شاءت ارادة الله جل في علاه ان يترجل الفارس العربي الاصيل المغفور له بإذن الله خليفة بن سلمان عن جواده، وينتقل إلى عليين مع الانبياء والشهداء والصديقين فلا راد لأمر الله، ولا اعتراض على قضائه وقدره، نسأل الله العلي القدير ان يرحمه ويسكنه اعلى فراديس الجنان، وان يجازيه خير الجزاء على ما قدمه لشعبه وامته ودينه وللإنسانية، فقد كان رحمه الله، ظاهرة مميزة من ظواهر الربط العضوي بين الاصالة وامتدادها التاريخي الحضاري، والمعاصرة بأفقها المستقبلي المستوعب ان لم يكن السابق بمدركاته واحاسيسه وتحليلاته العميقة لما يمكن ان يحدث في المستقبل، وقد مثل طيلة حياته اروع صور التسامي في حب الشعب والدفاع عن قيمه واستقلاله وعروبته المقترن بالبناء والعطاء التي ميزت اسرة آل خليفة الكرام عبر القرون فكانوا رموزا لعزة وكرامة واصالة البحرين. فكان حب البحرين والسهر على أمنها واستقرارها، وراحة شعبها ونهضتها، شغل سموه الشاغل، فهو كريم مع شعبه ونبيل مع امته، سخي في عطائه، صادق وملتزم في وعده، ولين الجانب مع المخلصين الاوفياء، حفي بضيوفه، باسم في وجه مريديه وزواره، لا ينسى احدا، ويسأل عن ادق التفاصيل في حياتهم، ويسعى لمعونتهم ودعمهم في مواجهة التحديات التي قد تحيق بأي منهم. وسموه لا يخذل مخلصا ولا يغيب عن باله وفي، لذا فقد ترسخ حبه في قلوب وعقول اهل البحرين، وكل من احب البحرين بصدق كان يجل ويكبر في سموه ذلك الحب، فهو رمز كبرياء الوطن وعميد نهضته المعاصرة. جسد في سلوكه اليومي خصوصية، قل نظيرها في العلاقة بين سموه رحمه الله وبين تاريخ البحرين المعاصر، وبين سموه وبين عائلاتها، وبين سموه والاسر العربية العريقة في مختلف ارجاء الوطن العربي، لا بل بين سموه وبين امن الوطن والامة، فقد كان ينطلق في توجهاته لا بصفته يحمل امانة مسؤولية رئاسة مجلس الوزراء فحسب، بل بصفته الاهم الوالد الحاني والامين على شعبه. فسموه رحمه الله، لا يحيد عن اهداف وثوابت شعبه مهما ادلهمت الخطوب وتداخلت الاوراق وفقدت البواصل، فكان القوي الامين الشجاع الحازم في مواجهة الصعاب والتحديات، وهو الصادق والشفاف في الاعراب عن مرئياته، حصيفا وقويم الرأي في تقييم المواقف والتوجهات، ثابت الجنان لا تهزه ريح ولا تخيفه جعجعة السلاح. وهو المتابع الذي لا يكل أو يمل للاطلاع على اوضاع مواطنيه وإصلاح شؤونهم وايجاد انجع الحلول للمشكلات التي تواجههم في معترك الحياة، واجتثاث العقبات التي تعترض نشاطهم وتحد من ابداعهم للتعبير عن الولاء والاخلاص للوطن بأفضل صور العطاء وارقى قيم الإنجاز. وما دوره إلى جنب شقيقه المغفور له بإذن الله الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة امير البحرين الراحل رحمه الله، في إفشال الاطماع الإيرانية في البحرين ابان استقلالها عام 1971, ودور سموه البارز إلى جنب جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، في اسقاط مؤامرة 2011 وما تلاها من تداعيات، الا محطات مفصلية في تاريخ البحرين المعاصر فضلا عن المنجزات النهضوية الحضارية الكبيرة التي تحققت في البلاد منذ استقلالها إلى اليوم، فمبادرات سموه رحمه الله اكثر من ان تعد، وكان هاجسه ودافعه الأول حفظ حقوق وكرامة المواطنين وخدمتهم في مختلف المجالات كتوفير الإسكان، وتأمين أفضل الخدمات الصحية والتعليمية والتدريبية وتوسيع مجالات التوظيف، وتشجيع الاستثمار، ودعم أسعار السلع الرئيسية، والعمل على التخفيف