في مجتمعنا الريفي كثيرًا ما نرى صورة العائلة الواحدة، تلك العائلة التي تضم الأب، والأم، والأولاد، وزوجاتهم، وكذلك الأحفاد. وهذه الصورة للعائلة الواحدة كثيرًا ما تنتشر فيها بعض المشكلات؛ التي منشأها الغيرة، أو الحقد، أو عدم محبة الأمهات لزوجات الأبناء، أو العكس. هذا هو الكثير الشائع؛ بل عفوًا هذا هو المعتقد الفاسد؛ حيث إن مجتمعنا الريفي مجتمع إخلاص، ووفاء، مجتمع يطبق قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: « مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، ويَعْرِفْ حَقَ كَبِيرِنَا؛ فَليْسَ مِنَّا» رواه البخاري. وفي مقالنا اليوم سنتحدث عن امرأة تُدعى ( سميرة) هي مثال للإخلاص والوفاء، وما سميرة إلا امرأة ريفية مصرية، تتسم بالبساطة والفطرة السوية. سميرة ربة منزل تزوجت في منزل العائلة الواحدة، كانت تقوم بخدمة أم زوجها، وأبيه، ليس هذا فقط بل تقوم بخدمة أجداده. ما رأيتها تذمرت، وما سمعتها ساخطة أو شاكية؛ بل أراها سعيدة بما تقوم به أراها دائمًا حريصة على سماع دعائهم لها. تمر الأيام وإذ بالبيت يخلو، فالموت قد غَيَّب أصحابه واحدًا تلو الأخر، وما ترك سوى جد الزوج الذي أرهقه كِبر السن فقد تجاوز المائة عام. أرى هنا الإخلاص والوفاء قد تمكن من قلب هذه الريفية، أراها تبدأ يومها بإيقاظه لصلاة الفجر، تساعده في النهوض والوضوء، تُعِد له من الطعام ما يحب وما يستطيع أكله، تحرص على دوائه، تتحدث معه، تقترب منه تهمس في أذنيه قائلة: "أنت بركة هذا البيت". هذا الجدّ المبارك الذي تمكن حفظ القرآن من قلبه لا تخونه الذاكرة يظل يتحدث وهي تسمع ولا تتذمر، تخدم أولادها، وزوجها، وتخصص وقتًا لجدهِ. إذا نظرنا إلى هذا البيت وجدناه بيتًا مباركًا؛ حيث كان الجد في صغرهِ أحرص الناس على عبادة ربه؛ ذاكرًا لله، مصليًا على رسول الله، مطبقًا لدين الله في معاملته مع كل الناس حتى داخل بيته تراه حريصًا على إسعاد أولاده وأحفاده؛ فكان الجزاء من جنس العمل؛ فكما أحسن إليهم صغارًا أكرموه كبارًا، فأحبوه ووقروه، وقَبَلُوا يديه عرفانًا بعطفه عليهم وإحسانه إليهم . حتى أن الله سخر له من يقوم بتمريضه، وخدمته ومساعدته، فأصبحت سميرة ابنته التي لم يلدها، وما زالت البنت البارة تؤدي دورها إلى الآن. وبعد عرضنا لهذا النموذج الطيب هل ما زال ريفنا المصري ريف حسد، وغيرة، ومشاحنات؟ أترك لكل منكم المجال للإجابة عن هذا السؤال.
مشاركة :