المساجد والجوامع، وكذلك يزداد نشاطهم في المواسم الدينية كشهر رمضان والأعياد والجُمَع. وقد يصادف أن يقوم شخصان بعد الصلاة لعرض حاجتهما للمال في الوقت نفسه، دون أن يكون بينهما علاقة. وتكشف التحقيقات احتمالية استغلال بعض الجهات المشبوهة أو تعاونها مع شبكات التسول من أجل توفير المال بعد أن تم ضبط وتقنين عمليات التبرع وجمع الأموال لدى جهات معينة معروفة لدى وزارة الداخلية. ويلقى التحذير الصادر من الوزارة من التعاطف مع المتسولين وعدم تقديم أي مساعدة لهم، تبيُنها من إمكانية توظيف تلك الأموال وتمريرها لدعم عمليات قد تمس الأمن الوطني أو تضره بشكل من الأشكال. ويشير البيان الصادر من وزارة الداخلية إلى أن ممارسي هذا العمل سيتم تطبيق التعليمات بحقهم وترحيلهم خارج البلاد، ونرى أن تلك الخطوة من شأنها أن تدلل على الرؤوس التنظيمية لهذه العصابات، كما أن القبض على بعض المتسولين كفيل باختفاء شبه كامل لهذه الظاهرة كون عمل هؤلاء المتسولين يأخذ شكلاً شبكياً ما يعني أن القبض على أحدهم سيمنع زميله الآخر من المجازفة والخروج لطلب المال. ويتعدى الأمر في هذا الجانب وزارة الداخلية ليشمل وزارتي الشؤون الإسلامية والشؤون الاجتماعية معنيتين بهذا الموضوع من جهة التشديد على تطبيق التوجيهات الصادرة بهذا الشأن مع ضرورة التعاون مع الشؤون الاجتماعية المسؤولة عن مكافحة التسول والمعنية في الوقت نفسه بالإشراف على الجمعيات الخيرية، ما يمكّنها من التعامل مع الحالات التي تعاني العوز والحاجة ومنع أن يدفعها ذلك من طلب الناس.
مشاركة :