ذم الأدباء والمثقفين «الزئبقية والتلون»، وهو صحيح، فمن المهم أن يحتفظ الرجل بكلمته، لكن هذا في العهود، ولكن في قوانين القوة، من المهم أن تبدو منيعًا أمام الخصم، وألاّ يكون لك شكل واحد يسهل التصدّي له، بل اجعل خصمك يقف مذهولاً، وأنت تعيد تشكيل نفسك. بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، تم طرد اليابانيين من الصين، واستعادت الصين استقلالها، وكانت فرصة واضحة للوطنيين للقضاء على الشيوعية، لكن الحزب الشيوعي بقيادة ماوتسي تونغ، استطاع إعادة تشكيل نفسه، عدّة مرات، حسب الحاجة، وظهر بعدة أوجه، حتى استولى على الحكومة، وسيطر عليها حتى الآن. يُحكَى في التراث الصيني، قولهم الحكيم: لا يطلب الاقتداء بالقدماء في حكمهم، ولا يقيم أحكامًا ثابتة لكل زمان ومكان، ولكن يتفقد الأحوال، ويضع الحكم المناسب لكل حال، وفي الريف الصيني حرث فلاح أرضه، حتى أتى على جذع شجرة ولم يقطعه، لأنه استعصى عليه، وصادف مرور أرنب مسرعًا فاصطدم به، وترنّح، فاصطاده، فلم يكمل الحرث أملاً أن يصيد أرنبًا آخرَ، ولكن لم يأتِ أحدٌ عليه قط، فالأمور التي تحصل مصادفة ليست حكمًا ثابتًا. ومن أشهر القادة المنتصرين، البريطاني الجنرال رومل، كان لا يضع خطة كاملة، بل يضع البدايات، ثم يشكل بقية الخطة حسب ظروف وتطوّرات كل معركة، وهذا ما جعله يتمكّن من احتلال معظم شمال إفريقيا، ضد قوات هتلر. لو تم تشبيه قوتك بنهر يجري متدفقًا، أبرز خصائص الماء أنه قوة يصعب أن تتشكّل بثبات، بل تأخذ قوتها، من واقع الأرض التي تندفع عليها، والنصر يتطلّب مثل هذه الديناميكية الحيوية. #ثمانية_وأربعون_قانونًا_للقوة_روبرت_جرين القانون الثامن والأربعون: تبنَ سياسة إعادة التشكيل، وإعادة الهيكلة، والمرونة، ولا تتصلّب في مواقفك، فالثابت الوحيد اليوم، هو المتغيّر.
مشاركة :