قال تعالى (إن خير من استأجرت القوي الأمين) وفي حديث شريف (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه). القوة طاقة وتحمل وإرادة ومبادرة ينتج عنها الجودة وإتقان العمل، والأمانة تعبر عن أخلاقيات العمل، ولا جودة في أي مجال بدون الأخلاقيات. هذه المعاني يبحث عنها الجميع على أرض الواقع في المجالات الخدمية والإنتاجية. وهذا ما تبحث عنه الندوات والمؤتمرات وكان آخرها المؤتمر الوطني الخامس للجودة الذي نظمته الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، وهو يهدف حسب تصريح معالي محافظ الهيئة الدكتور عثمان القصبي رئيس اللجنة التوجيهية للمؤتمر إلى تعزيز الوعي العام لدى كافة القطاعات واتاحة الفرصة أمامها لتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب المحلية والدولية التي ستعرض خلال المؤتمر. ومن المعروف أن منظومة الجودة لا تكتمل الا بالعنصر البشري، والصفات الشخصية التي يحملها الإنسان، ولهذا ربطت الأمانة بالقوة في الآية الكريمة. ولم يغفل المؤتمر المشار اليه هذه الأهمية فطرح للنقاش دور العنصر البشري في تحقيق الترابط والتكامل بين الجودة والعمل المؤسسي. رئيس اللجنة التوجيهية للمؤتمر أعلن قبل بدئه أنه لن يكون تنظيريا ولا ترفا، وهذا أمر يدعو الى التفاؤل بأن تكون التوصيات مصحوبة بآليات تنفيذ واضحة ومحددة بزمن معين، خاصة أن الرؤية المستقبلية للجودة تتمثل في أن تكون المملكة بخدماتها ومنتجاتها (معيارا عالميا) للجودة والاتقان في عام 2020م. الحقيقة أن هذا المؤتمر من أهم المؤتمرات ذات العلاقة المباشرة بالتنمية الشاملة. وتشكر الهيئة على تنظيمه وعلى تضمينه تجارب محلية ودولية تحقق فكرة تبادل الخبرات والتجارب. ومن الطبيعي أن تقدم الهيئة عملا مميزا كونها مسؤولة عن الجودة وقدوة للقطاعات المختلفة. وهذا التميز يجعل المهتمين بموضوع الجودة وهو موضوع يهم الجميع يتوقعون تحويل توصيات المؤتمر الى نتائج عملية. الكل يبحث عن الجودة وأحد الطرق اليها يمر عبر المؤتمرات والندوات وورش العمل والبرامج التدريبية المستمرة. وهنا نشير الى أن إحدى مهام الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة هي نشر التوعية اللازمة بالمواصفات القياسية والجودة واجراءات تقويم المطابقة والقياس والمعايرة وإعداد وتطوير وتنفيذ البرامج التدريبية المتعلقة بأعمال ونشاطات الهيئة. ونلاحظ من تلك المهمة أن التدريب هو أحد الطرق المؤدية الى الجودة. وهنا تحضر بعض الأسئلة عن المستهدف في تلك البرامج التدريبية، وهل يوجد مراكز تدريب متخصصة بهذا الموضوع؟ وهل يمكن تنفيذ ورش عمل بصفة مستمرة وليس بالتزامن مع المؤتمرات فقط؟ وهنا أعود الى العنصر البشري الذي هو أحد محاور المؤتمر المشار اليه، فنقول إن البرامج التدريبية يجب أن تركز على هذا العنصر لأن توفر كل شروط الجودة يصبح لا قيمة له بدون الجدية والأمانة والرقابة الذاتية والاتجاهات السلوكية الايجابية بشكل عام. ملاحظة عامة وبسيطة تقال عن هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات تتعلق بمعايير اختيار رؤساء الجلسات، إذ يلاحظ أن موضوع الجلسة المرتبط بقطاع معين هو الذي يحدد اختيار رئيس الجلسة، فإذا كان الموضوع مثلا عن جودة التعليم يكون رئيس الجلسة أحد مسؤولي التعليم، وإذا كانت الجلسة عن الصحة يكون رئيس الجلسة مسؤول من وزارة الصحة، وهكذا بقية الموضوعات والقطاعات. ولست أدري ما هو تفسير هذا المعيار ومدى دقته وتأثيره في جلسات علمية على موضوعية النقاش. وأخيرا نأمل من المسؤولين في الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة تخصيص ندوة أو مؤتمر عن الجودة في مجال التعليم لأن التعليم هو الطريق الرئيس الذي يؤدي الى الجودة في كل المجالات.
مشاركة :