من هم الأسرع إلى الانخراط في الأعمال الإرهابية والقتالية؟ هذا السؤال مثار اهتمام كثير من الباحثين والمحللين في قضايا الإرهاب، فمنهم من يرى أن التطرف الأيدولوجي الديني هو الدافع الرئيسي وراء التورط في أعمال العنف والقتل، ومنهم من يرى أن الأمر ليس كذلك بدليل وجود أعداد كبيرة من البشر المتطرفين دينياً ولكنهم لم يرتكبوا أعمال عنف، وبالمقابل هناك الكثير ممن تورط في العنف ولم يكن يحمل أفكاراً دينية متطرفة، ويرى باحثون أن النهج الذي يركز على التطرف الديني في تفسير مشاركة المقاتلين في الصراعات الدائرة يعتمد على تعريف فضفاض للدين غير قادر على تفسير دوافع السلوك العنيف، وبالتالي فإن من الأجدى البحث في مجالات أوسع تفسر هذا العنف، وعدم التركيز فقط على دور التطرف الديني، ولكن على كل المعتقدات والأفكار والمواقف بشكل عام التي يتمسك بها ولا يقبل حولها أي تفكير أو نقاش أو إعادة نظر والتي تصبح في النهاية دافعاً للعنف، وما يشاهد بعد بعض المباريات الرياضية من شغب وعنف خير مثال على التطرف والتعصب. كما لوحظ أيضاً أن بعض الأشخاص والجماعات يعتنقون أفكاراً متطرفة عندما يمرون بظروف صعبة، فقد وجد أن بعض الأشخاص الذين يفقدون وظائفهم يتخذون موقفاً عدائياً من المهاجرين يدفعهم إلى الانضمام إلى الجماعات المناهضة للهجرة بحجة أن الوافدين ينازعونهم فرص العمل في وطنهم، أو تجدهم يشاركون في حركات احتجاجية للتعبير عن سخطهم. وأثناء البحث في دوافع الإرهاب أعطيت أهمية بالغة لتأثير الأقران على غيرهم عبر وسائل الاتصال وخصوصاً تأثيرهم على الأشخاص المحبطين اليائسين الفاقدي الثقة بأنفسهم من الذين تجعلهم ظروفهم وعلاقاتهم بمن حولهم أكثر تطرفاً في أفكارهم ومواقفهم الاجتماعية، وبالتالي أسرع استجابة للعنف. من الحالات التي تدعم هذه الفكرة أن أحد الذين اعتقلوا وحوكموا من المسلمين البريطانيين بسبب انضمامهم إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة للقتال في سورية شخص ثبت أنه لم يكن يحمل أي أفكار دينية متطرفة كما اتهم، وأن ذهابه مع مجموعة من الرفاق كان محاولة منه للهروب من ظروفه وحياته الفارغة بسبب فشله في مشروعه التجاري وتعثر زواجه، فلم يكن ذهابه إلى سورية للقتال حسب أقواله التي أدلى بها في المحكمة ولكن هرباً من حياته الماضية المليئة بالأكاذيب والأخطاء، وبتأثير وإغراء من صديقه. وقد اتضح من خلال المعلومات التي جمعت عن بعض منفذي الهجمات الإرهابية الأخيرة أنهم أميل إلى العزلة والانطواء، وعلاقاتهم الأسرية ليست سوية، كما أنهم لم يحققوا أي نجاحات في حياتهم العلمية والعملية مما جعلهم صيداً سهلاً للتنظيمات الإرهابية، لذلك من الواجب إعطاء الأهمية لكل العوامل والظروف والأحداث والقرارات التي تعزز فرص التطرف والإرهاب.
مشاركة :