مَع زَحمة الحيَاة، وسُرعة إيقَاعها، تَبدو الأمُور والمُصطلحَات والمَفاهيم سَريعَة، مِثل إيقَاع الزَّمن، لذَلك تُقبل -أحيَانًا- مِن غَير تَفكير أو تَمحيص أو تَدقيق.. هَذه هي مُقدِّمة المَقَال، أمَّا تَفاصيله، فهَا هي تَأتيكم مَاشية عَلَى استحيَاء، وانتقَاءٍ وانطوَاء..! تَقول العَرَب: «المُستحيلَات ثَلاثة، وهي رُؤية العَنْقَاء، ورُؤية الغول، ورُؤية الخِلِّ الوَفي».. والنَّاس يَتقبَّلون هَذه المُبَالَغَات، ولَم يُفكِّروا في مُنَاقشة هَذه العبَارة، أو تَكذيب بَعض مَا جَاء فِيهَا، لذَلك هَا هو «العرفج»؛ يُعلن مِن هَذا المِنبر أنَّ المُستحيلَات ثَلاثة، ولَكن يَجب أنْ نَحذف الخِلِّ الوَفي، لأنَّ الحيَاة مَليئة بالأخلاّء الأوفيَاء، كَما هِي مَليئة بالنَّاس «الوِحشين»، فَاقدي الوفَاء..! وإذَا استثنينَا الخِلِّ الوَفي مِن المُستحيلَات الثَّلاثة، لَابُد أنْ نَضع بَديلاً عَنه، لذَلك أقول: إنَّ المُستحيل الثَّالِث الذي سأَستَحدثه، هو حِزْمَة بدَاخلها ثَلاثة مَفاهيم، وأعنِي بِهَا: الخصُوصيّة، والحيَاد، والمَوضوعيّة..! هَذه المَفاهيم الثَّلَاثة عَائِمَة، ولَا تُرى بالعَين المُجرّدة، وأتحدَّى مَن يُثبت لِي؛ أنَّ هُنَاك شَعبًا لَه خصُوصيّة، أو قَلَمًا لَه حيَاديّة، أو كَاتِبًا يَلتزم بالمَوضوعيّة، بنسبة «مِيّة بالمِيّة»..! إنَّ المَوضوعيّة والحِيَاد والخصُوصيّة، مُصطلحَاتٌ اخترَعها النَّاس في غَفلةٍ مِن الزَّمن، ولَم يَجد مَن اخترعَهَا أَحدًا يُناقشه، أو يُحاوره، أو يُجادله، لذَلك نَمَت هَذه المَفاهيم مَع الزَّمن، وظَنّ النَّاس أنَّها مِن الأصنَام الفِكريّة؛ المُسلّم بِهَا..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: إنَّ الحِيَاد والمَوضوعيّة شَيئَان نِسبيّان، والمَرء يُحاول أنْ يَكون مُحايدًا ومَوضوعيًّا، هو فَقط يُحاول، وقَد يَنجح بنسبَة مُحدَّدة، أمَّا النَّجَاح الكَامِل، فهَذا مُستحيل، لأنَّ ثَقَافة المَرء، والبيئَة التي نَشَأ فِيهَا، والتَّوجُّه الذي يَحمله، كُلّها أشيَاء لَا يُمكن التَّخلُّص مِنهَا..!! T: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :