قراءة في الاصطفاف الأمريكي الإيراني | أ.د. سامي سعيد حبيب

  • 11/30/2013
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

لا يستطيع أي متابع للسياسة الأمريكية في المنطقة العربية الإسلامية إلا أن يعجب كل العجب من تغير الخطاب الأمريكي بين عشية وضحاها من إيران التي صنفتها الإدارة الأمريكية يوماً أنها من دول محور الشر وأن برنامجها النووي يشكل أكبر تهديد للأمن والسلم العالمي وأن الحرب بينهما كانت قاب قوسين أو أدنى لتصبح إيران فجأةً "شريكاً" يمكن التعاون معه ، و كذلك تغير الخطاب الإيراني عن أمريكا التي طالما وصفها الساسة الإيرانيون بالشيطان الأكبر لتصبح دولة صديقة يمكن التعايش والتعاون بينهما ، مما يكشف ما كان يجري على مدى عقود من الزمن من تحت الطاولة من تبادلٍ للأدوار بين الطرفين. كما أصبح جلياً أن الاتفاق الأمريكي الإيراني الذي تم التوصل إليه في جنيف الأسبوع الماضي بشأن الملف النووي الإيراني و الذي وصف بأنه انفراج عالمي كان المقود الأول به هو إعلان التوافق السياسي مع إيران ذاتها ودورها الإقليمي القادم في المنطقة وليس ملف البرنامج النووي الإيراني ، الأمر الذي سيملي على كل اللاعبين الكبار في المنطقة واقعاً جديداً ركيزته الأساسية هو تحالف أمريكي-إيراني-سوري-إسرائيلي داعم لتوجهات إيديولوجية محددة هادفة بالمقام الأول إلى إجهاض قيام أي مشروع سني في المنطقة ، مبيناً و بشكل جلي أن الاصطفافات السابقة لهذا الاتفاق الأمريكي-الإيراني الاستراتيجي التاريخي كانت مبنية على كثير من الافتراضات الخطأ ، و أنه آن الأوان لإعادة النظر فيها. ثمة العديد من السيناريوهات التي يمكن أن يتخذها الاصطفاف القادم في المنطقة من بين أكثرها إيجابية أن تسعى كبريات الدول الإسلامية في المنطقة لتحقيق قدر أكبر من الاستقلالية عن الحلفاء التقليديين الذين انفضحت تقلبات مواقفهم البرغماتية وفقدوا عند جميع أبناء المنطقة ما تبقى لهم من أقل القليل من المصداقية ، اعتماداً بعد الله تعالى على القوى الناعمة للمملكة العربية السعودية كما هي مفصلة في دراسة أكاديمية راقية صادرة عن مركز الدراسات الإستراتيجية بجامعة الملك عبد العزيز بعنوان ( مكامن القوى الناعمة للمملكة العربية السعودية و سبل استثمارها محلياً و إقليمياً وعالمياً ) و كان الباحث الرئيس فيها سعادة الزميل المفكر الاستراتيجي أ.د. عصام يحيى الفيلالي ، واشتملت على العديد من المحاور منها : المحور الديني والحضاري ، والمحور السياسي ، و المحور الدبلوماسي ، والمحور الجغرافي ، والمحور الاقتصادي ، المحور الإعلامي والثقافي ، ومحور التنمية البشرية ، إضافة للتوصيات. قد يكون ما ظهر بشكل واضح في العلاقات السعودية الأمريكية في الآونة الأخيرة بسبب الملف السوري من المنطلقات الأمريكية في الحرص على المصالح الإسرائيلية أكثر حتى من خوفها على سلامة أمريكا ذاتها وتخوفاً من تحول سوريا إلى دولة إسلامية ووصف المقاومة فيها بأنها من القاعدة، قد يكون في هذا منحة إلهيةً كبرى في ثوب محنة سياسية ، فبإمكان المملكة أن تتوجه بكل ثقلها الديني والسياسي والاقتصادي لصناعة تحالفات قوية مع دول العالم الإسلامي التي تشترك معنا في المصالح المادية ضمن إطار القيم الإسلامية كمثل تركيا الدولة السنية الحضارية الناجحة على صعد كثيرة منها الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي و التي تدعو نحو الانفتاح على دول المنطقة العربية الإسلامية ذات التاريخ المشترك مع تركيا ، و منها جمهورية مصر العربية الشقيقة كدولة ذات أكبر تعداد سكاني بين الدول العربية و ذات الغالبية السنية الساحقة في تركيبتها السكانية و ذات القدرات الاقتصادية الكامنة ، و كمثل باكستان الدولة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي والتي طالما كان بينها وبين المملكة تعاون كبير حتى في المجالات العسكرية ، و منها إندونيسيا الدولة السنية الأكبر في العالم الإسلامي من ناحية التعداد السكاني والتي تربطها بالمملكة روابط ودية عميقة. تتوق شعوب المنطقة لعودة التضامن الإسلامي من جديد بزخم و عصرية تكافؤ مستجدات العصر لأمة هي خيرأمة بعيداً عن الليبرالية والتغريب. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (42) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :