العمالة الوافدة و ضرورة تطوير البيئة الاقتصادية | أ.د. سامي سعيد حبيب

  • 11/9/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الشلل الذي أصاب الكثير من مؤسسات القطاع الخاص بالمملكة العربية السعودية عقب بدء تطبيق حملة تصحيح أوضاع العمالة الوافدة للمملكة كما هو الحال في جميع دول العالم بعد أن منحت فرصة ستة أشهر للمؤسسات والأفراد لتصحيح أوضاعهم طبقاً لنظام الكفيل ، و الارتفاع المفاجئ لتكلفة العمالة في كل الأعمال لاسيما في قطاع الإنشاء والتعمير بشكل خاص إذ وصل الارتفاع المشار إليه ما بين عشية وضحاها إلى زهاء 40% منذ البدء في تطبيق الحملة مع بداية العام الهجري الجديد ، فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم البطالة بين الشباب السعودي والتي تتراوح تقديرات معدلاتها ما بين 15 – 30% لظهر جلياً للعيان وجود خلل كبير في تركيبة سوق العمل بالمملكة لا يمكن حله بمجرد القيام بحملة تصحيحية تتناول جانباً واحداً من جوانب المعادلة ، فالأصل أن المملكة تمر بمرحلة ازدهار اقتصادي كبير ممثلاً في الميزانيات الهائلة في السنوات الأخيرة ، وأنها تتمتع بنمو سكاني يقارب الـ 5% أي قوة عاملة فتية إن نحن أحسنا تدريبها و تأهيلها لسوق العمل بما يتوافق مع احتياجات السوق. بالطبع يتطلع كل شاب وشابة إلى الحصول على وظائف راقية كالطب والهندسة وسواهما من الأعمال المعتبرة اجتماعيا ، لكن حكمة المولى اقتضت أن لا يكون جميع الناس بذات القدرات و المواهب ليسخر الله الناس بعضهم لبعض ، وبداية حل الإشكالية في التناقض المشار إليه أعلاه هو إعادة هندسة المجتمع بالنسبة لنظرته للعمل ، وعدم تصنيف الناس اجتماعياً بناءً على المهن التي يمتهنونها ، بل المقياس الصحيح هو تقوى الله ثم المواطنة الصالحة ( البعد عن الكبائر والمحرمات ) ، وأن جميع الأعمال التي يمتهنها الناس يعضد بعضها بعضاً في خدمة المجتمع ككل ، وأن لا ننسى أبداً أن كل الأنبياء والمرسلين اشتغلوا في فترة من فترات حياتهم بأعمال متواضعة نسبياً بين النجارة والحدادة و حتى رعي الأغنام كما كان من سيد الأولين والآخرين قدوتنا وحبيبنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم. أحد عوامل التشجيع للشباب لامتهان ( من المهنة ) الأعمال الأقل ألقاً اجتماعياً هو فتح أبواب الترقي و تطوير الذات أمامهم ومنحهم الفرص للتحول من مجرد عاملين إلى ملاك و أرباب عمل بالتدريب والتطوير الدائم. بمقياس الأمم فإن الاستثمار في إيجاد الكتلة المهنية الحرجة عالية التدريب في مجال التقنيات الصاعدة Emerging Technologies هو المطلب الأمثل ، والمقصود بالتقنيات الصاعدة هي تلك التقنيات التي ينبثق عنها معارف جديدة غير مسبوقة أو تلك التي تشكل تطبيقات إبداعية للتقنيات المعروفة حالياً أو تلك التي سيكون لها تأثير إيجابي طويل الأمد على السياسة و الاقتصاد والاجتماع أو تلك التي ستشكل فرصاً كامنة لحل المشاكل الكبرى التي تواجه البشرية جمعاء كمثل تحقيق الأمن الغذائي و المائي وتوفير الطاقة المتجددة ، وتشمل التقنيات الصاعدة على سبيل المثال لا الحصر التقنيات متناهية الصغر ( نانو تكنولوجي ) والتقنيات الحيوية و تقنيات الروبطات المتطورةAdvanced Roboticsوالطباعة ثلاثية الأبعاد التي يمكنها إعادة إنتاج المواد والأشكال الهندسية بطريقة تشبه إلى حد ما طباعة الورق ، و تقنيات المعلوماتية Informatics ، يتطلع الشباب السعودي إلى حكمة القيادة الرشيدة في التمكين للشباب في العمل و تحسين أدائهم الاقتصادي ضمن بيئة العمل السعودية من خلال تطويرها لاستيعاب جميع طبقات العمل الشريف إن جاز التعبير من الأعمال في أدنى السلم المهني إلى أعلاه كما في حالة العمل في التقنيات الصاعدة التي يمكن أن تشكل روافد اقتصادية غير مسبوقة في سوق عالمية بدأ ينزل فيها ثمن البترول بسبب الاكتشافات الجديدة لمكامن البترول و الغاز الطبيعي و تطور تقنيات استخراج البترول كما في حالة البترول الصخري أو الطيني. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (42) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :