رندة تقي الدين: ارتفاع سعر النفط والغاز يدفع إلى زيادة العرض

  • 11/17/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أيام قليلة بعد انتهاء قمة المناخ COP26 التي تحدثت عن الابتعاد عن الطاقة الاحفورية خصوصا عن الفحم الملوث الأكبر وقد حلقت أسعار الطاقة الاحفورية في العالم وهدد الرئيس الاميريكي جو بايدن باستخدام المخزون الاستراتيجي من النفط في محاولة للضغط على منتجي النفط أن يزيدوا إنتاجهم . وأعلنت وكالة الطاقة الدولية أن انتعاش سوق النفط قد يتراجع إذ ساهم ارتفاع الأسعار الأعلى في ثلاث سنوات في زيادة العرض العالمي. فتقرير الوكالة الشهري أشار إلى وجود شح حاليا في سوق النفط العالمية لكن انحسار ارتفاع الأسعار قد يكون في الأفق بسبب زيادة إمدادات النفط. إلى ذلك وبعد توصية قمة غلاسكو المناخية بالابتعاد عن تمويل الطاقة الاحفورية أعلنت شركة بترول أبو ظبي عن استثمارات بقيمة ستة مليارات دولار في مجال التنقيب عن النفط بالتوازي مع إعلان نيتها بالوصول إلى الحياد الكربوني في ٢٠٥٠ . خلال قمة غلاسكو اعترضت الهند في اللحظة الأخيرة في المؤتمر على مطالبة المشاركين بالقمة بتقليل استخدام الفحم، فقد تضمنت اتفاقية غلاسكو للمرة الأولى كلامًا يستهدف مصادر الطاقة الاحفورية أي الفحم والغاز والنفط دون تحديد موعد لإنهائها مثلما تمنت المجموعات البيئية . طالبت القمة في بيانها التراجع عن دعم الاستثمارات في الطاقة الاحفورية التي تنتج انبعاثات غازية، ولكن يشهد العالم حاليا زيادة في الطلب على الطاقة الاحفورية من النفط والغاز ما يرفع أسعاره فيه . وقد عرض الرئيس الأميريكي جو بايدن خطة بيئية طموحة في الولايات المتحدة إلا أنه عجز عن إيقاف إعطاء الامتيازات للتنقيب عن الغاز والنفط في البحار . فتطرح الحكومة الأميريكية مزادًا لبيع امتيازات جديدة للتنقيب عن الغاز والنفط في خليج المكسيك . ومن المتوقع أن يؤدي الحفر في هذه المنطقة إلى اكتشاف ١،١ مليار برميل من النفط و١٢٥ مليار متر مكعب من الغاز في حلول ٥٠ عامًا . وكانت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها في مايو الماضي حذرت ودعت إلى التخلي عن تمويل أي مشروع جديد في الغاز والنفط أو الفحم للحد من الاحتباس الحراري إلى ١،٥ درجة، ولكن ما يجري الآن من تطور على صعيد الطلب على الغاز والنفط في العالم يؤكد أن النفط والغاز سيبقيان لمدة عقود كطاقة أساسية لأن التقنيات للطاقة المتجددة ما زالت غير متوافرة بما يكفي. تواجه أوروبا ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الغاز بعد أن أعلنت ألمانيا أمس عن تأخير صدور التصديق على بدء العمل بخط تصدير الغاز الروسي الألماني نورس ستريم ٢ . إن الخط الروسي الألماني مليئ بالغاز الروسي وينتظر التصديق الألماني لبدء الضخ، ومن المتوقع أن يصدر الخط ٥٥ مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنويًّا إلى أوروبا عبر أنبوب في بحر البلطيق فيتجنب أوكرانيا . إن التأخير الألماني على التصديق لتشغيل خط نوردستريم ٢ سببه التوتر السائد في العلاقات الروسية الأوروبية حول نشر روسيا قواتها على حدود أوكرانيا وتخوف الأوروبيين من اجتياح روسي لأوكرانيا كما حدث في القرم، فقد ارتفعت أسعار الغاز خصوصا أن ألمانيا أغلقت معاملها بالفحم واختارت الغاز في مرحلة التحول إلى الطاقة المتجددة . ولكن ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ يؤثر سلبًا على الدول المنتجة للنفط إذ إنه يدفع إلى المزيد من الإنتاج في العالم . قال أمين عام "أوبك" محمد باركندو إن دول "أوبك" لا تؤيد إبعاد النفط والغاز في مرحلة تحول الطاقة فلا الدراسات العلمية ولا البيانات تبرر ذلك ." فالدول المنتجة للنفط وفي طليعتها السعودية أكبر منتج في "أوبك" تعمل على تطوير تقنيات لتخفيض الانبعاثات الغازية منها الاستثمار في تطوير تقنيات احتجاز واستخدام وتخزين الكربون CO2 من الهواء وإنتاج الهيدروجين المستخلص من النفط والغاز . فلا يمكن الاستغناء عن الطاقة الاحفورية للعقود المقبلة ولو أن الدول الصناعية قد تسعى إلى تقليصها لصالح الطاقة المتجددة لذا امتنعت قمة غلاسكو المناخية عن تحديد موعد لذلك. وقد لعبت في الماضي الطاقة النووية دورًا هامًا في الحد من الانبعاثات في إنتاج الكهرباء، على سبيل المثال أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن نوايا فرنسا ببناء عدد من المحطات النووية من الطراز الحديث لزيادة استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء . وقامت الإمارات بتنفيذ مشروع لبناء أربعة مفاعلات مع كوريا الجنوبيّة وتم تشغيل اثنين منها الآن بقدرة ١٥٠٠ ميغاوات . وكانت الكويت سباقة في وضع خطط مشابهة ولكنها ألغتها لاحقًا . فالطاقة النووية ستلعب دورًا مهمًا إلى جانب الوقود الاحفوري في عدد من الدول التي تبحث عن تقليص الانبعاثات الغازية . فرغم سعي العالم إلى الحد من الاحتباس الحراري يصعب الاستغناء عن الاستثمار في مجال الطاقة الاحفوريّة.

مشاركة :