تنطلق قريباً الانتخابات البلدية في السعودية، وللمرة الأولى في تاريخ البلاد، تحظى المرأة بدور في السياسة المحلية كناخبة ومرشحة في هذه الدورة الثالثة من الانتخابات بعد تجربة خجولة للمرأة في انتخابات الغرف التجارية الصناعية. السعوديات يأملن بأن يكون حضورهن أقوى في انتخابات المجالس البلدية التي تعد أهم حركة انتخابية في السعودية، وهن يعتقدن أن لذلك أهمية كبرى، تتخطّى التجربة بحد ذاتها، حتى لو لم تنجح أي من هؤلاء النساء في الوصول إلى المجلس. المجالس البلدية غير مهمة على المستوى السياسي، إذ فشلت المجالس البلدية في أن تكون فاعلة على مستوى مراقبة التنمية في المدن، أو مستوى التأثير في القرارات البلدية، كما أنها أو بعضها على الأقل استخدمت كوجاهة اجتماعية للبعض، ممن لا يملكون الخبرة الكافية في التعاطي مع ملفات الحياة اليومية للناس، وعلى رغم كل ذلك فإن السعوديات يعتبرن ما سيحدث خطوة أساسية، إذ هي المرة الأولى التي يصار إلى الاعتراف بحق المرأة العادية كناخبة ومرشحة، والمرأة العادية تأتي مقابلاً لسيدات الأعمال اللاتي خضن تجربة انتخابات الغرف التجارية، وهن شريحة محدودة جداً. السعودية بلد يتوازن في خطواته الديموقراطية، فالانتخاب ثقافة تتعمق يوماً بعد يوم، وهي انطلقت من القطاع الخاص وبعض مؤسسات المجتمع المدني النادرة، لكنها ظلت دوماً بمشاركة القرار الحكومي بشكل أو بآخر، وأقرب الأمثلة انتخابات الغرف التجارية التي تكون مجالسها خليطاً من أعضاء منتخبين وآخرين تعينهم وزارة التجارة، ووحدها الشركات المساهمة من تعطي المساهمين الحق الكامل في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، وربما بعض الهيئات المهنية. والمرأة في السعودية تعتبر موجودة في السياسة، أو فلنقل في السياسة المحلية إن صحت العبارة، فهي في مجلس الشورى بالتعيين، وفي مناصب حكومية أخرى، وها هي اليوم تخطو خطوة سياسية جديدة، تكمن أهميتها أنها بالانتخاب، وهنا ستتم قراءة المجتمع من خلال النتائج، كما تم في انتخابات بلدية سابقة كانت حكراً على الرجال، إذ سيطر بغالبية ملاحظة اتجاه فكري معين على مقاعد المجالس. بعض النساء في السعودية يعتقدن أنه قبل الحقوق السياسية، أو قبل إدخالهن المجالس البلدية كمرشحات للعضوية، تنبغي معالجة جوانب أهم بكثير، مثل إصلاح حال الأسرة ووقف ممارسات العنف تجاه النساء، وتعديل بعض الأنظمة الخاصة بهن، وهن يستشهدن بعضوات مجلس الشورى اللاتي ينطبق عليهن ما ينطبق على أية سيدة أخرى من عدم الاستقلال في قرارات كثيرة. وهذه المطالبات وجيهة، لكنها لا تمنع أن المرأة بدخولها المجلس البلدي، وهذا في ظني لن يحدث سوى في مدينتين أو ثلاث فقط، ستفوز فيها واحدة أو اثنتان في كل مجلس من إجمالي نحو 80 سيدة سعودية سيخضن غمار التنافس، بدخولها ستعزز مسيرة قد تؤدي إلى تحقيق الرغبات الأخرى. لا شك في أن خوض المرأة هذا المعترك سيستغل من تيارات مع استقلالها، وأخرى مع تقييدها، لكن الأمر إجمالاً سيكون نقلة جوهرية للمجتمع، نتمنى أن تكون للأمام.
مشاركة :