أوضح البنك المركزي السعودي أن الغرض من الترخيص للبنكين الرقميين (بنك اس تي سي، والبنك الرقمي السعودي) تقديم منتجات وخدمات مصرفية تنافسية عن طريق القنوات الرقمية كشبكة الإنترنت وتطبيقات الجوال، لتلبية الاحتياجات المالية للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة، وتوسيع الشمول المالي في المملكة عبر نموذج عمل مصرفي مبتكر ومستدام وخاضع لاشتراطات ورقابة البنك المركزي السعودي، وبما يواكب التطورات العالمية في القطاع المالي والتقني، وبما يسهم في تحقيق أهداف برنامج تطوير القطاع المالي ضمن ورؤية المملكة 2030، وخاصة أن البنك المركزي السعودي سبق أن أصدر في شهر فبراير 2020 الإرشادات والمعايير لطلب منح الترخيص للبنوك الرقمية في المملكة العربية السعودية إلى جنب المعايير والاشتراطات العامة التي يفرضها البنك على إنشاء البنوك التقليدية، والتي تضمنت أن يتخذ البنك الرقمي شكل شركة مساهمة محلية، وأن يتوافر لدى المؤسسين خبرة ومعرفة في مجال القطاع المالي، وخبرة ومعرفة مناسبة ذات صلة بالتقنية، ويمتلك المؤسسون الأهلية والقدرة والملاءة المالية لدعم تأسيس البنك الرقمي، وأن يكون لديهم فريق من ذوي الخبرات في المجال المالي والمصرفي والتقني. كما أوجبت على المتقدمين للحصول على الترخيص إرفاق خطة عمل واضحة تغطي بحد أدنى خطة البنية التحتية لتقنية المعلومات والتقنيات المبتكرة التي سيتم طرحها، والتوقعات المالية للبنك الرقمي المطلوب تأسيسه، والفئة المستهدفة، والمنتجات والخدمات المقترحة بما يتفق مع الفئات المستهدفة. مع تقديم خطة التقييم الداخلي لكفاية رأس المال، وخطة التقييم الداخلي لكفاية السيولة مع طلب الترخيص للبنك. وأكدت الإرشادات خضوع البنوك الرقمية للمتطلبات الاحترازية ذاتها التي تخضع لها البنوك التقليدية، وأن تتميز الحلول التقنية لدى البنك الرقمي بالوصول السهل والسريع إلى المعلومات بشكل دقيق وكامل لتمكين البنك المركزي من أداء مهامه الإشرافية والرقابية. وشدد البنك المركزي السعودي على أهمية تطبيق مبادئ حماية عملاء المصارف الصادرة عنه على البنوك الرقمية أسوة بالبنوك التقليدية، وأن يرفق في طلب الترخيص ما يثبت وجود الترتيبات والقنوات الضرورية لحماية ودعم العملاء بشكل كاف خلال جميع مراحل العمليات المصرفية. ومن خلال التصريحات الصحفية الصادرة عن البنك المركزي السعودي، يتضح أن البنكين الرقميين الجديدين استوفيا المعايير والاشتراطات التي وضعها البنك المركزي وأنهما مؤهلان لدخول السوق المصرفية، فمثلا شركة المدفوعات الرقمية السعودية التي تحولت إلى بنك اس تي سي، أنشئت في شهر أكتوبر عام 2018، كأول شركة تكنولوجيا مالية تابعة ومملوكة لمجموعة (STC) السعودية بنسبة 100%، ووصل عدد مستخدميها خلال السنوات الثلاث الماضية إلى أكثر من (6) ملايين مستخدم. وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية شهدت انطلاق أول بنك رقمي كفرع من بنك قائم، وهو مصرفية ميم الرقمية في شهر يناير 2015، وهي مجموعة خدمات مصرفيّة للأفراد تابعة لبنك الخليج الدولي، المملوك لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، وتعود غالبية أسهمه إلى صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية بحصة تبلغ (97.2%). إلا أن تأسيس بنكين رقميين افتراضيين مستقلين يمثل خطوة جريئة تؤسس لمستقبل رقمي حافل بالمنجزات يؤدي إلى خلق بيئة تنافسية حافزة في القطاع المصرفي يؤمل لها أن تسهم بفاعلية في دفع القطاع المصرفي السعودي للإسراع بتبني الابتكارات المالية والمصرفية المعاصرة، وبما يؤدي إلى تنويع سلة الخدمات المالية والمصرفية، ويؤمن رضا العملاء، حيث تساعد البنوك الرقمية على تنظيم إدارة الوقت وتقليص الجهد الذي يمكن أن يستغرقه العميل بمراجعة البنوك التقليدية، مما يخفف العبء عن العملاء. علاوة على أن الإحلال التقني الذي هو السمة الرئيسية لها، بدلاً عن العدد الكبير من الموارد البشرية يسهم في تدني الأخطاء وزيادة العوائد والأرباح التي تحققها، ويقلص الرسوم والفوائد والتكاليف الأخرى التي يتحملها العملاء، إضافة إلى سهولة ومرونة التعاملات البنكية، وسرعة انتشارها بين الناس، ولا سيما أن الهواتف المحمولة أصبحت جزءا أساسيا من مقتنيات مختلف الشرائح الاجتماعية، الأمر الذي يقود إلى تحقيق الشمول المالي، وخفض تكاليف التمويل واستدامته، وصولا إلى مزيد من النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، وخاصة أن للمملكة العربية السعودية تاريخا حافلا في تبني التطورات التقنية في القطاع المالي تعود إلى سنة 1990م عندما قدمت البنوك السعودية ماكينات الصراف الآلي (ATM) لخدمة العملاء خارج ساعات العمل، فيما قدم البنك المركزي السعودي نظام الدفع السعودي (شبكة سبان) لتشجيع استخدام المدفوعات الإلكترونية. وفي عام 1997م أدخل البنك نظام التحويل بين البنوك للمساعدة في رقمنة عملية التحويل بين البنوك المحلية إلكترونيا. وفي عام 2004م تم إطلاق نظام سداد للفواتير، وفي عام 2007م تم إطلاق السوق المالية الإلكترونية، وفي عام 2015م تم تغيير علامة نظام الدفع السعودي من سبان إلى مدى، وتم اعتمادها عبر الهاتف المحمول. ووفقا لتقرير فنتك السعودية السنوي لعام 2020 ارتفع عدد شركات التقنية المالية في المملكة ثلاث أضعاف ما كان عليه عام 2019، فقد ارتفع من (20) شركة عام 2019 إلى (60) شركة عام 2020، مع أكثر من (100) شركة تكنولوجيا مالية ناشئة أخرى، ما زالت في مرحلة الفكرة أو مرحلة ما قبل الإعلان التجاري. وختاما لا بد من الإشارة إلى أن البنكين الرقميين الجديدين سيخضعان لجميع متطلبات الإشراف والرقابة المطبقة على البنوك العاملة في المملكة، مع تأكيد الجوانب التقنية والأمن السيبراني ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والمخاطر التشغيلية. تحية وتقدير واعتزاز للقيادة الرشيدة للمملكة العربية السعودية التي تسارع الخطى لتحقيق النهضة الاقتصادية والتقنية، وإرساء أسس التنمية المستدامة، وتعبيد الطريق نحو المستقبل الزاهر ليس لشعبها فحسب بل للأمة العربية والإسلامية جمعاء، وما اهتمامها بالتقنيات المالية إلا تجسيد لحرصها على مواكبة التطور المتسارع في هذا المجال الحيوي الذي يعد عصب الاقتصاد العالمي، وخاصة أنها أضحت واحدة من أكبر المراكز المالية في العالم. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :