(شجون على ضفاف الرافدين) أول كتاب يوثّق تاريخ العراق منذ 2003 إلى 2021 (3) و(4) سلام الشماع إعتقالات وإختطافات وقتل تمارسها قوات مزدوجة ضد المتظاهرين { اعتقال ماري محمد وصبا المهداوي والتحقيق معهما والإفراج عنهما { مجاميع مسلحة تغتال إعلاميين وناشطين مدنيين ونجاة عدد منهم { ملثمون مدججون بالسلاح يهاجمون منشآت إعلامية عدة في بغداد ويقتحمونها منذ السادس من تشرين الأول سجلت أكثر من 166 عملية اختطاف استهدفت ناشطين ومدونين عراقيين في بغداد وجنوبي العراق، ويشترك ضحايا الاختطاف في أنهم من الداعمين أو المؤيدين للتظاهرات، كان بين المختطفين فتاتان هما: ماري محمد، التي اشتهرت بمساعدة المعتصمين المطالبين بإسقاط النظام وتحسين الظروف المعيشية المتردية، وكانت مفقودة لمدة عشرة أيام، وتعد ماري ثاني ناشطة تختطف، منذ انطلاق التظاهرات، وقد أطلق سراحها في 19 تشرين الثاني 2019? بعد أحد عشر يوماً من اختطافها، وذكرت أنها تعرضت للاستجواب لكن اعتقالها كان لغرض التحقيق، ولم تتعرض لأي أذى أو إساءة، مؤكدة إنها بصحةٍ جيدة، والمختطفة الثانية كانت صبا المهداوي، وهي إحدى المسعفات للجرحى، منذ اندلاع الاحتجاجات، بالإضافة إلى جمعها تبرعات مالية لمساعدة المتظاهرين، وجرى اختطافها مساء يوم 2 تشرين الثاني 2019 بوساطة 3 سيارات مظللة، بينما طالب العديد من الناشطين المدنيين والمراسلين والإعلاميين وزارة الداخلية بالتدخل واتهموها بأنها تعرف الخاطفين والمكان ولا تجرؤ على التدخل، وأن الأجهزة الأمنية لا تسمح لذوي المخطوفة بمشاهدة كاميرات المراقبة، وقد أعلن شقيقها الإفراج عنها، بعد 10 أيامٍ على اختطاف مجموعةٍ مسلحة مجهولة لها، أثناء عودتها من ساحة التحرير. أثار اختطاف الناشطة المهداوي ردود فعل كثيرة، وطالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان القوى الأمنية بتحري مصيرها، وكررت مطالباتها بالكشف عن مصير جميع الناشطين واتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية (المتظاهرين، الناشطين، المدونين، الإعلاميين والصحفيين) من عمليات الاختطاف المنظم التي يتعرضون لها في بغداد وباقي محافظات الوسط والجنوب. اغتيال الناشطين اغتالت مجاميع مسلحة مجهولة مجموعة من الناشطين والداعمين للمظاهرات في 2 تشرين الأول 2019 قتل حسين عادل مع زوجته سارة بعد اقتحام مجموعة من المسلحين منزله في البصرة. في 7 تشرين الثاني 2019 اغتيل أمجد الدهامات بعد خروجه من منزله في منطقة الشبانة بمدينة العمارة. في 16 تشرين الثاني 2019 اغتيل عدنان رستم في منطقة الحرية ، شمال بغداد برصاص مسلحين مجهولين. قي 22 تشرين الثاني 2019 اغتيل أحمد جابر الياسري في النجف بعد عودته من ساحة الاعتصام. في 28 تشرين الثاني 2019 اغتيل أحمد كريم المالكي في البصرة بالرصاص ودهس بالسيارة. في 29 تشرين الثاني 2019 اغتال مسلحون الناشط حيدر اللامي في ميسان، عند خروجه من ساحة التظاهر متوجهاً إلى بيته. في 8 كانون الأول 2019 اغتال مسلحان مجهولان يستقلان دراجة نارية الناشط فاهم أبو كلل الطائي أمام فندق الأنصار في كربلاء