وفي الليل الحالك يفتقد جحا الضاحك | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 8/19/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

شخصيّة جُحَا مِن الشَّخصيّات التي تَستحق الدِّرَاسة والتَّأمُّل، وقَد كُتب عَنها الكَثير، وسيُكتب الأكثَر، لأنَّها شَخصيّة لَيست فُكَاهيّة فَقط، بَل هي تَخلط المَزح بالجدّ، والحلو بالمَالح، والح ابِل بالنَّابِل، حتَّى تَصل الرِّسَالة المَقصودة إلَى أصحَابها..! إنَّ جُحا لَيس شَخصيّة وَاحِدَة، وقَد ت عدّدت الكُتب التي تَناولته، فمِن قَائل أنَّه تُركي، ومِن قَائِل أنَّه عَربي، ومِن قَائِل أنَّه شَخص يُدعى "دُجين أبي الغصن بن ثابت الفزاري البصري"، وعَاش خِلَال الفَترة مَا بَين 6-61هـ. وأقدَم نَص تَاريخي مِن التُّرَاث العَربي وَصَل إلينَا وَرَدَ فِيهِ اسم جُحَا؛ كَان في بَيت شِعر مَنسوب إلَى "عمر بن أبي ربيعة"، أَشعر قُريش، وسيّد الغ زَل فِيهَا، حَيثُ يَقول: دَلهْتِ عَقْلِي وَتَلَعَّبْتِ بِي حَتَّى كَأَنِّي مِنْ جُنُونِي جُحَا وقَد ذَكَر شَيخنا "الجَاحِظ" أنَّ جُحا هو رَجُل اسمه "نوح"، وأنَّه عَاش مَا يَزيد عَن 100 عَام، وعَاصَر الخليفَة "أبوجعفر المنصور"..! ويُؤكِّد البَاحِث الأُستَاذ "محمد ثابت"؛ صَاحِب كِتَاب "نَوادِر جُحَا وظُرفَاء العَرَب" قَائلاً: (لقَد وَضع الجَاحِظ جُحَا في عدَاد الحَمْقَى، وجَاء ذِكره في كِتَاب "البغَال"، وجَاء في كِتَاب "ذيل زهر الآداب" لـ"الحصري"؛ أَنَّ أبَا العِبَر المُتَحَامق قَد نَقَش ع لى خَاتمه العبَارة التَّالية: "توفّى جُحَا يَوم الأربعَاء"، وأبو العِبَر هَذا شَاعر عبّاسي توفّي عَام 250 للهجرَة)..! لَا يهمّنا مَتَى عَاش جُحَا ومَتى وُلد، لأنَّ هَذه قَضية اختلَف فِيهَا المُتقدِّمون، ومَازَال يَختلف فِيها المُتأخِّرون، بَل يهمّنا تِلك النَّوادِر والمُلح والفُكَاهَات، التي تُعبِّر عَن أحَاسيسنا المَكبوتَة، ولَكم أنْ تَتأمَّلوا هَذه النُّكتَة: (مَاتت امرَأة جُحَا فلَم يَأسف عَليها كَثيراً، وبَعد مُدَّة مَات حِمَاره، فظَهَرَت عَليه عَلَامَات الغَمّ والح زَن. فقَال لَه بَعض أصدقَائه: عَجباً مِنك، مَاتَتَ امرَأتك مِن قَبل، ولَم تَحْزَن عَليهَا هَذا الحَزَن، الذي حَزنته عَلى مَوت الحِمَار. فأجَابهم قَائلاً: عِندَما توفّيت امرَأتي حَضَر الجيرَان وقَالوا: لَا تَحزن فسَوف نَجد لَكَ أحسَن مِنهَا، وعَاهدوني عَلى ذَلك، ولَكن عِندَما مَات الحِمار لَم يَأتِ أَحَد يُسلّيني بمِثل هَذه السَّلوَى.. أفلا يَجدر بِي أن يَشتدّ حَزَني؟)..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ أُوصيكم بقرَاءة جُحَا السَّاخِر السَّاحِر، لأنَّه سيُعبِّر عَن ضَمَائركم، سوَاء كَان الضَّمير مِن ذَلك النّوع المُستتر، أو مِن الصَّنف الظَّاهِر..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :