من المتوقع أن تتحرك الإمارات قُدمًا في سياستها لإصلاح هيكلها الضريبي بهدف تنويع تدفقات الإيرادات، بيد أن تطبيق ضرائب جديدة مثل ضريبة القيمة المُضافة قد لا تؤدي إلى زيادة حادة في معدلات التضخم إذا ما تمت إدارتها على نحوٍ سليم. وبحسب صندوق النقد الدولي، فقد أبدى الاقتصاد الإماراتي مرونة كبيرة تجاه انخفاض أسعار النفط بفضل التحصينات المالية والخارجية الكبيرة وتصور الإمارات كملاذٍ آمن بعيدًا عن التقلبات المالية. ومع هذا، يرى المحللون أن الأمر له علاقة بـ متى تُطبق الإمارات حزمة الضرائب الجديدة، وليس ما إذا كانت ستُطبقها أم لا. وتعكف بُلدان الخليج على إجراء دراسات جدوى موضوعها ضريبة القيمة المُضافة، غير أنه لم يصل الأمر بعد لمرحلة الإجماع في نطاق مجلس التعاون الخليجي بشأن متى وكيف سيتم تطبيق ضريبة القيمة المُضافة. وإعتبر وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري أن الحكومة مستعدة لتطبيق الضرائب ولكن سيخضع أي قرار إلى عملية تقييم قبل الشروع في التنفيذ، مشيرا الى إلى أنه من المقرر أن نناقش هذا القانون وندرس مدى تأثيره على عنصر التنافسية بالإمارات؛ فنحن جزء من مجلس التعاون الخليجي ويجب أن تكون هناك سياسة مشتركة. ومن ثم، فإذا ثبُتَ أن هذه الضريبة ستُضيف للحكومة وشعبها مُستقبلاً، ستكون (الإمارات) مستعدة لتطبيق الضرائب، تمامًا مثل الدول الأخرى. صندوق النقد وكان صندوق النقد الدولي قد حثّ حكومة الإمارات على زيادة تدفقات إيراداتها الضريبية لتعزيز وضعها المالي، إذ اقترح أن تكون ضريبة القيمة المضافة بمعدّل منخفض بنسبة 5% وضريبة دخل الشركات بنسبة 10% وضريبة إنتاج على السيارات بنسبة 15%، وقد راى مدير منطقة الشرق الأوسط لدى صندوق النقد الدولي مسعود أحمد أن كل من هاتين الضريبتين (ضريبة الشركات وضريبة القيمة المُضافة) تعتبر بداية جيدة ومعقولة للدول التي لا تفرض ضرائب بخلاف تلك المفروضة في القطاع الهيدروكربوني. وأردف معلقا حول تنافسية الامارات في حال فرضت ضرائب: الشركات تأخذ في اعتبارها العديد من العناصر: الأسواق وبيئة الأعمال، وبالمثل ينظرون إلى الضرائب المفروضة على أنها جزء من هذه العوامل. ومن ثم، تعتبر الضرائب عنصرًا إلى جانب العديد من العناصر الواجب أخذها في الاعتبار. وتعتبر الامارات من الجنات الضريبية حاليا، حيث الضرائب على الشركات خارج قطاع النفط شبه معدومة بخلاف الضريبة المفروضة بنسبة 20% على المصارف الأجنبية في دبي. الضريبة والتضخم وذكرت شركة KPMG للمراجعة والخدمات الاستشارية العالمية أنه في حال الإبقاء على انخفاض ضريبة القيمة المضافة وارتفاع الحد الأدنى، فمن المتوقع أن يكون التأثير على التضخم والشركات ضئيلاً ومحدودًا. ونقل موقع زاوية عن رئيس قسم الضرائب في KPMG نيليش آشار أن هناك ثلاثة تحديات مرتبطة بضريبة القيمة المُضافة هي: إدارة التصورات الحالية للإمارات كبلد بدون ضرائب واستعداد الشركات للامتثال للضريبة الجديدة المفروضة وإدارة تضخم الأسعار. وأضاف: الشركات والأنظمة المؤسساتية غير مستعدة اليوم لتلقي الضرائب أو حتى جمع المعلومات الخاصة بضريبة القيمة المضافة، أي مجموعة المنتجات والخدمات التي يقومون بتوريدها أو الحصول عليها، فالمؤسسات والشركات يعوزها الموارد أو التدريب على الامتثال لضريبة القيمة المُضافة. ومن المقرر أن تمنح السلطات الإماراتية الشركات فترة سماح مدتها 18 شهرًا اعتبارًا من طرح ضريبة القيمة المُضافة وتنفيذها الفعلي لضمان امتثال الشركات. ولفت آشار الى انّ تحدي إدارة تضخم الأسعارستتم مواجهته مرة واحدة فقط وينبغي أن يكون هامشيًا. فإذا ظلّ هذا المعدل منخفضًا مع ارتفاع الحد الأدنى، يكون بذلك تأثير التضخم محدودًان وعليه ستكون الشركات بحاجة إلى إدارة هياكلها التسعيرية بعناية لتحديد ما إذا كانت ستُحمّل العملاء ضريبة القيمة المضافة أم أنه ينبغي عليها تحمل مثل هذه الضريبة والإبقاء على أسعار منتجاتها بحالتها التنافسية. ودومًا ما تحوز الإمارات على تصنيف مرتفع بين مصافِ دول العالم الأكثر تنافسيةً، فهي تحتل المرتبة 12 عالميًا والمرتبة الأولى في منطقة الدول الشرق الأوسط في تقرير التنافسية العالمي لعام 2015 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
مشاركة :