اجعل علاقاتك سطحية ولا تتوقع ممن حولك إهتماما انت تمارسه مع البعض، والغي من رأسك انك مهم ومحط الأنظار مالم يكن موقعك خادما للبعض بكل أنواع الخدمات أو ملجأ للأنس والأكلات، وتأكد أنها مؤقتة، حينما تتفق معي على هذا المبدأ أكمل ما بدأت أو توقف لئلا يضيع وقتك مع بقية السطور . هنيئا لأصحاب الألفة التي نراها احيانا دون الكشف عن داخل الصدور ولكن الكلمة والنظرة والإحساس من الداخل، ومخرج الألفاظ وإنتقائها أو حذفها بلا رقيب، ونوع النظرات لك والإشارات اليدوية أو بعض أعضاء الوجه والحركة والسكون كلها مؤشرات تترجمها لك روحك بالنفي أو التأكيد. أما النفي هو إزاحة ما نتج عنه من النظرة الأولية بين عينيك والآخرين، فكرهت ذاك الشعور ونفسك أبت أن ترتاح، وبعد تلك الإرهاصات علمت عكس نفور نفسك هنا تتبدل الأحوال وتطمئن الوجوه، أما التأكيد فقد شرحت لك روحك أن التلاقي مرفوض من الطرفين ولابد أن تلملم أطرافك مع تلك الشخصية وتتعايش بما يسمونه التجمّل بالكذب من أجل أن تستمر تلك اللقاءات دون تصادم معنوي أو لفظي ينتج عنه القيل والقال. زمان عندما كان الأولون يصدون أطفالهم عن شيء يتعلق به الطفل يقولون له، ( خلاص بحّه) بمعنى أنتهى ولا يوجد ماتبحث عنه، وفي عصرنا هذا تسلّم عليك الظروف المحيطة وتهدي لك التحية وتقول لك لا تبحث عن إهتمام الآخرين خلاص ( بحّه) حبيبي . كلنا في خندق واحد وأفكارنا تنقله اناملنا بكثير من الهرج المرج والتباهي والخداع والتسويف والسواد الأعظم من داخل الخندق يرغب أن ينقل لنا أنه غير نحن، هو الأفضل ومحط الأنظار، هو الأجمل الذي تنتظره الناس متى يظهر، ولا يدري أن إكتمال البدر بالسماء في منتصف الشهر بات أمرا عاديا تتأمله كثيرا في وسط الصحراء المظلمة بعيدا عن الناس، أما في داخل المدن فقد أصبح أمرا عاديا، وبات الأمر مثل من يظن نفسه أنه محط الأنظار مالم يقدّم للآخرين شيئا يجعلهم يتهافتون للشبع ويغادرون من أجل العودة والإنبساط، وعندما تضمحل الأمور فسوف تسمع صدى الصفعات التي كانت عندما كان يتراقص بإهازيج الفرحة وأعتقد انه الأروع بين الجميع لمصلحة متنوعة كان يقدمها للآخرين حتى لو كانت مشاعر وحب مزيف مع الأنين. اعتقدنا أن افلام الخمسينات والستينات محصورة خلف الشاشات الكبيرة، وظننا الحياة التي يعيشها الممثلون والممثلات حياة متميزة يتمنى الشاب والشابة أن يجدوا هذه الحياة مع الشريك القادم ، وعندما انجلت الأمور وانكشفت الأحوال، عرفنا أن حياة البسطاء أكثر شرف وراحة وإطمئنان من كثير ممن اعتقدنا انهم في نعيم الدنيا يعيشون، فذاك ممثل صال وجال وملأ الدنيا بأفلامه، تم إكتشاف موته بعد ثلاث أيام في ملحق احد العمارات كان يسدد الأجرة شهرا ويتأخر شهور، وآخر دخل مستشفى المجانين فقد كانت الأسباب المخدرات، وراقصة أهتزت لها الجيوب واليوم ترقد على السرير مثل كلب اجرب يكره الناس النظر إليه، حالات تجولت في ميادينها ورأيتها حقا رأيت، فالغني منهم هو فقير بالأخلاق ولكنه غني بالهموم والتفكير والصراع مع الخوف متى تتساقط لبناته مثل من سبقه وقد كان. كنت أظن أن الأمر كان محصورا خلف الشاشات الكبيرة ، ولكن اليوم أصبح ملكا للصغير والكبير وكل الأجناس، البعض يبحث عن إهتمام الآخرين، البعض يصنع زاوية جميله في منزله ويخدع الناس أن حياته هي الترف ويشحذ الإعجاب، كثير هم ولكنهم أصحاب الأملاك الكبيرة للهموم والفقر والدين والقلق وعلى أنفسهم يكذبون، ويرغبون الإهتمام من الآخرين بالتدليس والتسويف. الذين يعيشون بترف الحياة سكنا ولبسا ومعيشة ، فهل عبرت من أمام سكنهم وهل بحثت متسائلا لماذا هؤلاء لا يظهرون دوما على شاشاتنا الصغيرة مثل الغلابة الذين يبحثون من أجل شحذ المديح، كثير ممن يعيشون حياة البذخ بأنواعه لا يبحثون هنا عن المكاء والتصدية ولكن الكاميرات تلاحقهم ونحن نصفق لهم أكثر من الذين يقرفونا قسرا بظهورهم ، وذاك هو الفرق. مجمل القول، لكل محب حبيب واحد ، ولكل إنسان روح تتلاقى مع روح أخرى يشعر بها ويعيش معها في كل مكان، فعندما تجد تلك الروح فالله قد احبك، فعش معها بأمان وراحة بال، حينها تتفرج على من يبحثون ويشحذون من الآخرين، وقبل أن تنام تخيّل أن هؤلاء أمامك وانت تقف في علو المكان، وتقول لهم المثل القديم الذي له سحر المعنى قل لهم ( من يدري عنك يامن في الظلام تغمز ) وظهورك في الإضاءة إنما هو لحظات، مضىت ايام التسول بالإعجاب وكلمات ( واو) فقد أصبحت في مرمى النسيان، خلاص ( بحّه) فالتسول أصبح مدفونا تحت أنقاض الأطلال.
مشاركة :