العُمر، هَذا السّيل مِن الدَّقَائق والثَّوَاني، التي تَحملنا مِن يَومٍ إلَى يَوم، وتَنقلنا مِن حَالةٍ إلَى حَالة، ومِن وَضْعٍ إلَى وَضْع، ومِن شَكلٍ إلَى شَكل، لنَنْسَى –فِي خِضَمّ ذَلك- طَرح سُؤال بَسيط يَقول: مَا هو العُمر..؟! هَل العُمر هو عبُور الزَّمَن في أجسَادنا؟ أَم أنَّه ذَلك الزَّمَن البَهيج؛ الذي نَقضيه مَع أحبَابنا، ونَحنُ نَتَمتّع بعَافية الخَليج؟ وأَخيرًا، هَل هو ذَلك الوَقت الذي نُنفقه؛ إمَّا في طَلَب العِلْم، أو في طَلَب العِشق..؟! وقَبل الدّخول في عَالم الأَسئِلَة، أُذكِّركم ببَيتٍ شِعري بَديع، صَاغه الفَيلسوف «إيليا أبوماضي» يَقول فِيهِ: إنَّ الحَيَاةَ قَصيدةٌ، أعمَارنَا أبيَاتها، والمَوتُ فِيها القَافِيَة البَعض يَرَى أنَّ العُمر هو -فَقط- تِلك اللَّحظَات مِن السّرور والسَّعَادَة التي نَعيشها، وفي ذَلك يَقول الشَّاعِر «جعفر الفارسي»: إنَّ عُمْر المَرْء مَا قَد سَرّه لَيس عُمْر المَرْء مَرّ الأزمِنَة وهُنَاك طَائفةٌ تَرَى أنَّ العُمْر؛ هو حَاصل ضَرب أوقَات الدّموع، في أَوقَات الابتسَامَات، ومِن هَؤلاء الشَّاعِر اللِّبنَاني «إلياس فرحات»، حَيثُ يَقول: ومَا العُمْر إلَّا دَمْعةٌ وابتَسَامةٌ ومَا زَاد عَن هَذي وتِلك فضُول وهُنَاك طَائِفَةٌ ثَالثة؛ تَرَى أنَّ العُمْر كُلّه مَحطَّات للمُتْعَة والسَّعَادَة، ولكُلِّ مَرحلة مِن مَراحِل العُمر؛ طَريقة في الفَرَح والطَّرَب والسَّعَادَة، ومِن أُولئك النَّفر الشَّاعِر القُروي، حَيثُ يَقول: مَتّع شَبَابك إنَّ العُمْرَ أَطوَارُ وكُلُّ طَوْرٍ لَه في العَيشِ أوطَار وهُنَاك طَائِفَةٌ رَابعة، تَنْصَحنا بعَدم التَّفكير بأيَّامنا التي خَلَت ومَرّت، مُؤكِّدة أنَّ أعمَارنا هي مَا بَقي مِن أيَّامنا، ومِن أُولئِك النّفر، الفَيلسوف «جوزيف رينان»، حَيثُ يَقول: (عُمرك الذَّهبي أَمَامك ولَيس وَراءك)، لَكن الحَذَر –كُلّ الحَذَر- مِن المُتشَائمين، الذين يُردّدون عِبَارة «لَم يَبقَ مِن العُمر أكثَر ممَّا مَضَى»..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي التَّأكيد عَلى أنَّ العُمْر -في النِّهَاية- هو شعُور وإحسَاس، ولَيس رَقمًا يَرتبط بتَاريخ الميلاَد، أو بالهَويّة الوَطنيّة، فهو عِند الرَّجُل شعُور، وعِند المَرأة مَلامِح، وفي ذَلك يَقول المَثَل الفِرنسي: (عُمْر الرَّجُل كَما يَشعر، وعُمر المَرأة كَما تَبدو)..!!! T: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :