صباح الحرف (البراغماتية السعودية - الروسية)

  • 6/20/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أتأمل في أسماء الوفد المرافق لولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في زيارته روسيا، فأغتبط لهذا التميز النوعي الذي يغطي مكامن القوة في عصرنا الحاضر. هناك الطاقة بنوعيها؛ التقليدي المتمثل بالنفط، والحديث المتجدد المتمثل بالطاقة الذرية والمتجددة، والعلوم والتقنية، والاستثمار، أي أننا نتحدث عن حراك عسكري يمثله رئيس الوفد وزير الدفاع، واقتصادي وعلمي وطاقوي، إضافة إلى هيئة الاستثمار ممثلة برئيسها نائبه. أفرح لأننا نتصرف ببراغماتية إيجابية ومهمة في زمن التحولات المتسارعة وأننا نثبت دوماً أننا نسير إلى من نجد معه مصلحة بلادنا أو نستقبله، حتى لو اختلفنا معه في جانب أو ملف معين، نعمل معه طالما يحترم سياستنا وإرادتنا، بل - وهذا حدث كثيراً في تاريخنا - قد نجعل حجم المصالح المشتركة وخصوصاً في مجال الاقتصاد يؤثر فيه ليصبح في جانبنا أو على الأقل في موقف محايد. يحاول البعض أن يروج منذ عقود أننا حليف لقطب واحد ونثبت دوماً أننا حلفاء مصلحتنا أولاً، ثم مصالح الأمتين الإسلامية والعربية، وأننا دوماً نحتفظ بمسافة كافية للاقتراب إذا رغبنا، وهادئة للابتعاد إذا زهدنا. منذ أن اعترف الاتحاد السوفياتي بالمملكة باعتباره أول دولة تعترف بها، إذا لم تخنّي الذاكرة، في عشرينات القرن الماضي، ونحن نحافظ على مسافة ديبلوماسية محترفة بلغة الأعمال، نسجل تحفظاتنا ومواقفنا، وروسيا تحترم ذلك، تسجل مواقفها ونحن نتفهم ذلك، ويبدو لي، وأنا قليل الخبرة في الحرب الباردة، أن أياً من طرفيها لم ينجح في استغلالنا أو توظيفنا. قوة الاقتصاد تأتي دوماً من تنوعه، وتنوع علاقتنا شرقاً وغرباً للاستفادة من ميزات كل دولة أو تخصص هو من سيقودنا إلى مزيد من القوة. جرت العادة أننا دائماً نشتري، لكن الملك سلمان وفريقه السياسي والاقتصادي يريدوننا أن نبيع، ووجود هيئة الاستثمار بقياداتها مع ولي ولي العهد لا بد أن يجلب من الروس كثيراً من الاستثمارات، خصوصاً أنهم يبحثون دوماً عن فرص في المياه الدافئة ومنافذ أكبر في الشرق الأوسط. هذه الزيارة ليست موسماً للهجرة إلى الشرق، بل هي امتداد تاريخي لعلاقات عريقة تقترب من قرن من الزمان، وهي، بقيادة الأمير الديناميكي الشاب ممثل مليكه ووطنه، حققت مكاسب نوعية ستؤتي ثمارها تباعاً على المديين المتوسط والطويل. اشتهرت روسيا دوماً ببراغماتية شديدة، ونحن لم نكن نعطي مثل هذا الانطباع، ربما لأننا في موقع القيادة الإسلامية، وأخيراً العربية، لكننا في الواقع نوظف البراغماتية لتقوية إيجابية تجعلنا، ونحن المنصفين المسالمين لمن سالمنا، نسخرها دوماً في خدمة قضايا الأمة. ولعل التغييرات التي سنراها في ملفات سورية واليمن وإيران من آثار الحراك السعودي ستثبت نبل هذه البراغماتية وعمق تأثيرها المستقبلي في توازن المنطقة.

مشاركة :