بسلاح كاتم، بعد عودته من ساحة التحرير في الساعة العاشرة مساءً. في 10 كانون الأول 2019 اختطف علي نجم اللامي في منطقة الشعب ببغداد، أثناء عودته من ساحة التحرير إلى منزله في مدينة الكوت، وعثر عليه مقتولاً في منطقة الشعب. في 11 كانون الأول 2019 اغتيل الناشط المدني علاء باشي الجيزاني في منطقة الشعلة ببغداد بالرصاص. في 15 كانون الأول2019 اغتيل الناشط المدني محمد جاسم الدجيلي في شارع فلسطين في بغداد، بعد تعرضهِ لإطلاق نار من مسلحين مجهولين. في 16 كانون الأول 2019 اغتيل ثائر كريم الطيب في الديوانية متأثراً بجراحه بعد إصابته بانفجار عبوة لاصقة انفجرت في السيارة التي يستقلها أسفرت عن إصابة بليغة بجسده يوم 16 كانون الأول وتوفي بعد 9 ايام يوم 25 كانون الأول. في 17 كانون الأول 2019 اغتيل الناشط المدني علي جابر على يد مجهولين امام منزله في الحي العصري في ناحية مندلي في محافظة ديالى. في 20 كانون الأول 2019 اغتيل الناشط المدني حسين علي العصمي في الناصرية، محافظة ذي قار على يد مجهولين. في 31 كانون الأول 2019 اغتال مسلحون مجهولون الناشط المدني علي خالد الخفاجي في الناصرية قرب علوة المخضر وسط مدينة الناصرية. في 10 كانون الثاني 2020 اغتيل الإعلامي والناشط المدني البصرة أحمد عبدالصمد في البصرة على يد مجهولين كانوا متوزعين على سيارة نوع (بيك أب) نيسان ودراجة نارية. في 10 كانون الثاني 2020 اغتيل صفاء غالي المصور والإعلامي على يد مجهولين مع الاعلامي (أحمد عبد الصمد) في البصرة. في 13 كانون الثاني 2020 اغتيل في ناحية العكيكة بمدينة الناصرية المتظاهر حسن هادي على يد مسلحين ملثمين يستقلون دراجة نارية وبسلاح كاتم للصوت. في 16 كانون الثاني 2020 اغتيل الناشط المدني أحمد سعدون المرشدي في حي المهندسين بمدينة الحلة قرب منزله بالرصاص. في 19 كانون الثاني 2020 اغتيل الناشط المدني لؤي الحلفي في البصرة على يد مسلحين مجهولين وسط البصرة. في 10 أذار 2020 اغتال مسلحون مجهولون الناشط المدني عبد القدوس الحلفي في ميسان وسط مدينة العمارة. في 10 أيار 2020 اغتال مسلحون مجهولون الناشط المدني كرار عادل وسط مدينة العمارة. في 10 أيار 2020 اغتيل الناشط المدني ازهر الشمري في حي سومر بمدينة الناصرية بالرصاص وتوفي في اليوم الثاني بسبب عدد من الاطلاقات النارية التي اصابته في منطقة البطن. في 2 آب 2020 اغتيل ياسر كاظم بأربعة اطلاقات نارية في بغداد على يد مسلحين مجهولين قرب منزله، بعد عودته من ساحة التحرير، وتوفي في 17 آب 2020 متأثراً بجراحه. في 14 آب 2020 اغتال مسلحون مجهولون المتظاهر والناشط المدني تحسين أسامة الشحماني في منطقة الجنينة بمحافظة البصرة بإطلاق 20 رصاصة عليه. في 19 آب 2020 اغتال مسلحون مجهولون الناشطة المدنية النسوية والمسعفة ريهام يعقوب في البصرة داخل سيارتها، بعد إصابتها بثلاثة عيارات نارية. في 15 كانون الأول 2020 اغتيل صلاح العراقي أحد قادة المظاهرات في بغداد بأسلحة كاتمة للصوت قرب إحدى نقاط التفتيش الحكومية. في 6 كانون الثاني 2021 وجدت جثة حيدر ياسر في نهر في قضاء سوق الشيوخ في محافظة ذي قار ممزقا بالرصاص. مع هذا القتل الممنهج للمتظاهرين في العراق، نجا عدد من الناشطين من محاولات الاغتيال بعد فشلها كالناشط جواد الحريشاوي في محافظة ميسان، والناشط حسين المياحي في البصرة، والمتظاهر بطل كمال الأجسام مشتاق العزاوي في بغداد، والناشط ذو الفقار حبيب في البصرة، والناشط إيهاب الوزني في كربلاء، والناشط باسم الزبيدي في ميسان، والناشط مهند الكعبي في كربلاء، والناشط احمد السويدي في الديوانية، والناشط علي المدني في الديوانية، والناشط والشاعر حسن نجم وهب في ميسان، والممثل الكوميدي أوس فاضل في بغداد، والناشطة نهاوند تركي مع عائلتها في الناصرية، ونجا الناشطان عباس صبحي ولوديا ريمون في البصرة. انتهاكات حقوق الإنسان سجلت تقارير المنظمات الدولية حالات عديدة لانتهاكات حقوق الإنسان في العراق، إذ نشرت منظمة (مراسلون بلا حدود)، تقريراً تضمن حالات قمع للصحفيين بالتزامن مع اندلاع الحراك الاحتجاجي في العراق، وأدانت المنظمة ما عدّته تعاملاً أمنياً غير مناسب وغير مسوّغ لعرقلة الحق في الإخبار، وأفادت المنظمة أن مراسلين عدة أصيبوا بجروح في العاصمة بغداد في تظاهرات ساحة التحرير يوم 1 تشرين الأول، وذلك أثناء محاولتهم تصوير عملية صد المتظاهرين بإطلاق الغاز المسيل للدموع، وفي 2 تشرين الأول العام 2019 اعتُقل الصحفي أرشد الحاكم أثناء تغطيته لتظاهرة بساحة الطيران، وفي الوقت نفسه أصدر مجلس محافظة الأنبار قراراً رسمياً بحظر أي نشاط إعلامي ، وفي منطقة الديوانية جنوبي بغداد منعت القوات الخاصة العراقية الصحفيين من العمل حيث أظهر تسجيل مصور أعضاء هذه الوحدة وهم يعتقلون الصحفي زيد الفتلاوي بعنف وينهالون عليه ضرباً بينما تُسمع أصوات تقول “إنه صحفي!”، علماً أن الفيديو ينتهي عندما يمد جندي يده لحجب الكاميرا، موجهاً أوامره بالتوقف عن التصوير. في 9 تشرين الأول العام 2019 نشرت منظمة (مراسلون بلا حدود) تقريراً أدانت فيه الهجمات العنيفة التي تهدف بوضوح إلى إسكات الصحافة في العراق، إذ هاجم مسلحون منشآت إعلامية عدة في بغداد، وأفادت أن ملثمين مدججين بالسلاح عدة اقتحموا مكتب قناة العربية يوم 5 تشرين الأول في بغداد حيث سجلت كاميرات المراقبة المشهد بأكمله، وشرع المقتحمون بسحب الكابلات من أجهزة الكمبيوتر وتخريب الشاشات وحجب الكاميرات، وفي اليوم الثاني أقدم ملثمون مجهولون على إحراق مبنى قناة فضائية بالعاصمة بغداد، وفور وقوع الحادث أصدرت مؤسسة دجلة للإعلام التي تُدير القناة، بياناً تُدين فيه هذه الجريمة، وتعرض مقر قناة اخرى في بغداد لهجوم ترتب عليه نهب وسلب وتوقف قسري للبث، وبعد مدة وجيزة من الانقطاع وعدت القناة، عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك، بعودة برامجها إلى وضعها الطبيعي، وأكدت قناة ثانية إصابة أعضاء من طاقمها على أيدي مسلحين مجهولين، حيث نشرت مقطع فيديو تُخبر فيه المذيعة أن ضيف القناة لم يتمكن من الوصول إلى الاستوديو بسبب الاشتباكات المُستمرة في محيط المنطقة حيث مقر المحطة التلفزيونية. في يوم 11 تشرين الأول 2019 صرحت هيومن رايتش ووتش أن قوات الأمن العراقية استخدمت القوة القاتلة المُفرطة وغير الضرورية ضد المتظاهرين الذين كانوا في بعض الأحيان يرمون الحجارة، وأدت إلى مقتل 105 أشخاص في الأقل، وإصابة أكثر من 4 آلاف شخص بجروح منذ 1 تشرين الأول 2019 ولاحقت قوات الأمن المتظاهرين خلال تفريقهم، وأطلقت النار عليهم ورشتهم بمدافع المياه الحارقة. وفي يوم 24 تشرين الأول 2019 قالت هيومن رايتس ووتش أن الحكومة العراقية قد وعدت بإيقاف مسؤولين أمنيين كبار عن عملهم، وإجراءات إضافية محتملة بسبب ردهم الدموي على الاحتجاجات، وانتقدت عدم تناول التقرير لبعض من أخطر الانتهاكات التي ارتكُبت أثناء الاحتجاجات. وقالت هيومن رايتس ووتش أن على السلطات إحالة القادة المتورطين في الانتهاكات إلى القضاء، وانتقدت عدم تناول التقرير مسؤولية القيادة عن عمليات القتل المتعدة للمتظاهرين العزل، ولم يتناول التقرير أيضاً اقتحام وسائل إعلام عدة في العراق، أو الاعتداءات على الصحفيين، أو قرار الحكومة باتخاذ الإجراء غير المناسب بحظر الإنترنت، وأفاد شخص لهيومن رايتس ووتش أنه تلقى مكالمة بلا اسم في 6 تشرين الأول، وقيل له (نعرف ما الذي تفعله، أنت كنت تقود الاحتجاجات في 2011 و2013 و2015 و2018 انتظر دورك)، وأفاد صحفي، كان قد نشر مقاطع فيديو وصوراً من الاحتجاجات، أن شخصاً اتصل من رقم بلا اسم، وزجره قائلاً أن مؤسسته يجب أن تتوقف عن نشر هذه المواد، وقال الصحفي أن مسؤولاً أمنياً كان يعرفه اتصل به أيضاً وأخبره أن اسمه بالإضافة إلى أسماء عديد من موظفي المؤسسة على قائمـة المطلوبين وأنهم معرضون للاعتقال. إحراق مقرات الحشد الشعبي في يوم 27 تشرين الأول 2019 قالت هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن العراقية أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على الحشود، وقتلت ثمانية متظاهرين في الأقل، خلال التظاهرات في 25 تشرين الأول، وعلى الرغم من أن القوات في بغداد امتنعت عن استخدام الذخيرة الحية، إلا أن محاولة المتظاهرين إحراق مقرات قوى مسلحة في تظاهرات المدن الجنوبية دفعت قوات داخل هذه المباني إلى فتح النار وقتل المتظاهرين، وفي البصرة دهست سيارة للشرطة حشداً من المتظاهرين ما أدى إلى إصابة بعضهم، ونُشِرَت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت رجلاً أصيب في رأسه بقنبلة غاز مسيل للدموع فقتل، وقال أحد المتظاهرين لهيومن رايتس ووتش في بغداد إنه كان على بعد متر واحد من المحتج الذي قُتل في الفيديو وإنه رأى القوات تطلق القنابل على جموع الناس، وقال “كنا نحتج فقط، لم نلقِ أي شيء على شرطـة مكافحة الشغب”. في يوم 3 تشرين الأول 2019 قالت منظمة العفو الدولية إنه يجب على الحكومة العراقية أن تأمر قوات الأمن على الفور بوقف استخدام القوة المُفرطة، بما في ذلك القوة المميتة ضد المُحتجين، والبدء في تحقيق، وأن يكون التحقيق مستقلاً ومحايداً تماماً، ودعت إلى إنهاء الحجب غير القانوني للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ورفع حظر التجول التعسفي المفروض في العديد من