ساحة اللعب في حينا بقيت كما هي، لم يطرأ عليها أي تعديل، هي الأرض الخلاء التي في طرف الحي، ليست بعيدة عن البيت، المهم بالنسبة لنا أنها كانت تلبي كل متطلبات اللعب، ألعاب البنات وألعاب الصبية، لكن هذا لا يعني أننا كنا نتبع غواية الاستكشاف فنتوغل بعيداً ونحن نجري بين الأزقة والبيوت، لكن في رمضان تحديداً كنا نلتزم الحي، فلا نتورط في أمور قد تجلب غضب الأمهات. في تلك السنوات المبكرة كان البث التلفزيوني ينتهي في ساعة مبكرة، فلم يشهد رمضان طفولتنا قنوات تلفزيونية تبث ليل نهار، ولا مسلسلات برامج طهي بلا عدد ولا حصر، ولا برامج استفسارات دينية تسمع شيخاً جليلاً يجيب فيها عن أسئلة تشعرك وكأن السائل قد دخل الإسلام منذ يومين، أو أنه يصوم للمرة الأولى في حياته، من نوعية يا شيخ القطرة تفطر، والكحل ماذا عنه؟ يا شيخ نسيت وأكلت هل اعتبر فاطراً؟ يا شيخ نسيت وقبلت زوجتي ماذا أفعل؟ ما يجعلنا نقول الحمد لله على نعمة عدم وجود مثل هذه البرامج قديماً، فرغم بساطة الناس وقلة التعليم والمدارس والمرجعيات، إلا أن الناس مارست دينها وعاشت رمضانها على أكمل وأبسط وجه، هذه البساطة التي لن تدوم طويلاً! لم نلبث طويلاً حتى هبت رياح التغيير وعاصفة التحولات علينا كما على المنطقة كلها لتجتث البساطة الإنسانية من كل شيء، وزرعت مكانها كل التعقيدات والسلوكيات شديدة التعقيد والتشابك، فكانت البرامج الدينية ورموز تلك البرامج واحدة من إفرازات عاصفة التحولات تلك والتي أضاعت منا الكثير من الوقت والشباب ولم تقدم لنا فائدة تذكر! لكن أكثر ما سرق المعنى والوهج من أيام رمضان ولياليه هي المسلسلات الرمضانية التي حولت الشهر الجليل إلى شهر مسلسلات بامتياز، بدأت جميلة وذات عمق وانتهت بتفاهات وأفكار ومبالغات لا تحتمل! لمتابعة الحلقات السابقة: ـــ هل تغير رمضان؟ 1 ـــ هل تغيّر رمضان؟ (2) طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :