القدس- قال مسؤول إيراني إن حادث نطنز قد يؤدي لإبطاء جهود إيران لتطوير وإنتاج أجهزة طرد مركزي متطورة على المدى المتوسط، فيما ردت إسرائيل الأحد، بشكل غامض على الاتهامات الموجهة إليها من قبل إيران بإمكانية الوقوف وراء سلسلة من التفجيرات التي شملت مواقع نووية منها منشأة نطنز المخصصة لتخصيب اليورانيوم الخميس الماضي. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إن بلاده “لا تقف بالضرورة وراء كل حادثة غامضة تقع في إيران”، بعد أن دفع اندلاع حريق في منشأة نطنز النووية بعض المسؤولين الإيرانيين إلى القول إنه نجم عن عملية تخريب إلكترونية. وأثار هذا الرد الذي صنفه مراقبون في خانة الباهت الكثير من الأسئلة، خاصة أن إسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع أنها القوة النووية الوحيدة في المنطقة، تعهدت في أكثر من مرة بألّا تسمح أبدا لإيران بامتلاك أسلحة نووية قائلة إن طهران تدعو إلى تدمير إسرائيل. وتنفي إيران السعي لامتلاك أسلحة نووية وتقول إن برنامجها النووي سلمي. أدت المخاوف الغربية بشأن البرنامج النووي الإيراني إلى فرض عقوبات على إيران، وفي نهاية المطاف إلى اتفاق نووي وقّعت عليه طهران في عام 2015 مع القوى العالمية ومحطة نطنز لتخصيب الوقود تحت الأرض هي إحدى المنشآت الرئيسية في برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني وواحدة من عدة منشآت إيرانية يراقبها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة. واحترقت أجزاء من المبنى المكون من طابق واحد يوم الخميس. وتتالت الانفجارات خلال الأسبوع الأخير في عدة مواقع إيرانية، حيث هز انفجار هائل السبت محطة “مدحج أهواز” لإنتاج الغاز بالقرب من منطقة الزرقان في إقليم الأهواز غربي إيران، بعد أيام من انفجار المنشأة النووية في نطنز. وتوجد في منطقة الزقان محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية ومركز سري للإنتاج النووي. كما شهد موقع “بارشين” العسكري، شرق إيران، انفجارا يوم الجمعة الماضي، قالت السلطات إنه انفجار غاز صناعي في موقع معروف بتطويره قدرات نووية وصاروخية وشهد تفجيرات في السابق. وفي علاقة بانفجار منشأة نطنز، قال مسؤولون إن إيرانيين يعتقدون أن الحادث الذي وقع في منشأة نطنز للتخصيب كان نتيجة هجوم إلكتروني، وقال اثنان منهم إن إسرائيل قد تكون هي من يقف وراءه، لكنهم لم يقدموا أي دليل على ذلك. لكن، إثر سؤال غانتس عما إذا كانت لإسرائيل صلة بالانفجارات الغامضة في مواقع نووية إيرانية؟ رد مُجيبًا راديو إسرائيل “كل تلك الأنظمة معقدة، ولها قيود سلامة مرتفعة المعايير للغاية ولست واثقا من أنهم يعلمون على الدوام كيف يلتزمون بها”. ويأتي هذا الغموض في الموقف الإسرائيلي خاصة بعدما أفادت تقارير إسرائيلية الجمعة بأن إسرائيل تستعد لرد إيراني محتمل بعد أن أشار مسؤولون في طهران إلى أن الحريق والانفجار الغامضين اللذين وقعا في منشأة نطنز قد يكون سببهما هجوم إلكتروني إسرائيلي. وذكرت هذه التقارير الإسرائيلية أن الهجوم دمر معملا تقوم فيه إيران بتطوير أجهزة طرد مركزي متقدمة لتخصيب اليورانيوم بشكل أسرع، ونقل تقرير كويتي عن مصدر لم يذكر اسمه أن الضربة تسببت في تأخير البرنامج النووي الإيراني شهرين. وكان رد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الاتهامات مماثلا لرد غانتس، حيث قال في مؤتمر صحافي الخميس “أنا لا أتطرق إلى هذه القضايا”. وما يزيد في غموض الرد الإسرائيلي أن الكثير من الأوساط الإسرائيلية تحدثت مؤخرا عن أن قادة إسرائيل باتوا يركزون في الوقت الراهن على وقف أنشطة إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة أكثر من تركيزهم على قضية ضم أراض في الضفة الغربية. وقال في هذا الصدد عاموس يادلين، رئيس معهد دراسات الأمن القومي، والرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، الجمعة في تغريدة، “وفقا لمصادر أجنبية، يبدو أن رئيس الوزراء ركز هذا الأسبوع على إيران بدلا من خطته للضفة الغربية. هذه هي السياسة التي أوصيت بها في الأسابيع القليلة الماضية”. وأضاف يادلين، “إذا اتهمت مصادر رسمية إسرائيل، فعلينا أن نكون مستعدين عمليا لاحتمال رد إيراني عبر الإنترنت أو إطلاق صواريخ من سوريا أو هجوم إرهابي في الخارج”. وبعد ساعات من حريق نطنز وانفجار الخميس، نشرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية “إيرنا” مقالا حذرت فيه من أنه “إذا كانت هناك علامات على قيام دول معادية بعبور الخطوط الحمراء الإيرانية بأي شكل من الأشكال، وخاصة إسرائيل والولايات المتحدة، فيجب أن تتم إعادة النظر بشكل أساسي في الإستراتيجية الإيرانية لمواجهة الوضع الجديد”. كما أفادت “إيرنا” بأن حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية التي لم تذكر اسمها زعمت أن إسرائيل مسؤولة عن “محاولات التخريب”. وشددت على أن إيران حاولت “منع التصعيد والأوضاع التي لا يمكن التنبؤ بها مع الدفاع في الوقت نفسه عن موقفها ومصالحها الوطنية”. محطة نطنز لتخصيب الوقود تحت الأرض هي إحدى المنشآت الرئيسية في برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني وواحدة من عدة منشآت إيرانية يراقبها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفي عام 2010، تم العثور على فايروس “ستكسنت” الإلكتروني، الذي يعتقد على نطاق واسع أنه تم تطويره من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، بعد استخدامه في هجوم إلكتروني على نطنز. وقال زئيف إلكين عضو مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي الشهر الماضي إن إيران حاولت تنفيذ هجوم إلكتروني عبر الإنترنت على أنظمة المياه في إسرائيل خلال أبريل. وتتهم إيران في السنوات الأخيرة بالسعي للحصول على أسلحة نووية، إلا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت في وقت سابق إن إيران قامت بأعمال “لدعم بعد عسكري محتمل لبرنامجها النووي” وأن هذه الأعمال توقفت بشكل كبير في أواخر 2003. وأدت المخاوف الغربية بشأن البرنامج النووي الإيراني إلى فرض عقوبات على إيران، وفي نهاية المطاف إلى اتفاق نووي وقّعت عليه طهران في عام 2015 مع القوى العالمية. وانسحبت الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق في مايو 2018، مما أدى إلى سلسلة من الهجمات المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة، وإلى تراجع طهران عن حدود الإنتاج التي التزمت بها في الاتفاق.
مشاركة :