صورة واحدة وموقف مَحَوَا مواقف «لا تنسى» و«لن تنسى» فالذاكرة الوحيدة التي لا تبلى هي ذاكرة التاريخ، وكركترات تهكمية في مواقف العرب تجاه الأزمة السورية.. بعد حادثة «إيلان كردي» وصحوة أوروبا.. في مشهد كان أكبر مروج له هم العرب، عندما تم تعظيم مواقف الغرب ونتناسى ماذا فعلت المملكة ودول الخليج بحكم الإنسانية والأردن ولبنان بحكم الجوار الجغرافي الكل يعلم ماذا قدمت المملكة من إمكانيات طبية ومادية.. فهل كان العرب بحاجة إلى صورة توقظ «الضمير العالمي» وهل العالم يستحق أن نضحي بآخر نفس لإيلان، وأن نشوه إنسانيتنا ونتسابق في تداول صورة ترى بعض المدارس الصحفية بأنها إهانة لكرامة الضحايا الإنسانية؟ أم إنها خيانة لمبدأ طمس الحقيقة؟وهل سيصل اللاجئ السوري إلى مبتغاه «بعد انتشار الصورة» وتداولها عالمياً وفي الصفحة الأولى.. وهل الصورة ستنصف وستحل القضية.. أم أنها كانت وستظل مجرد رقم وحدث وخبر في صفحات الصحف!! ليبقى الأهم! «قيمة الحقيقة وقوتها» فهل الناتج يسمح لنا باستباحة خصوصيات من ماتوا في ظروف مأساوية!! وفي تصريح إعلامي أثارني، قالت كيم مورفي من صحيفة «ذا لوس أنجلس تايمز» إن محرري الصحيفة أجمعوا على ضرورة نشر الصورة، وبأن الصورة ليست هجومية، ولا دموية، ولا تافهة، إنها تحطم القلب فقط، وفيها شهادة صارخة على مأساة إنسانية تحدث في سوريا، وتركيا، وأوروبا، وغالباً ما تكون هذه المأساة غير مشهود عليها» وأضاف التصريح: كتبنا قصصاً عن آلاف المهاجرين الذين لقوا حتفهم في قوارب، أو في شاحنات، أو وحيدين على السكك الحديدية، ولكن كان يتطلب الأمر صورة لطفل صغير على شاطئ لإفهام بعض القراء حجم المعاناة.. !! فهل اختزل الإعلام في صورة أم أن الضمير بات موقفاً! منذ بداية الأزمة لم تبرز السعودية كصورة بل ككيان بإنسانيتها ومبادراتها عندما ساندت وساعدت ومنحت أكثر من 2.5 مليون سوري لاجئ الإقامة النظامية وجاء أمر سامٍ بدخول 100 ألف من أبنائهم الجامعات والمدارس الحكومية بالمجان.. ولم تضع لهم مخيمات بل استضافتهم كمقيمين شرعيين وكثير من المساهمات والتسهيلات في الأنظمة، وتوفير العلاج وإرسال المعونات ورغم ذالك لم تتكلم مع الإعلام.. ولم تمن بذلك لأن إنسانيتها تسبق «النداء»، أعتز بمملكتي.. وأعتز بكل موقف عربي.. وأحب العالم.. لن أفرق بين موقف وآخر ولكن تعظيم موقف الغرب من قبل العرب أجبرني أن أسطر كلماتي للتاريخ. أتفهم موقف بعض الصحف بأن نشر الصورة قد يساهم في رفع الوعي وجذب الانتباه حول مأساة اللاجئين،. لكنني لو كنت أملك صحيفة لقررت عدم نشرها لأني لا أستطيع الحصول على موافقة الطفل الموجود فيها، وفي اعتقادي الأكبر بأن العالم تبلد «وإن استيقظت أوربا» فلن تطيل اليقظة..
مشاركة :