تنمية التفكير الاستراتيجي ضرورة تنافسية | أ.د. سامي سعيد حبيب

  • 12/7/2013
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

مـا من أمـة إلا وتتطلع إلى تحقيق الصدارة و العالمـيـة في كل مناحي الحيـاة ، وعلى رأسها الأمة المسلمة أبان تمسكها بالمنهج الرباني في الحياة ، لأنها كانت تملك بحق كل المقومـات التي تؤهـلـهـا للصـدارة، حتى قال شاعرها: نحـــن أنـــاس لا تـــوسط بيننـــــــا لنا الصدر دون العالمين أو الـقـبــر تهون علينـا في المعالي نفوسنا ومن يطلب الحسنـاء لم يغلهـا المهر والصدارة تنطوي على التنافسية وعلى معاني التداول الحضاري و هي لذلك في دينامـيـة مستمرة لا تكاد تحـل في منطقـة حتى ترحـل لأخرى. وللأمم والشعوب وسائل ومناهج تخولـهـا تحقيق النقلة النوعية من حال إلى حال أفضل. أحد أهم تلك الوسائل هو تميز الأمم المتطورة بالتفكير الإستراتيجي. يمكن البحث عن ماهية التفكير الاستراتيجي في مظانه من دور البحث و معاهد الدراسـات في العالم المتقدم مثلاً ، فالعالم المتقدم يولي هذه القضية ما تستحقه من أهمية لعلمـه بمدى تأثيرهـا في حفاظه على مراكز الصدارة التي يتبوؤها ، بل إن كثيرا من المتخصصين يرى أن حاجـة العالم للتفكير الاستراتيجي لم تكن في يوم قط أعظم مما هي عليه الآن. ولذلك فقد عكفت مؤسساته الأكاديمية ودور الدراسات الاستراتيجية على دراسته والتوصل إلى عناصره الأساسية لتعزيزهـا في بيئات التعليم والعمل في تلك البلاد. ثمة شبه إجماع على أن التفكير الاستراتيجي ينطوي على وضع مسلمات و فرضيات الواقـع الراهن وبدائله العملية المتاحـة موضع المساءلة والتمحيص بغية التوصل إلى بدائـل عمليـة أحدث وأفضل منهـا ، وهو لذلك نمط من التفكير والعمل معـاً ضمن أطر من الافتراضـات والبدائـل العمـلية الجديدة الممكنـة ، أي انه تفكير متحرر من قيود ومسلمات الحـاضر مستشرف لأطر وآفـاق مستقبلية أرحب تتميز بالواقعية الممكنة مستقبلاً. و يتحلى التفكير الاستراتيجي بخصائص تميزه منها : أولاً فقه الواقـع : على المـفـكر الاستراتيجي أن يكون ذا معرفـة دقيقـة بالواقـع الذي يعيشه وتداخلات الواقع بعضه ببعض ، وبلفظ آخر على المفكر الاستراتيجي أن يكوّن لنفسـه «نموذجـاً ذهنيـاً» عن العالم من حولـه وكيفية مجريـات الأمور فيه. وعلى هذا النموذج أن يشمل مجريـات الأمور في داخل و خـارج مؤسسته. و كلمـا كان هذا النموذج أقرب تطابقـاً مع الحقيقة كلما كان المفكر أقرب إلى القدرة على التفكير الاستراتيجي السليم. ثانياً وضوح المقصـد : يجب أن يتميز التفكير الاستراتيجي بوضوح المقصد. والمعني بكلمة المقصد مفهوم محدد يركز على الموقع التنافسي الذي تؤمـل المؤسسـة التي يقوم المفكر الاستراتيجي بالتفكير لصالحها في أن تحتله في المستقبل. و لذلك فـان وضوح المقصد يحمل عددا من المعاني الـهـامــة منهـا التوجـه إلى نقطة أو موضع تنافسي افضل ، كمـا أنــه يتضمن قدراً من الاستكشاف خلال الرحلة الانتقالية من المركز القائم إلى المركز المؤمل ، وكذلك فهو يتضمن الإدراك أن نتائج هذه الرحلة تنطوي على قدر من المخاطر المرتبطة بتحديد المصير. و تلخيصاً فان المفهوم المحدد لوضوح المقصد يشتمل على معاني التوجـه ، و الاستكشاف ، و المصير بشكل ديناميكي. ثالثاً الانفتاح الذهني : و على المفكر الاستراتيجي أن يتحلى بالانفتاح الذهني حيال الأفكار الإبداعية والخبرات المختلفة للآخرين ، مما يتيح له الاستفادة من الاستراتيجيات المستجدة التي قد يتوصل إلى بلورتـهـا الآخرون. هذا يعني في داخـل المؤسسة الواحدة الإنصات إلى ما قد يكون لدى المرؤوسين و خصوصـاً المبدعين منهم من طروحات إبداعية و أفكار ابتكارية قد تفضي إلى تبني أو التعرف على بدائـل استراتيجية جديدة. و لذلك يؤكد خبراء التفكير الاستراتيجي على أن البيئة الصحية الراعية للتفكير الاستراتيجي في المؤسسات تتبنى قدراً من التواصل و التفاعل حول الأفكار والاحتمالات التجديديـة بين القمة والوسط و القاعدة في التسلسل الهرمي للمؤسسة. و المؤسسة الذي هذا شأنهـا يمكن وصفها بأنها مؤسسة متجددة ذات خيال خصيب. رابـعـاً البعد الزمني للتفكير الإستراتيجي أو التفكير عبر الوقت : من الأفكار غير الدقيقـة الشائعة عن التفكير الاستراتيجي انه تفكير منصب بشكل كلى على المستقبل ، و الحقيقة أن ارتباط التفكير الاستراتيجي بالزمن اشمل وأوسع فهو تفكير متسلسل يربط الماضي بالحاضر وصولاً إلى مستقبل يريد المفكر الاستراتيجي صنعه عن طريق رأب الفجوة بين الواقع القائم والمقصد المستقبلي فهو لذلك تفكير عابر للزمن. و هو يدرك تماماً أن ما يعنيه من الحـاضر بالنسبة لتشكيل المستقبل هو المقدرة على الابتعاد عن ممارسات الماضي وإستحداث التغيرات التي تحـول مجريـات الحـاضر من قنواتـه المعهودة إلى قنوات جديدة تعد بولادة مستقبل مرسوم المعالم. خـامسـاً التنظير : مثله مثل المنهج العلمي فـان أحد أهم سمات التفكير الاستراتيجي هو التنظير ، ويتحلى التفكير الاستراتيجي بالجمع بين الإبتكار والتحليل رغم صعوبـة الجمع بين النقيضين بسبب تأجيل التفكير التحليلي لكي لا يئد التفكير الإبداعي، ممـا يستوجب بالتالي مروره بعملية تنقيح تكراريـة مبنيـة على تشكيل الفرضيات.. إن اجتماع هذه العناصر الخمس تتيح للمفكر الاستراتيجي التوصل إلى القيمة المضـافة للتفكير الاستراتيجي والتي يمكن تلخيصها في التالي : إيجاد منتجـات جديدة أرقى من المتاح حاليـاً يكون من الصعب على المنافسة تقليدهـا مما يتيح للمؤسسة المضي في التأقلم الايجابي مع المتغيرات. وحري بنـا و ديننا الحنيف يحثنا على أن الحكمة ضالة المؤمن أن نرعى تطوير القدرة على التفكير الاستراتيجي في أفرادنا و مؤسساتنا و خصوصاً التعليمية منها من أجل مستقبل أكثر ازدهاراً وأعلى مكانـة ، وصدارة نحن أولى بها. sami_habib@maktoob.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (42) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :