لكي لا تزيغ القلوب | د. دانية آل غالب

  • 8/24/2013
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

استوقفتني بعض الدلائل التي أثبتت أن كلّ شيء قابل للتغيّر والتحوّل، فالقلوب تتقلّب، والأفكار تتبدل، والقناعات تزول ليحلّ محلّها غيرها. فالله تعالى يقول: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ).. وجاء في الدعاء القرآني: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا).. وفي الدعاء النبوي: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ». وأبحرتُ بحثاً حول أسباب التقلّب الذي يصيب القلب ويجعله ينتقل من حال طيّبة إلى حال سيّئة. خاصة فيما يتعلّق بأمور دين الإنسان وعقيدته.. كيف ينقلب حال القلب من الهداية إلى الغواية. ومن الصلاح إلى الضلال والانحراف. ووجدت أن الجهل من أبرز أسباب تقلّبات القلب وتحوّلاته وزيغه وضلاله. وأقصد بالجهل هنا، الجهل بحقيقة الدين.. والجهل بالدين يأتي غالباً على أحد صورتين: اتباع الشهوات، أو اتباع الشبهات.. فاتباع الشهوات يجعل المرء يتهاون في الالتزام بضوابط الشريعة، ويلهث وراء من يهوّن عليه كبائر الذنوب ويفتح له أبواب الرّخص ولو كانت بشاذ القول وغريبه.. أما اتباع الشبهات فيؤدّي إلى التنطّع والغلو. وغالبا ما يأتي ردّا على اتباع الشهوات.. وبذا تكون معالجة الانحراف بانحراف آخر. وقد أعجبني قول أحدهم: (لا يقع في الأمة توسع في الشهوات إلا نمت في أحضان هذه الشهوات شبهات).. وما بين اتباع لشهوة ونمو شبهة ضاع الناس بين فتن ومحن وتلاطمتهم أمواج الفرقة والاختلاف. فانقسموا إلى فريقين: فريق انغمس في الشهوات، وفريق تاه في الشبهات. وبين فتن أولئك وضلال هؤلاء يجد المرء نفسه متخبّطا في تفكيره. إذ تدخل في نفسه هواجس ووساوس حول تساؤل حائر يخاطب نفسه به: لو كانت هذه الأمة على حق لما كانت في هذه الحال المتردّية، ولو أن منهجها صحيح لقادها إلى العز والمجد والصدارة. وقد وجدت هذه الروح المستسلمة لهذا الزيغ وتلك الشبهة تعشعش في نفوس رهط من الناس. فانساق فريق منهم إلى تمرّد على الله تعالى وعلى شريعته.. وانساق الفريق الآخر إلى النقيض، فأخذ يحاول المقاومة بالدعوة إلى الله، لكنه اتخذ سبيل التكفير والعنف لقناعاته بأن الفساد قد تفشَّى، ولم تعد الدعوة بالحسنى تجدي!!! فأضلّه سبيل الغلو وجعله يرى أن كل من لا يُوافقه تقع عليه أحكام الكفر واستباحة دمه. وليس هناك حلّ لهذه الأزمات سوى الأخذ بأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُغَرْبَلُونَ فِيهِ غَرْبَلَةً، يَبْقَى مِنْهُمْ حُثَالَةٌ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَأَمَانَاتُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ، وَتَدَعُونَ مَا تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ». alshaden@live.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :