عندما نبشر بقدوم مولود جديد يزيّن الله به حياتنا؛ تغمرنا الفرحة والبهجة والسرور، هم زينة للحياة الدنيا، معهم وبهم نخوض غمار الحياة، نرى في أعينهم أملًا مشرقًا لمستقبل أفضل، نتمنى لهم أكثر من أمنياتنا لأنفسنا. هناك من لا يُفكِّر في كيفية التخطيط لرعاية وتربية هذا الطفل، وكيف يُقدِّم له كل ما يحتاجه من حب وعناية وتنشئة سليمة، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، الطفل عقل مفكر وصفحة بيضاء ينقش عليها ما لا تمحيه السنون. في طفولتنا ذكرياتٌ لا تُنسى، غرست في أذهاننا قيمًا وتجارب وخبرات، منها ما هو مؤلم وآخر مفرح، ولكن لحظات الألم تبقى أقوى في الأثر، أتذكَّر عندما كنتُ طفلة في الخامسة من عمري عرفتُ معنى الموت وفراق الأحبة، فأثر ذلك في نفسي كثيرًا، وطال هذا الأثر إلى حين، كما عرفتُ معنى الفرح والانطلاق والتعبير عن الرأي واحترامه مع أهلي؛ وفي محيط مدرستي التي لا أنسى. الطفل بحاجة إلى تواصل مع من حوله، يتبادل المعلومات والمشاعر والأفكار من خلال إكسابه مهارات مهمة للغاية، وهي الاستماع، وفن الإنصات والتحدث، والتعبير عن الرأي براحة كاملة دون نهي ولا تنفير، أو تخويف أو إقصاء، أطفالنا بحاجة إلى أن نخاطبهم بلغة العيون، وبالاحتضان، وسماع دقات قلوبنا التي تخفق بحبهم. الحب لا يكون بتوفير المسكن والملبس وشراء الهدايا والسفر... وغيرها من الأمور المادية، إن كنت تحبني فعبّر عن حبك لي بفعل وتعامل، وقرب وحوار هادف بناء، لتكن لغة التواصل بيننا تسودها روح الحميمية والهدوء في الطرح، واستخدام نبرات الصوت المُعبِّرة. قد يحتاج الطفل أن يُعبِّر عن مشاعره ومكنونات نفسه بكلمة أو رسمة، لنقرأ ما بين السطور، ونُحلِّل تلك الرسومات، فهناك فنٌ مُتخصِّص في تحليل الخطوط ورسومات الأطفال، لنستكشف عالمهم وفكرهم وآمالهم وطموحاتهم، بل ومواهبهم وقدراتهم. عملية الاتصال الفعال تظهر في مواقف حياتية متعددة؛ إن كُنَّا أكثر قربًا منهم، وهم يأكلون ويشربون ويلعبون، لنتعلَّم من جديد كيف نُربِّي وكيف نتواصل مع فلذات أكبادنا. ما أجمل أن نُركِّز نظرات أعيننا ونحن نتحدث إليهم لنخاطبهم بهذه اللغة؛ التي تُعبِّر أكثر من الكلمات، من خلالها نستشعر ونحن كبار معاني الحب والاحترام والتقدير والإعجاب، فما بالنا نحرم أطفالنا من هذه المشاعر الفياضة، هم أولى الناس بها. تعبيرات الوجه ولغة الجسد من أسس مهارات الاتصال التي قد يكون بعضها فطريًا والآخر مكتسبًا، نحن بحاجة أيضًا إلى توظيفها بشكل إيجابي يُوثِّق صلتنا بأطفالنا. ومن أجل أن يتحقق لنا ما نصبو إليه، لابد أن نُخصِّص وقتًا من يومنا نقرأ فيه قصة هادفة للطفل، ونشاركهم في ألعابهم التي يُحبّون، ونتناقش معهم في كل فكرة يطرحون. نحن بحاجة إلى جيل يعرف كيف يحترم مشاعر الآخرين، ويُقدِّر ويَتقبَّل آراءهم، وأن يحافظ على هويته وشخصيته، ويعتز برأيه دون تعصّب ولا تشدّد. الابتسامة التي تعلو وجوه الأطفال ببراءة متناهية؛ نريد لها أن تبقى بيننا ونحن كبار، لنعلّمهم أن هذه الابتسامة رسول المحبة، وطريقنا إلى قلوب الآخرين. الأناشيد وأداء المشاهد الدرامية، والمشاركة في الحفلات والمناسبات الخاصة والعامة، تثري خبرات الطفل، وتتزايد ثقته بنفسه. من أهم مهارات التواصل الإنساني والتي يفتقدها كثيرون في مجتمعنا وتحتاج لكثير من الاهتمام، مهارة الإنصات والاستماع لآراء وأفكار الآخرين، وعدم مقاطعتهم، لنُعلِّم أطفالنا ونُشجّعهم على الالتزام بعادات الاستماع الجيد. نبض الطفولة: لا تُعلِّم ابنك كيف يُوافق الآخرين على كل ما يقولون ويريدون.. بل علّمه كيف ينظر إلى أعينهم وهو يقول (لا) بطريقة مهذبة.. ياسر الحزيمي. Majdolena90@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (65) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :