برامج رمضان واحترام الأذواق والعقول - سهام الشارخ

  • 7/10/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها عالمنا ومظاهر القتل والدمار التي تحيط بنا يأتي الإعلام ليقدم لنا برامج أتفق مع من أسماها إرهابية، سواء في المقالب العدوانية الفجة، أو في مشاهد العنف المتكررة في بعض المسلسلات، ولا أعرف كيف يمكن أن يستمتع المشاهد بسماع الأصوات المزعجة، فما المتعة في الصراخ والشتائم؟عما يعبر ذلك؟ ولماذا يتقبل المشاهد برنامجاً تعتمد فكرته على الصراخ أو الاستهزاء بالآخر؟ إن حالة الإعلام العربي تعكس شيئاً من المستوى الفكري والثقافي والأخلاقي الذي وصلنا إليه، وكثير من البرامج التافهة التي تعرض على شاشات القنوات الفضائية وخصوصاً في شهر رمضان دليل على ذلك، وإلا كيف تجد تلك البرامج إقبالاً من كثير من المشاهدين وتلقى نجاحاً واسعاً عند جمهور عريض؟ وأنا أسأل: هل يمكن أن يلام الإعلام إذا كان الجمهور ينتظر ويقبل على مثل هذا الإنتاج؟ أم أن من واجب الإعلام أن يحترم عقول المتفرجين ويرتقي بأذواقهم ولا يجبرهم على مشاهدة ما لا يليق؟ إن الكوميديا فن وعلم ومهارة والمفترض ممن ينتج ويعد ويقدم البرامج الكوميدية أن يعرف ماهو مقبول وما هو غير مقبول، وأن يتعلم ويتدرب على أصول وقواعد الكوميديا، ويشاهد البرامج الفكاهية العربية والعالمية التي ظلت على مدى عشرات السنين تلقى استحسان المشاهدين، ويدرك سر استمرار انجذاب الناس لها، وفي الوقت نفسه يتعلم من البرامج الفاشلة وأسباب فشلها. أما إذا أتينا إلى المسلسلات فإن بعضها نموذج للتقليد الأعمى، لأن منها ماهو مكرر أو مقتبس أو مستنسخ من أعمال فنية عالمية بدون أي إضافة أو اختلاف يذكر، مما يدل على نضوب وجفاف الإبداع، وضعف القدرة على التأليف رغم كل مانعيشه من أحداث وتجارب إنسانية يمكن أن تكون معيناً لا ينضب للمؤلفين والكتّاب، والمخزي أن في تلك المسلسلات ما يتضمن مفاهيم وأفكاراً لا تتناسب مع ديننا وعاداتنا وأخلاقياتنا، بل يمكن أن ترفض من كل مجتمعات العالم لأنها تتعارض مع أبسط المبادئ الأخلاقية، وبالمقابل هناك إحياء لبعض الأفكار والعادات السيئة التي يفترض أننا تجاوزناها بالعلم والمعرفة والتطور، أما برامج المسابقات التافهة فحدث ولا حرج، وبالطبع فإن رأيي لا ينطبق على كل مايقدم من برامج. لاشك أن عامل العجلة والرغبة في الربح السريع يساهم في تنفيذ وتقديم مثل تلك الأعمال التي يمجها أصحاب الذوق الرفيع من المشاهدين، ولكن من المفترض ألا يسمح بالذات وفي الشهر الفضيل أن يقدم ما لا يليق به، بل الواجب أن يستغل الإقبال الواسع من الناس على متابعة البرامج التلفزيونية في الارتقاء بأخلاقهم وفكرهم، وفتح قلوبهم للحب والتسامح وعقولهم للمعرفة والثقافة، وبث شيء من الفرح والتفاؤل في أرواحهم، وهذه مسؤولية مالكي القنوات الفضائية والقائمين عليها. فهل تتخذ التدابير اللازمة للأعوام القادمة؟

مشاركة :