من الأعباء التي يواجها المقاولون وصغار التجار وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتيسير عليهم، ومعاونتهم وتمكين القطاع الخاص من المشاركة الفاعلة في التنمية الاقتصادية من موقع متقدم، وتوطين وتطوير القطاع المالي والمصرفي، والنهوض بالقطاع الصناعي، وانشاء بنية تحتية ولوجستية متميزة، واحداث نقلة نوعية مبكرة في التنويع الاقتصادي في البلاد، والتعاون بين السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء والسلطة التشريعية ممثلة بمجلسي النواب والشورى، والتنسيق والتكامل مع مجلس التنمية الاقتصادية، والتعاون والدعم اللا محدود الذي يقدمه سموه رحمه الله إلى مختلف وسائل الاعلام، ومنظمات المجتمع المدني، والحرص على صون حقوق المقيمين في البلاد، وصولا إلى تحقيق التنمية المستدامة بكل ابعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، فكان فيها القائد التنفيذي الامين للمشروع الإصلاحي الرائد لجلالة الملك المفدى، مما اكسبه إشادة وتقديرا واعتزازا دائما لراعي المسيرة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى الذي حرص على وجوده إلى جانبه رئيسا للحكومة حتى انتقاله للرفيق الاعلى. كما كان يحظى من قبل بثقة المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة امير البلاد السابق رحمه الله، والاشادات المتواصلة لصاحب السمو الملكي الامير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الامين، الذي يعد سموه مدرسة في الادارة والقيادة والتوجيه. ولم تتوقف الإشادة بسمو الامير الراحل خليفة بن سلمان رحمه الله عند الحدود الوطنية، بل امتدت حول العالم عبر اشادات المسؤولين الدوليين وصناع القرار، فمنحته المنظمات الرسمية والخاصة والجامعات والمعاهد والجمعيات من شهادات تقدير لدور سموه في دعم السلام والأمن والاستقرار وحقوق الانسان والتنمية في العالم، وذلك اقرار عالمي بأن سموه رحمه الله واحد من جيل القادة العظام ورمز من ابرز الرموز الوطنية إقليميا وعالميا، ورجل دولة من طراز فريد. لقد خبر شعب البحرين والامة العربية والعالم شخصية سموه وعطاءه وجهوده السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية للارتقاء بمواطنيه وامته، النابعة من رغبة حقيقية صادقة وخبرة عميقة، ورشد وحكمة متوارثة، فسموه رحمه الله، بيت الخبرة وموئل الحكمة وكنز المشورة ومعلم الامة، ووالد الجميع. رحل الامير الوالد خليفة بن سلمان إلى عليين لكن مآثره ومنجزاته وسماته الشخصية ستبقى خالدة في عقول وقلوب كل من عرفه أو اطلع على سيرته الشخصية أو تعرف على قصة التنمية في البحرين. رحمك الله سيدي واسكنك الجنة والهم محبيك الصبر والسلوان. واصالة عن نفسي ونيابة عن اسرة السعدون اتقدم بأحر التعازي وصادق المواساة إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الامين نائب القائد الأعلى رئيس الوزراء، وسمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء وسمو الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة مستشار سمو رئيس الوزراء ولعموم الاسرة الخليفية الحاكمة الكريمة، وشعب البحرين الوفي، سائلا الله العلي القدير أن يتغمد فقيد الوطن والعروبة والانسانية بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والابرار، وأن يلهم الجميع الصبر والسلوان، وانا لله وانا اليه راجعون. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :