باي باي ياعرب | د. عبد العزيز حسين الصويغ

  • 11/30/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الخبر الذي خرج من سوريا أخيراً وتناولته وسائل الإعلام بشئ من الطرافة من بعضها، والسخرية من البعض الآخر حول قيام أفراد تنظيم ما يُسمى بـ «داعش» أو «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، بقطع شجرة عمرها 160 عاماً، بحجة أنها تُعبد من دون الله، قد يكون كما وصفته بعض وسائل الإعلام طريفاً .. لكنه يُشكل ظاهرة ليست جديدة انطلقت من مجتمعات مقفلة التفكير، حتى لا أقول مُتخلفة. *** لا أدري لماذا، وأنا أقرأ هذا الخبر الغريب المُضحك المُبكي، تداعت أمامي إحدى أحلى وأجرأ قصائد الشاعر الكبير نزار قباني وهي قصيدة «آخر عصفور يخرج من غرناطة» التي تصور مأساة الحرب الأهلية في لبنان. فما يحدث في سوريا اليوم، وما حدث في العراق من قبل هو جرس إنذار يجب أن ننتبه له قبل فوات الأوان، فنحن أمام «غرناطة» جديدة ربما تُعلن نهاية العرب، كما أعلنت غرناطة القديمة سقوط المسلمين حين خرج آخر ملوكهم أبو عبد الله محمد بن الأحمر الصغير ذليلاً مكسوراً، حتى وصل إلى ربوة عالية تُطل على قصر الحمراء، وبحزن وأسى لم يستطع أن يتمالك نفسه، انطلق يبكي حتى بللت دموعه لحيته، حتى قالت له أمه «عائشة الحرة»: أجل؛ فلتبك كالنساء مُلْكًا لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال. (هذا التل) - الذي وقف عليه أبو عبد الله محمد الصغير- يُعرف اليوم في أسبانيا بـ «زفرة العربي الأخيرة»، وهو بكاء أبي عبد الله محمد الصغير حين ترك ملكه. *** ليس مبالغة تشبيه ما يدور حولنا اليوم من أحداث بتلك الفترة من تاريخ العرب في أسبانيا، حين تركوا خلفهم إمبراطورية عظيمة. الفرق اليوم هو أن العرب إنما يخرجون اليوم من خراب إلى خراب. لكن هذا التشبيه قادني إليه قصة الشجرة التي اقتطعها تنظيم إسلامي متخلف، وقد قطعوا قبلها رقاباً حتى لأناس كانوا محسوبين على تيارهم!! مثل هذا الفكر المُتخلف هو الذي دعا شاعرنا الكبير نزار قباني إلى كتابة واحدة من أجمل قصائده، وجُل قصائده جميلة، وهي قصيدة " آخر عصفور يخرج من غرناطة»، التي يقول فيها: عيناك.. آخر رحلةٍ ليليةٍ وحقائبي في الأرض تنتظر الهبوب تتوسل الأشجار باكيةً لآخذها معي أرأيتم شجراً يفكر بالهروب؟ والخيانة، والذنوب.. هذا هو الزمن الذي فيه الثقافة، والكتابة، والكرامة، والرجولة في غروب ودفاتري ملأى بآلاف الثقوب *** كان نزار قباني يمثل واجهة للهم العربي الذي عاشه المواطن العربي من المشرق حتى المغرب وسط غلالة من السحب السوداء ـ خاصة بعد حرب يونيو 1967ـ وكتب نزار: « منذ أيام النبي العربي.. والشام «بتتكلم» عربي، ومنذ أيام معاوية وهشام ومروان حتى أيام حافظ الأسد، ومنذ موقعة بدر، حتى موقعة جبل الشيخ، والشام مواظبة على تكلم اللغة العربية، وعلى تعليمها، إن صناعة دمشق الأساسية هي العروبة». ونقول نحن أنه أيضاً ومنذ تلك الأيام، ومنذ دخل الإسلام أرض الشام، وأهلها مُسلمون لم يعبدوا شجراً ولا حجراً. وإذا كانت شجرة عتيقة عمرها 160 عاماً تُشكل قضية كُبرى لبعض التيارات المتحاربة في أرض الشام، فإننا لا يمكن أن نقول إلا وداعاً سوريا، بل «باي باي ياعرب» .. ويا أهلاً بالتخلف؟! • نافذة صغيرة: [[لم يكن أكثر الناس تشاؤماً يتصور أن تصل الثورة السورية إلى ما وصلت إليه من ضياع مأسوي وانهيار تام للأهداف التي قامت من أجلها، ودفعت ضريبتها آلاف الأرواح البريئة على مرأى ومسمع من العالم أجمع. ثار السوريون من أجل «حياة كريمة»، وبعد عامين من نزيف الدم اكتشفوا أن ثورتهم باتت بيد مجموعات مسلحة غريبة عن التراب السوري، هدفها ليس الحياة، بل «الموت وفق ضوابط التنظيم»، هكذا بكل بساطة بات الموت الهدف الأعلى وليس الحياة.]] هاني الظاهري nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :