التعنت التركي شرق المتوسط يختبر مبدأ التضامن الأوروبي | | صحيفة العرب

  • 9/8/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يعقد الاتحاد الأوروبي يومي 24 و25 سبتمبر الجاري جلسة للنظر في آليات مواجهة التعنت التركي تجاه اليونان في شرق المتوسط. ومن المنتظر أن تشهد الجلسة تجاذبات بين الدول الأعضاء خاصة في ظل اندفاعة فرنسية لفرض عقوبات اقتصادية على تركيا وعدم تحمس ألمانيا ومالطا وإيطاليا لمثل هذه الخطوة، ما يختبر مبدأ التضامن الأوروبي زمن الأزمات. أثينا - حذر نائب وزير الهجرة اليوناني جيورجوس كوموتساكوس من أن أنقرة قد تستخدم المهاجرين ورقة للضغط على الاتحاد الأوروبي، لعدم فرض عقوبات على تركيا، فيما تستعد دول التكتل لمناقشة خطوات التصدي للاستفزازات التركية في شرق المتوسط. ولا يستبعد مراقبون لجوء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى استعمال ورقة المهاجرين في الحيلولة دون فرض عقوبات أوروبية على بلاده، إذ أن هذه الورقة أثبتت فعاليتها في عدة مناسبات سابقة، لكن الإصرار الفرنسي هذه المرة على معاقبة تركيا يحمل أبعادا استراتيجية للمجال الحيوي الأوروبي من المنتظر أن يذيب توجس عدة دول أجهضت في وقت سابق الاحتكام إلى آلية العقوبات. ويستوجب فرض عقوبات أوروبية على تركيا موافقة جميع الدول الأعضاء الـ27، فيما تحاول ألمانيا التي تجمعها علاقات اقتصادية كبيرة مع أنقرة وتخشى موجة جديدة من المهاجرين لتفادي هذا السيناريو الذي قد يعمق الانقسام الأوروبي بشأن أكثر الملفات حساسية على الإطلاق. وتنظر ألمانيا بجدية بالغة إلى هذا التهديد، فالمستشارة أنجيلا ميركل عازمة على تفادي أزمة مهاجرين جديدة خلال توليها رئاسة الاتحاد الأوروبي لنصف السنة الجاري. وأدى إعلان تركيا في مطلع العام فتح حدودها مع اليونان إلى تدفق عشرات الآلاف من المهاجرين، بعدما رفض الاتحاد الأوروبي دعم سياسات أنقرة في سوريا وهدد بفرض عقوبات عليها. وعبر مئات الألوف الحدود إلى أوروبا من تركيا عبر اليونان في 2015 و2016 قبل إبرام اتفاق توسط فيه الاتحاد الأوروبي للحد من تدفقهم، لكن أعداد الوافدين الجدد ارتفعت منذ سبتمبر 2019. وبحسب أرقام المفوضية العليا للمهاجرين، وصل أكثر من 46 ألف مهاجر إلى اليونان عام 2019، ما يزيد عن عدد الوافدين إلى إسبانيا وإيطاليا ومالطا وقبرص معا. وحتى إن كان هذا الرقم لا يقارن بمليون لاجئ وصلوا إلى أراضيها عام 2015، فإن تزايد الأعداد يعيد طرح مسألة استقبال اللاجئين في اليونان، ولاسيما مع اكتظاظ المخيمات التي أقيمت لاستقبالهم في جزر بحر إيجه، ما يجعلها عاجزة عن استقبال موجة جديدة من المهاجرين قد تتأتى عن الوضع المتأزم في شرق المتوسط. سيبستيان كورتس: سلوك تركيا في شرق المتوسط غير مقبول بالنسبة إليّ سيبستيان كورتس: سلوك تركيا في شرق المتوسط غير مقبول بالنسبة إليّ وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لوّح في وقت سابق باستعمال ملف الهجرة في لقاء جمعه مع رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل قائلا “إذا لم يتم تحقيق تقدم في المحادثات فإن تركيا ستستمر بعدم وقف الراغبين بالتوجه إلى أوروبا”. وانتقد الاتحاد الأوروبي مرارا وتكرار تركيا التي تجري عمليات تنقيب عن الغاز بالقرب من جزر كاستيلوريزو ورودس وكريت اليونانية، وهو ما تعتبره أثينا تعديا على جرفها القاري وخرقا للقوانين الدولية البحرية. وقبل تلويحه بفرض عقوبات قادت ألمانيا دور الوساطة بين أثينا وأنقرة للجلوس إلى طاولة المفاوضات وحل الخلاف بشكل سلمي، إلا أن إطلاق تركيا الأحد لمناورات عسكرية في المتوسط بدد آمال التسوية السلمية. وعرض حلف شمال الأطلسي (الناتو) وساطة في النزاع. ومع ذلك، لم تؤكد أنقرة وأثينا بعد الدخول في المحادثات. وأرسلت تركيا منذ العاشر من أغسطس سفينة “عروج ريس” للرصد الزلزالي ترافقها قوة عسكرية إلى منطقة تطالب أثينا بالسيادة عليها، ما أثار غضب اليونان التي نشرت سفنا حربية في المنطقة ردا على ذلك. وبحسب أثينا، فإن نشر سفينة “عروج ريس” التي تهدف إلى التنقيب عن المحروقات قبالة جزيرة كاستيلوريزو اليونانية في بحر إيجه على “الجرف القاري اليوناني”، هو “انتهاك لسيادتها”. وتؤجج جزيرة كاستيلوريزو القريبة جدا من المياه الإقليمية التركية غضب أنقرة لأن السيادة اليونانية عليها تحرم تركيا من مساحات بحرية غنية بالغاز تمتدّ مئات الآلاف من الكيلومترات. وفي المقابل تقود فرنسا، التي تجمعها علاقات متوترة مع تركيا في عدة ملفات من سوريا إلى ليبيا، جبهة أوروبية انضمت إليها حديثا النمسا لاتخاذ إجراءات ردعية صارمة لمواجهة الاستفزازات التركية في شرق المتوسط. وقال المستشار النمساوي سيبستيان كورتس الاثنين “نريد رسم خطوط حمراء واضحة وفي حال تم تجاوزها، فإننا نريد أن تكون هناك عواقب تصل إلى حد العقوبات. إن اليونان عضو في الاتحاد الأوروبي، وسلوك تركيا بالنسبة لي يعتبر غير مقبول”. ولم تعر تركيا التهديدات الأوروبية بفرض عقوبات عليها أي أهمية، حيث تواصل عمليات المسح الزلزالي بحثا عن المحروقات في المتوسط رغم أن أثينا عبرت مرارا عن استعدادها للحوار شريطة توقف هذه الأنشطة. وكان أردوغان شدّد السبت لهجته حيال اليونان، محذّرا إيّاها بالقول “إمّا أن يفهموا بلغة السياسة والدبلوماسيّة، وإمّا بالتجارب المريرة التي سيعيشونها في الميدان”.

مشاركة :