< انقسم السعوديون ومعهم كثير من العرب حول الموقف من زوجة لا نعرف بعد إن كانت سعودية، قامت بتصوير زوجها السعودي في المطبخ، وهو يتحرش بالعاملة المنزلية بموافقتها، وبابتسامة العارف من زميلتها في المطبخ، وذهب نقاش الشارع والإعلام الاجتماعي في كل الاتجاهات بدءاً من أن الإعلام الرقمي هدم قيمة «من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة»، وانتهاء بسخرية تقول «الزوج يمكن تبديله بزوج، لكن العاملة لا يمكن خسارتها». كنت سأضع العنوان: «انهيار أسرة سعودية»، على اعتبار أن هذا المقطع دق المسمار الأخير في نعش هذه الأسرة، لكن الإعلام الرقمي علمنا بألا نتسرع في الأحكام، فقد يكون خلف الأكمة ما خلفها، وتظل كل الاحتمالات مفتوحة حول هذا الشريط الذي دخل القانونيين والشرعيين في التعليق عليه لجهة جرم الزوجة بالتشهير، وجرم الزوج بارتكاب فعل فاضح في المطبخ «الخاص» بالأسرة. أول الأسئلة: ما الذي تبادر لذهن الزوجة وهي تكظم غيظ الخيانة، وتتحكم في أعصابها في لحظة يصعب على البشر الأسوياء، وتقوم بالتصوير ثم بإرسال المقطع للنشر في أرجاء المعمورة؟ هل بلغ بها اليأس من هذه العلاقة حده؟ هل أرادت كشف مستور منتشر في بعض البيوت نصرة لبنات جنسها؟ أم أنها أرادت التحذير من خطر العاملات على الأزواج؟ لن يعرف أحد على وجه التحديد نفسيتها في تلك اللحظة، وربما تكشف الأيام عن الكثير، لكن الأسئلة تتوالى عميقاً حول نظرة بعض الرجال للعاملات، وهل فعلاً هناك من يعتبرها جزئياً شيئاً من «ملك اليمين»؟ أو هو يراها قائمة بأدوار يفترض أنها للزوجة، فيخصها ببعض من حقوق الزوجة؟ هل ستغادر عش الزوجية؟ أم ستقوم بإنهاء خدمات العاملتين؟ أم ستعتبرهما مغلوبتين على أمرهما؟ أو تذهب بعيداً وأعمق وتدرك أنه جزء من انتقامهما منها بسبب تحميلهما أعمالاً أكثر من المعتاد. على رغم أنه ملف ساخن ولا يغلق إعلامياً واجتماعياً، لكن هذا التسجيل المرئي ربما ذهب بالنقاش حول قضية استقدام العاملات إلى العمق الاجتماعي السعودي، وإلى تنبيهات على سلوكيات وأخلاق الأسرة السعودية مع عمالتها المنزلية. مشكلة السعوديين التي تتحمل ربات البيوت الجزء الأكثر منها أنهم رسموا نمطاً غير مهني لعلاقتهم بالعاملة، وجعلوها تشبه كثيراً «ربة المنزل» لجهة التعمق في كل التفاصيل، بل إنها في أحيان كثيرة المربية والعاملة ومديرة المشتريات، والمرافقة الشخصية، فلا يتسق ذلك لا مع أجورهن أولاً، ثم ثانياً مع أبعادهن عن خصوصيات الأسرة، بما فيها «نزوات الزوج»، الذي تقضي أمامه العاملة، وربما معه في بعض البيوت وقتاً أكثر من شريكته، وذلك ينطبق على السائق الذي يقترب من خصوصيات ربة المنزل أحياناً أكثر من شريكها. انهار مطبخ سعودي بني أساساته الغذائية والتشغيلية على «طفرة»، وعلى كسل من أغلب أفراد الأسرة، وانهارت معه معنويات كل امرأة لا تحصل على عاملة منزلية، وهاهي اتفاقات الاستقدام تنهار يومياً مع أكثر من دولة، ولا يزال مسلسل الإدمان وعدم الرغبة في تغيير نمط الحياة مستمراً. mohamdalyami@
مشاركة :