لتستقيم حياتنا | د. دانية آل غالب

  • 7/4/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

(الإفراط والتفريط) و(الضرر والإضرار).. سمات أصبحت طابعاً لحياة كثيرين .. ولشخصياتهم إلا من رحم الله. فكثير من الشخصيات حولنا نجدها ضعيفة هزيلة مهتزة متأثرة تميل مع الرياح. أو نجدها شخصية متحجّرة متشبّثة بأفكار بالية وقناعات ترفض الرأي الآخر وتحارب التغيير . ضاع التوازن من حياة الكثيرين.. فمالت حياتهم إلى جانب من الانحراف أدّى إلى الهلاك أو أوشك!! ويحدث ذلك مع من لا يقيم للمبادئ والدين وزنًا. فهناك فارق شاسع وبعيد جدًّا بين ما أراده الإسلام لأبنائه وما أراده الأبناء لأنفسهم . ولست أعمّم بالتأكيد .. فهناك من صفَت قلوبهم وصحّت عقيدتهم وسمت نفوسهم فأقبَلوا على دنياهم وروح الدين تنبض في صدورهم .. واستمتعوا بحياتهم ودفء التوازن يحميهم من صقيع الشطط والانحراف . فالتوازن والاعتدال هما عماد الحياة الصحيحة التي لا تتأرجح بين ظلم النفس وظلم الآخرين!! ولا يمكن أن يتحقق التوازن إلا باتباع شرع الله -عز وجل- وامتثال أوامره واجتناب زواجره، أما اتباع الآراء المجردة عن هدي الشرع ونوره، واتباعُ الأذواقِ والأهواء المخالفة، واتباع الأعراف والتقاليد الفاسدة، فلا يمكن أن يحقق توازناً واعتدالاً . إننا نشاهد حولنا الكثير من الأشخاص وقد صُبغت شخصياتهم بالتبعية والانقياد والضعف .. واتباع الأهواء والصرعات والأفكار بحسب (موضتها) والتقاليد بحسب رواجها باسم المواكبة والتطوّر والتغيير . كما نشاهد أشخاصاً تجمّدوا وتحجّروا ورفضوا التغيّر والتغيير والتطوّر والتطوير فانحرفوا عن سنة الله في كونه (التغيير والتطوير) فظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم بجمودهم الذي يدّعي التمسّك بالأصيل والثوابت . فهناك من يدّعي التطوّر ومواكبة قوافله فيتجرّد كل يوم من قيمه ومبادئه وهناك من يدّعي التمسّك بالقيم والدين والثوابت .. فيتشدّد في غير مواضع التشديد .. وينسى أن التوازن والاعتدال في الحياة مطلوبان ولا يمكن أن يتحقّقا في ظل تشدد أو تساهلُ وتفريط. لم يكن التطوّر والتقدّم يوماً يعني أن نقتلع جذورنا بأيدينا من أرض القيم والمبادئ والدين الصحيح المعتدل. كما لم يكن الحرص على التمسّك بالقيم والدين يعني أن نتحجّر وندخل أفكاراً ليست صحيحة ونلبسها رداء الدين!! ونكسبها جلالاً بأنها قيم وثوابت لا يمكن أن تتغير. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "القصدَ القصدَ تبلغوا"، أي: أن من لزم الطريق المعتدلَ بلغ مقصوده من دوام العبادة وتحصيل مرضاة الله -تبارك وتعالى- ومن جميل الكلام الذي قرأته قول أحدهم :( اتباع الهوى والتقصيرُ في طاعة الله يؤدي إلى الإخلال بمقام العبودية لله، وكذلك التشددُ والغلو يؤدي إلى انقطاع العمل والإخلال بمقام العبودية) وذلك لأن الفطرة الإنسانية لا تستطيع أن تصبر على ملازمة شدائد الأعمال والدوام عليها، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه". فللغلوّ آثار سلبية خطيرة من أبرزها أنه ينقل صاحبه إلى التساهل والتفريط. يقول شيخُ الإسلام ابنُ تيمية -رحمه الله-: "وقد رأيت من هؤلاء خلقًا كثيرًا، آل بهم الإفراط فيما يعانونه من شدائد الأعمال إلى التفريط والتثبيط والملل والبطالة، وربما انقطعوا عن الله بالكلية، وذلك لأن أصل أعمالهم وأساسها على غير استقامة ومتابعة" وإذا كان هذا في زمان ابن تيمية فكيف بزمننا؟! إننا ضائعون بين تيار متشدّد وآخر متساهل مفرّط .. وكلاهما فيهما الضلال والزيغ وفساد السموات والأرض. وأصل الحياة والدين هو الاعتدال والتوازن .. وحري بنا أن نعيدهما إلى حياتنا لتستقيم؟ alshaden@live.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :