البنوك الإسلامية الرقمية.. مفهومها ونشأتها وتطبيقاتها (2-2)

  • 2/23/2021
  • 01:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

نجم عن ظهور التكنولوجيا المالية الإسلامية Islamic Fintech ولحقها انطلاق العديد من البنوك الإسلامية الرقمية Digital Islamic banks في بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية وجنوب شرق آسيا وفي دول الخليج العربي، فمثلما تعد المملكة المتحدة عاصمة التكنولوجيا المالية الاسلامية خارج الدول الاسلامية لكثافة شركات التكنولوجيا المالية الاسلامية فيها وقدمها، فقد أسست فيها أول شركة «يلديرز» في شهر أبريل 2017م، وبلغ عددها مطلع عام 2020م (27) شركة، وهي ايضا مهد البنوك الاسلامية الرقمية، حيث تتمتع المملكة المتحدة بسمعة طويلة الأمد كمركز مالي عالمي متقدم، ومع ظهور التكنولوجيا المالية اصبحت مركزا رائدا لها، ومنذ اعلان الحكومة البريطانية في الحادي عشر من مارس 2013م تشكيل أول فريق عمل معني بالتمويل الإسلامي يهدف إلى تعزيز مكانة لندن كمركز للتمويل الإسلامي في الغرب وجعل المملكة المتحدة وجهة مفضلة للعالم الإسلامي للاستثمار وإقامة الأعمال فيها أصبحت مركزا رئيسيا للتمويل الإسلامي خارج الدول الاسلامية. في شهر يناير2020م، أطلق فيها البنك الرقمي المتوافق مع الشريعة الإسلامية Rizq الذي يعد أول تطبيق بنكي إسلامي رقمي في المملكة المتحدة، والبنك الرقمي المستدام Kestrl، وتطبيق الخدمات المصرفية الإسلامية Niyah وتتطلع البنوك الاسلامية الرقمية في المملكة المتحدة ليس الى استيعاب المسلمين فيها والبالغ عددهم اكثر من (3) ملايين نسمة، يمثلون نحو 5% من سكانها، وانما يتطلعون الى الاسواق الاوروبية حيث يبلغ عدد المسلمين نحو (20) مليون مسلم. تتميز البنوك الاسلامية الرقمية بالتزامها بالقواعد الشرعية فمثلا بنك Niyah لا يتعامل بالفائدة بنسبة 100%، وهو ما يعني أن العميل لن يدفع أي فائدة على حساباته ولن يكسب أي فائدة على ودائعه، كما ان البطاقة الائتمانية للبنك يمكن استخدامها في أي مكان في العالم وبدون رسوم. ويمكن الدخول على البنك والتسجيل فيه والاستفادة من خدماته من أي مكان في العالم وبكل يسر وبأسرع وقت ممكن، ويتيح لعملائه إدارة اموالهم وحساباتهم في أي بنك كانت. وللنجاحات الكبيرة المتوقع تحقيقها من البنك الاسلامي الرقمي، فقد تم الاستحواذ على بنك Niyah وشركة التكنولوجيا المالية التي يتبعها من قبل شركة واحد (Wahed)، وهي شركة تمويل إسلامي مقرها الولايات المتحدة الامريكية وذلك في 17 ديسمبر 2020م، علما ان شركة واحد تم تأسيسها في الولايات المتحدة في عام 2017م، كشركة تمويل اسلامي متعددة النشاطات. ويهدف Niyah من انضمامه الى شركة واحد الى تكوين كيان مالي ومصرفي كبير قادر على التوسع في خدمة سوق التمويل الاسلامي بالمملكة المتحدة من خلال إتاحة الفرصة لوصول العملاء إلى المنتجات المالية الخالية من الفوائد بما في ذلك الحسابات المصرفية الرقمية وبطاقات الخصم والاستثمارات من خلال تطبيق الهاتف المحمول. فيما تخطط شركة واحد الى الاستفادة من تجربة إطلاق البنك الرقمي في المملكة المتحدة لتوسيع نطاق وصوله المصرفي إلى أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط، حيث يتيح لها الاستحواذ على Niyah وإطلاق خدماتها المصرفية الأولى في المملكة المتحدة، والاستفادة من الفرص التي يوفرها المركز المالي الفريد لبريطانيا، والاستفادة من قاعدة عملاء واسعة تبحث عن المزيد من خدمات التمويل الإسلامي. كما شهدت كل من إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة تأسيس العديد من البنوك الاسلامية الرقمية. وعلى صعيد دول مجلس التعاون الخليجي فإن البنوك الاسلامية الرقمية التي تم اطلاقها إلى الان بدءا من عام 2015م (مصرفية ميم) هي فروع رقمية لمصارف قائمة، فمثلا مصرفية ميم هي فرع رقمي لبنك الخليج المتحد، كما ان تطبيق «الاسلامي الرقمي» الذي انطلق في شهر ابريل 2020م ليقدم الخدمات المصرفية الاسلامية الرقمية لعملائه في البحرين كأي من البنوك الرقمية، بالإضافة الى انه يتيح لهم ربط حساباتهم في البنوك الاخرى وعرضها على منصته، وهو فرع رقمي تابع لبنك البحرين الاسلامي. وعلى الرغم من أهمية البنوك الرقمية التي هي فروع من بنوك قائمة في تعزيز ثقة عملائها بعملياتها المصرفية، وانها مرحلة انتقالية متقدمة على صعيد التطور التقني المصرفي، فإنها  لا تزال تحمل جزءا مهما من موروث البنك الاصلي الذي تفرعت منه بجانبيه الايجابي والسلبي وصورته الذهنية لدى عملائها. ولم تشهد دول المجلس حتى الان انطلاق الجيل الثالث من البنوك الرقمية او ما يسمى البنوك الجديدة، التي هي عبارة عن برامج بنكية افتراضية ليست لها فروع ولم تنبثق عن بنوك قائمة، وانما موقعها الهاتف المحمول، وتجرى جميع عملياتها افتراضيا، لتشهد دول المجلس مزيدا من التقدم في المجال المالي والتقني، مواكبة العصر الرقمي الذي يشهده العالم، وبما ينعكس ايجابا على مجمل القطاعات الاقتصادية فيها، عبر ما تتيحه من فرص جديدة للتمويل، ولا سيما لقطاع شباب الاعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، وخاصة أن المجتمعات الخليجية تشهد ثلاثة اتجاهات قوية تؤكد الحاجة الملحة الى انشاء البنوك الرقمية الافتراضية، والتي تتمثل في: تبني المستهلكين للخدمات الرقمية بشكل كبير، وزيادة المسارات المتعددة القنوات الخاصة بقرارات المستهلكين، وتقبل العملاء العروض الرقمية البحتة، والحال ذاته في بقية الدول العربية، على الرغم من ان المملكة العربية السعودية والبحرين ودولة الامارات العربية المتحدة قد وفرت البيئة التنظيمية والتشريعية لتأسيس هذا النوع من البنوك الرقمية. ‭{‬ أكاديمي وخبير اقتصادي

مشاركة :