في وداع خليفة بن سلمان

  • 11/16/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

خليفة بن سلمان حكاية وطن يطول سردها  بطول عطائه وثراء تاريخه فقدت البحرين أغلى الرجال وأعزهم، لم يكن يومًا عاديًا حين اتشحت البلاد بالحزن وعمَّها الألم، فالفقد كبير والمصاب جلل، والراحل رجل دولة ورائد عملٍ وبذْل وتضحيةٍ طوال خمسة عقودٍ من الزمن البحريني، فكان علامة وكان علمًا وكان حاضرًا في كل مشهدٍ وفي كل زاوية ومكان. خليفة بن سلمان، عنوان وطنٍ اسمه البحرين، وذاكرة بناء بحرين الحداثة والأصالة والمعاصرة، أسس معادلة التوازن بين الأجيال فكان رمزها في قدرته الرائعة على المزج بين القديم والحديث، وبين التطوير والحداثة من جهة وبين الوفاء للماضي على خلفية مثلنا الشعبي في حكمته «اللي ما له أول ما له تالي». ووفق هذه الرؤية الحضارية الواعية بمعطيات الحياة والتجربة لم يترك خليفة بن سلمان للبحرين أن تفقد هويتها وشخصيتها الخاصة بها لقدرته كما أشرنا على حفظ التوازن بين ما طرأ على عالمنا من نقلات سريعة وكبيرة ضاعت معها هويات وشخصيات، وبين اللحاق على العصر والتعايش مع نقلاته واستثمار تحولاته بما يعود على البلاد وعلى الشعب بالخير والنماء وبما يخدم ركب التنمية فيه وبين التمسك بماضينا في جوانبه الخلّاقة إنسانيًا وأخلاقيًا. خليفة بن سلمان تاريخ وطن ومسيرة عمرٍ نذره للبحرين منذ مطلع شبابه حتى لحظة وفاته رحمة الله عليه. لم تغادر البحرين وجدانه وقلبه وعقله، سكنها فسكنته، تجلس اليه فتنصت لتاريخ وطن وحكايات رجال وسرديات صعاب مرت بها البحرين فأصبحت اليوم منارةً تعانق السماء في العطاء والبناء. وخليفة بن سلمان كان أحد أهم أركانها وأعمدتها، رجل دولة سبق عصره فهمًا ووعيًا وحكمةً وصبرًا وتحملاً لهمومٍ ثقال ما كان ليتأفف منها أو يتذمر، ففتح صدره وقلبه وبصيرة عاشق للوطن ما كان ليتأخر عن النزول إلى جميع ميادينه في جميع الظروف. في فرح البحرين وفي ألمها كان خليفة بن سلمان حاضرًا ومشاركًا وفاعلاً بين ناسها وأهلها، يعرفهم فردًا فردًا ويعرفونه قادرًا على أن يكون سندهم في كل أزمة وعند أية مشكلة، فيحملون همومهم وعند أعتاب مجلسه يلقون بها ليجدوا الحل من رجل منهم وإليهم. أحياؤهم بأزقتها ودواعيسها وقراهم بأسمائها وشخوصها عرفهم وعايشهم واقترب منهم ليكسر حواجز الرسميات والبروتوكولات، فاقترب من نبضهم واقتربوا من قلبه، بادلوه حبًا بحب ووفاءً بوفاء عنوانه عظيم الانتماء للوطن.. للبحرين. خليفة بن سلمان حكاية وطن يطول سردها بطول عطائه وثراء تاريخه في البناء، عايش أجيالاً سبقته عمرًا لينهل من حكمتها ويتعلم من تجاربها وعايشته أجيال بحرينية فتعلمت من حكمته ومن تجربته، فكان مدرسةً تخرجت منها أجيال بحرينية عديدة فتح لها الطريق وشجعها ودفع بها لتتعلم ولتعود إلى ميدان العمل والعطاء وظل يتابع إنجازاتها ككوادر بحرينية شابةٍ ويوجه لها النصح ويقدم المساعدة حتى انطلقت بقوة دفع خليفة بن سلمان في خدمة الوطن وأهل الوطن. هكذا كان الراحل الكبير نكران ذات بلا حدود، نادر في إخلاصه وفي دأبه وفي جلده على العمل، مدركًا أن من زرع حصد، وهو يزرع لتحصد البحرين وأبناء البحرين، فسكن وجدانهم ولم يغادر حدقات عيونهم وحبات قلوبهم. وحين أزفت ساعة الوداع، ورحل خليفة بن سلمان فجعت البحرين برحيله فبكته أبًا وشقيقًا وباني دولة وركنًا من أركان الوطن الذي لن ينساه ففي كل زاوية وفي كل مكان بصمة منك خليفة بن سلمان رحمة الله عليك. وداعًا حبيب البحرين، وداعًا أيها الرجل الإنسان، ووداعًا لعاشق البحريــن المنغرس في ترتبها كما نخيل بلادي، وداعًا بوعلي ورحمة الله عليك.

مشاركة :