غياب الرشد أيام “الرشيد”!! | ا.د.صالح عبدالعزيز الكريم

  • 11/28/2013
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

حديثي هنا عن أيام الرشيد هارون المعروف، وأيام الرشيد محمد أحمد وزير التربية والتعليم الأسبق، أيام الأول (هارون الرشيد) كان العلماء والأدباء، وكان الانفتاح العالمي، والتنوّع الفكري، والمخالطة الشعوبية، والتنوير، والعلم التجريبي، والحوار، ولم يذكر أن في أيامه هناك فئات مشوّهة فكرية، ومحاربة للعلم، ومعاندة لمجرد العناد، وتحمل عمق التطرّف وترفع رايته، أمّا الدكتور محمد أحمد الرشيد الرجل الوزير التعليمي المتنوّر، الذي أراد أن يقدم لأمته أحسن ما يمكن من خلال تجربة تعليمية تنويرية، ومن خلال مناهج متطوّرة، وقف في وجهه في حالة من غياب الرشد متطرفون محاربون للتطوّر والعلم والتعليم، وصبّوا على «شخصه» المؤدّب جام انتقامهم، وسوء ظنهم، فلفّقوا عليه تُهمًا شيطانية، ولاحقوه في سلوكه حتّى قذفوه بما ليس فيه، كما جاء ذلك عنه في حديثه في أكثر من موضع.. حسبي على مَن يتسلط عليه الشيطان، فيرى الناس على ضلالة وهو على الهدى، أو مَن اتّخذ هواه إلهًا فأضله الله على علم، هذه هي الحال عندما يغيب عن الإنسان الرشد، وهي حال المتطرفين في كل زمان ومكان، كيف يغيّبون ضمائرهم، ويؤجّرون عقولهم، ويبقون متعلقين بأوهام الحق المزعوم، من سوء حظ الوزير محمد الرشيد -رحمه الله- أن مجيئه كوزير جاء في الفترة الخصبة؛ لغياب الرشد، والغلو، ومحاربة التنوير والانفتاح؛ لذلك تم تعطيل مشروعه الخاص بتطوير المناهج، واتّهمت النّيات فيه، وتسربل مَن تسربل من أهل عدم الرشد ليعلّق الجرس في الوقوف وجهًا لوجه أمام الخطوات التطويرية، وذلك من باب الحرص الزائد، متَّخذًا من شخص الوزير معلاقًا يرمي عليه التهم الجزاف، خاصة أيام ضم تعليم البنات إلى وزارته، وتبني مشروع تعليم اللغة الإنجليزية كلغة ثانية في سن مبكرة، إن الغلو بكتيريا ضارة، بل شرسة ذات إفرازات سامّة، وهي تأتي من بوابة الدين الذي يغالي صاحبه فيه، ويزيد في دين الله ما ليس منه، وقد حذّر الله سبحانه وتعالى أهل الكتاب منه بقوله تعالى: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم) والثلاثة الذين تطرفوا في فهم الدين أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، وأرادوا أن يتطرفوا في تطبيقه في الصلاة، والصوم، وعدم الزواج، وجّههم الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة بقوله: (من رغب عن سنتي ليس مني)، وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: (إيّاكم والغلو)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (هلك المتنطّعون). لقد رحل الوزير الرشيد إلى ربه، حاملاً معه ملف كل مَن أساء الظن فيه، وتطرف في حقه، وتبقى السجلات عند الله الذي قال سبحانه وتعالى في شأنها: (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون)، والله سبحانه وتعالى يعفو ويصفح فيما له من حق، أمّا ما بين العباد من حقوق فمن عدله سبحانه وتعالى أن يكون فيها التقاضي يوم القيامة، رحم الله الوزير الرشيد الذي لم يحظ بأيام من التنوير كما كانت في عهد هارون الرشيد. Prof.skarim@gmail.com

مشاركة :