سباق.. الخوف - نجوى هاشم

  • 10/15/2015
  • 00:00
  • 47
  • 0
  • 0
news-picture

"تبلغ سرعة الغزالة حوالي ك/ساعة.. وسرعة الأسد حوالي ك/ساعة.. ومع ذلك فإن الغزالة تسقط فريسة للأسد.. لماذا؟.. لأنها عندما تهرب من الأسد تؤمن بأنه سوف يفترسها وأنها ضعيفة مقارنة به.. فخوفها يجعلها تكثر الالتفات إلى الخلف لتحديد المسافة.. وهذا الالتفات المتكرر يؤثر سلباً في سرعتها ويقلص الفارق بينها وبين الأسد في الركض.. ولو عرفت الغزالة أن لديها نقطة قوة وهي السرعة لنجت منه.. ولكن استسلمت لفكرة قوته وضعفها.. "فكم من الوقت التفتنا فيه إلى الماضي فافترسنا بإحباطاته وهمومه.. وعثراته..؟ وكم من إحباط داخلنا جعلنا لانثق بأننا قادرون على النجاة وتحقيق أهدافنا وقتلنا الخوف في دواخلنا.."..! ما سبق رسالة واتس أب وصلتني وهي من الرسائل القليلة الإيجابية في مفهومها والتي تجعل القارئ يتوقف عند قراءتها ليربطها بأحداث تختص به أو تجري من حوله.. أو تطل عليه كل يوم وتؤثر دون أن يشعر في حياته.. وأحياناً تتعلق بآخرين وهي كثيرة ومتعددة..! تسمع أحدهم يقول أنا مُحبط.. وعندما تسأله: هل قدّرت المعطيات التي تمتلكها؟ يجيب: أنا لا أمتلك أي شيء يستحق أن أقدّره.. وآخر يقول عندما يشتكي وتطلب منه المحاولة لتجاوز أزماته أو مشكلاته يقول: من الصعب تجاوزها وما سيكون سيكون.. أنا متأكد.. رغم أنه لم يحاول أبداً.. مثله مثل طالب مستعد للرسوب وعندما تسأله هل ذاكرت أو استعددت للامتحان؟ يقول: لماذا أستعد وأنا متأكد أنني راسب راسب أو كما يقال زمان.. ساقط ساقط.. سقطت فعلا أو سوف تسقط ليس لأنك غير قادر كما تشعر، ولكن لأنك لم تبذل الجهد الكافي ولم تسع إلى النجاح ولم تستوطن التركيز أو تستغل القدرات التي لديك رغم أنها كما تقرر أنت محدودة..! شخص آخر أقل منك قدرات وأقل ذكاءً ومع ذلك تجاوز ولم تسأل نفسك لماذا؟ لأنه عمل على نفسه وآمن بقدراته المحدودة والبسيطة وطوّرها مدعّماً لها بالرغبة الجارفة في أن ينجح مهما كانت المعوقات.. الجهد المكثف والرغبة في النجاح.. واستغلال أي قدرة لديك مهما كانت محدودة وتطويعها إيجابياً عوامل تدفع للنجاح وتحقيق الهدف.. وهي كلها غايات تحلم بها وتربطها بأهدافك في الحياة منطلقاً إليها من إيمانك بذاتك وبما لديك وهو الأهم.. القيمة هي الإصغاء الذي مارسه الشخص الراغب في النجاح أقصد الإصغاء إلى دواخله المحفزة والداعمة والدافعة للنجاح مهما كانت صعوبته ومهما حاول الآخرون التقليل من قدرتك على تحقيقه.. بل على العكس يعيش الناس دائماً داخل مكونات الأسطورة وهي أنّ الأقوى هو من ينتصر وليس الأذكى.. يساعدهم على تكريس هذا المفهوم الشخص الأذكى لأنه يفشل دائماً ليس لعجزه أو لعدم تكافؤ الفرص ولكن لإيمانه المطلق ولدخوله المعركة ضعيفاً مستسلماً لها فيفوز الأقوى بأقل جهد.. رغم أنه كانت لديه فرص فوز لكن تسليمه لفوز الآخر قتل داخله كل طموح للفوز.. ربما الخوف وربما الاستسلام المبكر للنتيجة..! في القصة المقابلة والتي توقفنا أمامها كثيراً ونحن أطفال تتشكل الرغبة والحافز للنجاح رغم الضعف الشديد وفارق القدرات.. أمام الاستهتار واستضعاف الخصم والسخرية من قدراته وذلك في قصة "السلحفاة والأرنب" وذلك السباق الذي كانت نتيجته محسومة لصالح الأرنب الذي شعر بالغرور والانتشاء عندما ركض لمسافة طويلة برشاقة وسرعة شديدة وبعد لحظات التفت يبحث عن المتسابق الآخر السلحفاة فلم يجد لها أثراً ولم تظهر لكونها بعيدة جداً عنه.. وهو قطع مسافة طويلة قبلها في دقائق ففكر بسرعة في أن ينام ويستيقظ ويكمل السباق بعدها.. وهو متأكد أنها لم تلحق به.. وركز اعتقاده بأنه سينام ويستيقظ فيما هي لاتزال تجترّ عادة بطئها، ولن تصل إليه.. في المقابل ظلت السلحفاة وهي التي ارتضت السباق تواصل مهمتها بقدراتها التي آمنت بها وارتضت أن تدخل سباقاً كانت تعرف أنّ نتيجته كما يراها الآخرون محسومة تماماً.. لصالح الأرنب.. ولكن كانت تؤدي ما تستطيع فعله وتجاهد للوصول إلى الهدف بقدراتها المعروفة بالبطء ولكن بحماس ومثابرة ونشاط وعدم توقف أو استهتار.. وصلت السلحفاة لخط النهاية ولم تجد الأرنب الذي كان لايزال نائماً.. وفازت السلحفاة وأصبحت قصتها من الأساطير المحفزة على النجاح وبث روح الأمل وصياغة فكر جديد يدفع كل شخص بأن يؤمن بقدراته مهما كانت محدودة.. وقبل ذلك يؤدي ما هو عليه بجدية ويمتلك روح المثابرة التي تدفع إلى تحقيق الهدف مهما كانت صعوبته..! بين الأمل والمثابرة والإحباط مسافة قصيرة ولكنها هي من يحدد مصير الكثير من البشر.. هذه المسافة ترافقهم كأحلامهم وتمتد بامتداد العمر.. البقاء فيها ومرافقتها هو من يدفع بك إلى الموقع الذي ترغب أن تكون فيه وليس ما يتناسب مع قدراتك.. لأنّ الرغبة دون المثابرة لاتحقق النتيجة، وملامسة الفشل وتحويله إلى واقع قبل أن يكون هو الحياة التي قررت أن تعيش داخلها.. وما بين الرؤية والرؤية يتسلم كل شخص ما يستحقه وليس ماينبغي أن يحصل عليه.. وما ارتضاه وليس ما يفرض عليه.. ولذلك إن لم تستطع أن تدرك قدراتك أو تقدّر ما يمكنك أن تفعله وتستغل ما لديك من نقاط قوة.. فلن تبقى في مكانك فقط ولكن ستعبر كل الفرص من أمامك وأنت تشاهد برؤية تختلط فيها الصور.. والملامح..!.

مشاركة :