الواقع الذي تعيشه كرة القدم الوطنية في زمن ينقلها من الهواية إلى الاحتراف لايزال شكليا، ما يحثم ضرورة الإهتمام في المقام الأول بتطوير العمل الإداري، والمؤكد بأن حجم التطور الذي نعيشه لا ينسجم أبدا مع حجم الإنفاق من ملايين الدراهم التي تقدم للأندية والمنتخبات، مادام أن نتائج ذلك مقرونة بالأساس إلى غياب برامج منسقة ومحكمة، خصوصا وأن أصعب حاجز يعترض الفرق هو الخصاص المالي الذي يقف حاجزا وعائقا أمام المسيرين والمسؤولين خاصة حينما يتعلق الأمر بفرق ينهكها الفقر المدقع، وهو أصبح غير ذي جدوى ومتجاوزا مع دفتر التحملات الذي يفرضه واقع الاحتراف. كثير من الوقائع والتفاصيل تدفعنا سنويا للتساؤل عن أي أحتراف وصلت إليه كرتنا، إذ أن الواقع المزري لكثير من مخرجاته و تفاصيله الإدارية، لا تزال قانونا على الورق في معظم أجزائه أو لدى العديد من الأندية التي طبقت منه المادة والعقود والرواتب الكبيرة فقط، وغابت نتائجه على أرض الواقع مع بروز تجاوزات وانتهاكات عدة وصور من احتراف القوانين دون احتراف التطبيق والفكر الذي يحتاج إلى وقفة وطريقة يجب التعامل معها وعلاجها، إذ أن منظومة الإحتراف ومخرجاته لن تتأتى بالشكل المتكامل، لا من حيث التشبع بقوانينه، ولا من حيث التقييم والتقويم السنوي. إلا أن الواقع الحالي يؤكد أن الإحتراف الذي لبسته كرتنا وتغنت به طويلا، رغم الكثير من اﻹجتهادات والتجديد والتغيير في مفاصل العمل وتعاقب الأشخاص، لم يخرج لنا إلا باحتراف ينهش في عظام الأندية تحت عناوين رنانة براقة يستثمرها الضالعون بمعرفة بواطن الأمور متجاهلين قوة التفاصيل والمعاناة التي لحقت بفهمه نتيجة الأخطاء التي رافقته وسيطرت عليه وانتشرت كالهشيم في مفاصله، فالإحتراف لابد ولا مفر منه وهو حق اللاعب والإداري والمدرب وحق النادي وحق الجامعة واللجان، لأن تفعيله منقوص وتطبيقه أوجع اﻷندية وأرهق خزينتها المادية. يدرك الجميع في زمن الإحتراف الكروي لدينا، أن الطريق السالك له يتطلب مشوارا إداريا طويلا وشاقا، ونجاح تجربته كفيل بتوفير مناخ عام بقراءة واستيعاب مفاهيم الإحتراف كثقافة رياضية واسعة، تتجاوز مسألة صياغة البنود، والتعاطي بواقعية مع حقيقة عدم قدرة الهواية على إدارة الإحتراف، والأمر هنا يعني إدارات الأندية في المقام الأول، كما يعني الجامعة، الجمهور، الإعلام، اللاعبين، المدربين، وكلاء اللاعبين.. الخ.. ما يدعو إلى تكريس عقلية الإحتراف كمنهج وسياسة ناجعة للعمل الإداري، وثمة بون شاسع بين الإحتراف وما تعنيه الكلمة من معنى، وبين اﻹنحراف الذي بات ملتصقا بكل فعل لا يتم وفق ضوابط واضحة ومعايير تشمل كل أسسه الأساسية. الإحتراف لدينا مهما تفاوتت بخصوصه الآراء إلا أنه كفيل بأن يجعلنا محل الإجماع على أن معاناته تكمن في عدم اتباع نظام احترافي على الرغم من سنواته التي تقارب العقد من الزمن إلا أنه لا يزال يقودنا ويقود كرتنا إلى الهاوية، أقول إلى الهاوية ليس بسبب الإحتراف كنظام وإنما بسبب قصور الفهم الذي تسيد كل المراحل وأضحى بمثابة العلة، أشياء كثيرة كشفت لنا واقع أزمة التعاطي مع الإحتراف، بل على النقيض من ذلك تم التعاطي معه وفق منظور ارتكزت كل مقوماته على المال والمال فقط، فالحقيقة وتفاصيلها تكشف لنا دور الأندية التي هي بين ثنايا هذا الوضع الثابت الذي بمفرده يتحمل الجزء الأكبر من المشكلة، فهي اﻹنعكاس الثابت على قصور الفهم الصحيح للإحتراف وما يلعبه من أثر وتأثير، لا سيما مفاهيم العقود والأجور وبما يتواكب مع أهمية الحفاظ على قوة الكرة المغربية ومنتخباتها وكذلك أنديتها. ﻭﺣﺘﻰ ﺃﻛﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺿﻮﺣﺎ، ﻓﺈﻥ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ كرة القدم الوطنية ﺃﺿﺤﻰ ﻣﻮﺯﻋﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻠﺔ ﻫﺬﺍ ﻭﺟﺒﻬﺔ ﺫﺍﻙ، ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺑﻘﺎﺀ كرتنا ﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﺮﺍﻳﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ، فما تعيشه ﺑﻌﺾ الأندية ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻮﺍﺫ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻳﻈﻬﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﻣﺪﻯ مازالت تتخبط كرتنا، في إرهاصات و تخبطات، ﻭﺃﺯﻣﺔ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻭﺗﺤﺪﻳﺎﺕ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ، كل ذلك ﻻﻓﺘﻘﺎﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ ﻭﺷﻔﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻟﻠﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺩﻓﺔ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﻘﻠﻦ.
مشاركة :