جاءتني امرأة تبكي بشدة، كأنها أصابها الوَهن من شدة البكاء. فقلتُ لها: ماذا أصابك؟! فقالت والحزن يملأُ قلبها: ابني في غاية الجمال ولكنه كثير اللعب واللهو فكنت أدعو عليه دائمًا بالمرض العضال؛ كنت أدعو عليه بعدم الحركة. والآن استجاب الله دعوتي، وأصبح أمام عيني جسدا بلا حركة. فقلت لها: لا حول ولا قوة إلا بالله، استعيني بالله واصبري، وكما كنتِ تكثرين من الدعاء عليه، اكثري من الدعاء له بالشفاء. وأنا اليوم أطرح عليكم معاشر الآباء والأمهات سؤال: ألم تكونوا أطفالا؟! كيف يكتسب الطفل الصغير الخبرة إلا بالتجارب؟! مهمتكم هي تقييم التجربة، والنصح لهم، وإرشادهم إلى مواطن الإيجابية والسلبية فيها. واعلموا جميعًا أن عقولهم ليست كعقولنا، وخبراتهم ليست كخبراتنا. أطفالكم كنزكم الثمين حافظوا عليهم، وادعوا لهم، ولتكن قدوتكم امرأة عمران إذ قالت: إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم. قال تعالى: «وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» .( أل عمران ٣٦). فاستجاب الله لها وجعل وليدتها، وابنها -السيدة مريم وسيدنا عيسى- استثناءً بسبب دعائها. فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « كل مولود من بني آدم يمسه الشيطان بإصبعه إلا مريم بنت عمران وابنها عيسى».(رواه مسلم) فأحسنوا إلى أبنائكم و استثمروا كنزكم الثمين، وحتى تنشئوا جيلا سويا صالحا اقتربوا من أبنائكم ، أكثروا من الدعاء لهم، حاوروهم، كونوا لهم صديقا مخلصا، وصاحبا أمينا.
مشاركة :