شرفان لا يجتمعان | د. دانية آل غالب

  • 7/19/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

جَبَل الله بني الإنسان مجتمعين ومنفردين على ميل وجدانهم ميلاً قويًّا، وحرصهم حرصًا شديدًا على طلب الشرف والرفعة، وعلو المنزلة في أبناء جنسهم، كذلك الأمم. فكلّ أمة تبتغي شرف المكانة في نفوس الأمم سواها. وفي سبيل تحقيق الإنسان لذلك قد يسلك مسلكًا شريفًا راقيًا، أو يمشي في طريق ملتوية. ومن هنا، اختلفت نظرات الناس وتوجهاتهم حول ما يثيرونه من معاني الشرف وطلب الرفعة. فهناك من يرى الشرف تشييد أفخم المساكن، والتعالي في البنيان، ووفرة الخدم والحشم. وفئة أخرى تتوهم أن الشرف يكمن في وفرة الفاخر من الثياب والحلي واصطناع المظهر البرّاق. وفئة ثالثة تتخيل الشرف في الألقاب الرفيعة، أو في رتب الوظيفة وعلو أسماءها. وآخر من الناس جلّ همه ومنتهى غايته أن ينال لقبًا من الألقاب، أو يحصل على وسام، أو يستفيد وشاحًا.. مهما كان ثمن ذلك. معتنقا مبدأ: «الغاية تبرر الوسيلة». فكل ما يرى أنه غاية فإن الوسائل المؤدّية إليه يمكن أن تُسلك مهما كانت التجاوزات. وصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: «ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم، بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه».. فهذا مثل ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم- لفساد دين المسلم بالحرص على المال والشرف في الدنيا، وأن ثمن ذلك هو فساد الدين. كفساد الغنم بذئبين جائعين انقضا يأكلان في الغنم ويفترسان فيها. وليست المشكلة في طلب الشرف. وإنّما في السبيل الذي يسلكه الإنسان لنيله. والذي ـ غالبا ـ لا يخرج عن سبيلين: الأول: طلب الشرف بالولاية والرياسة والمال. وهو سبيل مليء بالمفاتن والنقم.. يفضي ـ غالبا ـ إلى منع خير الآخرة، وشرفها وكرامتها، قال تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الآخرة نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الأرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَـاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). ولا أظننا نغفل عن حقيقة أنه نادرا ما يُوفّق من يحرص على ولايات الدنيا بطلبها وقد قال عليه الصلاة والسلام لعبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه-: «يا عبد الرحمن: لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها». قال بعض السلف: «ما حرص أحد على ولاية فعدل فيها». أما السبيل الثاني: فهو طلب الشرف والعلو على الناس بالأمور الدينية، كالعلم والعمل والدعوة والإرشاد والتوجيه، فهذا أشدّ فسادا من السبيل الأول. لأن العلم والعمل والدعوة، إنما يطلب به ما عند الله. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من تعلَّم علمًا مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا في الدنيا، لم يجد رائحة الجنة يوم القيامة». إنّ الحصول على الشرف في الدنيا لا يأتي من خير ولا يوصل إلى خير إلا إذا كان الحرص على نيل شرف الآخرة هو الغاية المنشودة، والهدف المراد. فطلب شرف الآخرة يحصل معه شرف الدنيا وإن لم يرده صاحبه ولم يطلبه، وطلب شرف الدنيا لا يجامع شرف الآخرة ولا يجتمع معه قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَـانُ وُدًّا) أي في قلوب عباده. وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن الله إذا أحب عبدًا، نادى: يا جبريل: أحب فلانًا، فيحبه جبريل، ثم يحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. alshaden@live.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :