•• كل شيء يمكن قبوله.. •• وكل شيء يمكن فهمه.. والتعامل معه.. إلا «الولاء».. إلا «الوطنية».. إلا «الانتماء» •• وحتى الذين يتحدثون عن التعددية في كل شيء.. لا يمكن أن يقبلوا بفكرة تعدد الولاءات.. •• وبالتالي فإنه كما أن الانتماء للأوطان هو مسألة غير قابلة للنقاش.. •• فإن «الولاء» لا يمكن تجزئته.. أو تقاسمه.. أو القبول بازدواجيته.. •• والبلد الذي يفتقد انتماء مواطنيه إليه.. •• أو انشطار ولاءاتهم بين موطنهم وبين أي مكان آخر.. هو بلد تعيس.. ومهدد في وجوده.. ومُعرَّض للخطر في أي لحظة.. •• فلا يمكن أن يكون هذا هو بلدك.. ومنبت أسرتك.. ومصدر حياتك.. وفكرك.. وإحساسك وتتحدث إليّ عن «مرجعية» أخرى تتنازعك.. عقائدياً.. أو عاطفياً.. أو ثقافياً.. •• فإما أن تكون أنت ابن هذا الوطن.. وأما أن تكون ابن تلك «التربة» الأخرى.. •• ذلك أن «الوطن» قيمة عليا.. •• ومن يقبل لهذه القيمة بأن تذوب أمام فكر آخر.. أو انتماء آخر.. فإنه يكون «ممزقاً» في مشاعره.. وثقافته.. وروابطه.. وحتى إنسانيته.. •• وهناك فارق كبير بين أن تعيش معي بجسدك وبين أن تشاركني العيش والحياة.. بإحساسك.. بروحك.. بولائك غير القابل للتجزئة بأي حال من الأحوال.. •• صحيح أن التعددية ثقافة عصر.. وواقع حياة.. •• لكن الأكثر صحة هو أن القبول ببعضنا البعض.. والتعايش مع بعضنا البعض.. لا يعني أبداً أن تجمعنا الجغرافيا.. ويوحدنا المكان فقط.. وإنما يعني أن يَصهر «الولاء الصادق» مشاعرنا.. في بوتقة الوطن.. ومرجعيته الوحيدة لأنه لا معنى لأن تكون مواطناً.. وتكون لك مرجعية أخرى.. •• ولا يصح أن تكون لك حقوق وأنت ترهن عقلك.. ومشاعرك بعيداً عن الوطن الذي منحك كل شيء.. وكان عليك أن تعطيه كل شيء أيضاً.. •• تلك هي مشكلة الشعوب التي تعيش بولائين.. بفكرين.. بمرجعيتين.. بإحساسين.. لأنه لا معنى لأن تكون معي وضدي في آن واحد.. •• ودعوني أتساءل بكل تجرد.. •• كيف تريدني أن أطمئن إليك وأنت جاري.. وأنت تقاسمني الحياة.. في المدينة.. أو الحي.. أو المنزل.. إذا لم يكن الوطن في داخلنا.. نعيش فيه ويعيش فينا.. ونخاف عليه.. ونموت من أجله.. •• أسأل السؤال وأنا أدرك أن هناك من قد يطرح سؤالاً آخر هو: كيف تريدني أن أشاركك في «مواطنيتك» وأنت لا تعطيني كل حقوقي تماماً كما تحصل عليها أنت؟ •• وجوابي الواضح والمباشر هو: أن المواطنة الصادقة تمنحك كل الحقوق.. ولكن متى؟! •• عندما يكون الوطن هو كل شيء بالنسبة لك.. ويكون ولي الأمر.. هو مرجعك الوحيد.. وتكون كل ذرة في إحساسك.. معي.. وليس معي ومع غيري في آن معاً.. •• وكم أتمنى أن نتوقف طويلاً عند هذه القضية.. وأن نشبعها بحثاً.. واستقصاءً.. وأن يتطارحها العقلاء والراشدون بكل مسؤولية.. وصولاً إلى المواطنة الحقة.. وتحصين الوطن من الداخل.. بدلاً من التجاهل واستمرار الأخطاء.. وتفاقم أوجه القصور.. والسماح لأي واقع «هش» بأن يتنامى.. أو أن يُستغل.. •• ويكفينا أننا نعيش في وطن لا مثيل له من حيث القداسة والطهر والروحانية مع الاحترام والتقدير لأي مكان آخر في هذا العالم. *** ضمير مستتر: (•• الأوطان العظيمة.. لا تُستبدل بغيرها في عقيدة الشعوب الصادقة الولاء..)
مشاركة :