المناطق وسط الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، ضد البَطالة والفـساد وضعف الخدمات العامة. في 9 تشرين الأول 2019 أفادت منظمة العفو الدولية بورود تقارير تفيد باستهداف المحتجين المناهضين للحكومة على أيدي قناصة، وتعرضهم للنيران الحية، وتضايق السلطات الناشطين والصحفيين السلميين وترهبهم، وقالت إنه يجب التحقيق، بنحو صحيح، في استخدام قوات الأمن العراقية المتزايد للقوة المفرطة والمميتة ضد المحتجين المعارضين للحكومة، وأفاد أحد المحتجين للمنظمة كيف استهدف قناص مشتبه به محتجاً، ثم أطلق النار على آخرين حاولوا مساعدته، وقال: “كان هناك شخص أصابه القناص فهرع خمسة أشخاص نحوه للمساعدة، فأطلق النار عليهم جميعاً واحداً تلو الآخر، كانت هناك جثث على طول الشارع، وأضاف قائلاً: “لقد أصيبوا جميعاً بطلقات نارية حية في الرأس والصدر”. وفي يوم 10 تشرين الأول، أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً تضمن مطالبة منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية والعراقية السلطات بالعراق بالالتزام الفوري بوعودها بوضع حدٍ لأعمال الانتقام العنيفة ضد حركة الاحتجاج الشعبية في جميع أنحاء البلاد، والتي خلفت أكثر من 1000 قتيل، والآلاف من الجرحى ومئات المعتقلين، ودعت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء مناقشة عاجلة أو جلسة خاصة لمعاجلة أزمة الحقوق في العراق. لحم متفحم وفي يوم 18 تشرين الأول 2019 قالت منظمة العفو الدولية إنه يجب على السلطات العراقية أن تضع حداً فورياً للحملة المتواصلة من الترهيب والاعتداء على النشـــــــــطاء في بغداد، وأن تكشف عن أمـــــاكن وجود المعتقلين والمغيبين، ومن بينهــــــــم طبيب ومحام اختفوا قسراً. في 31 تشرين الأول حثت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية على ضمان أن تتوقف شرطة مكافحة الشغب وقوات الأمن الأخرى في بغداد على الفور عن استخدام نوعين من القنابل المسيلة للدموع، لم يسبق استخدامها من قبل لقتل المحتجين بدلاً من تفريقهم، وذلك بعد أن خلصت تحقيقاتها إلى أنهما تسببا في وفاة ما لا يقل عن خمسة محتجين خلال خمسة أيام، وأجرت المنظمة مقابلات عن طريق الهاتف والبريد الإلكتروني مع العديد من شهود العيان، واطلعت على السجلات الطبية واستشارات المهنيين الطبيين في بغداد، فضلاً عن أخصائي في الطب الشرعي حول الإصابات المروعة التي سببتها هذه القنابل، منذ 25 أكتوبر. وحدد فريق التحليل الرقمي التابع للمنظمة الموقع الجغرافي، محللاً أدلة في مقاطع الفيديو، صورت قرب ساحة التحرير ببغداد، توثق الوفيات والإصابات – بما في ذلك اللحم المتفحم – والجروح التي انبعث منها “الدخان”، وحدد خبير المنظمة العسكري أنواع قنابل الغاز المسيل للدموع المستخدمة كنوعين مختلفين من بلغاريا وصربيا المصممة على غرار القنابل العسكرية، ويبلغ وزنها 10 أضعاف ثقل عبوات الغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى إصابات مروعة، ووفاة عندما أطلقت مباشرة على المحتجين. اتهمت لين معلوف مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية قوات الأمن العراقية باستخدام هذه القنابل العسكرية ضد المحتجين في بغداد، مستهدفة على ما يبدو رؤوسهم أو أجسادهم من مسافة قريبة وبصفة مباشرة، وكان لهذا نتائج مدمرة، في حالات متعددة اخترقت جماجم الضحايا، مما أدى إلى جروح مروعة وموت بعد أن تنغرس القنابل داخل رؤوسهم”. نموذجان من القنابل هناك نموذجان من القنابل هما المسؤولان عن هذه الإصابات: 40 ملم من طراز إم 99 إس (M99s) الصربي، الذي صنعته شركة بلقان نوفوتيك، وقنابل 40 ملم من نوع إل في سي إس (LV CS)) من المحتمل أن تكون من تصنيع شركة أرسنال – Arsenal البلغارية، وعلى عكس معظم قنابل الغاز المسيل للدموع التي تستخدمها قوات الشرطة في جميع أنحاء العالم، صُمم هذان النوعان على غرار القنابل العسكرية الهجومية المصممة للقتال، وقد وجد بحث أجرته منظمة العفو الدولية أنه نظراً لوزنها وتركيبها، فإنها أكثر خطورة بكثير على المحتجين، وتزن قنابل الغاز المسيل للدموع المسيلة للدموع النموذجية التي تستخدمها الشرطة والتي يبلغ قطرها 37 ملم ما بين 25 و50 غراماً، وتتكون من عبوات عدة أصغر تنفصل وتنتشر على مساحة ما، بينما القنابل العسكرية الصربية والبلغارية التي يستخدمها العسكر والتي يبلغ قطرها 40 ملم، والموثق استخدامها في بغداد تتألف من سبيكة ثقيلة واحدة، وهي أثقل وزناً ما بين 5 و10 أضعاف، وتزن 220 إلى 250 غراماً، وقال برايان كاستنر، كبير مستشاري برنامج الأزمات بشأن الأسلحة والعمليات العسكرية في منظمة العفو الدولية: “حيث يتم إطلاق كل من قنابل الشرطة والقنابل العسكرية بسرعة اندفاع مماثلة، يعني ذلك أنها تسير في الهواء بالسرعة نفسها، فالقنابل التي تزن 10 أضعاف القنابل الأخرى تصل قوتها 10 أضعاف عندما ترتطم بأحد المحتجين، ولهذا تسببت في مثل هذه الإصابات المروعة”. في 9 تشرين الثاني، قالت منظمة العفو الدولية، بعد مقابلات هاتفية مع شهود عيان، إنه يجب على السلطات العراقية كبح جماح قوات الأمن فوراً، بعد مقتل ستة محتجين في الأقل. في 4 تشرين الثاني قالت هيومن رايتس ووتش إن سلطات محافظة الأنبار العراقية تقمع حق السكان المحليين في إظهار دعمهم للتظاهرات في أماكن أخرى من البلاد، إذ اعتقلت رجلين لمجرد نشرهما رسالة تضامنية على فيس بوك، واستجوبت ثالثاً، وأجبرت رابعاً على الاختباء. في 8 تشرين الثاني قالت هيومن رايتس ووتش، إن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع مباشرةً على المتظاهرين في بغداد في مناسبات عدة، منذ استئناف التظاهرات في 25 تشرين الأول، وأسفر عن مقتل 16 شخصاً في الأقل، وقالت هيومن رايتس ووتش يوم 11 تشرين الثاني، إن على الأمم المتحدة أن تُركز على مقتل المتظاهرين لدى مراجعة سجل العراق الحقوقي، وأن على حلفاء العراق إدانة القمع القاتل الذي تمارسه قوات الأمن. في العدد المقبل أسرار وفاة السياسي العراقي أحمد الجلبي وقطع الحكومة للأنترنيت عن العراق عدا إقليم كردستان وكم كلف ذلك الدولة العراقية من خسارة مالية واستفحال الفساد في جميع المؤسسات الحكومية. (شجون على ضفاف الرافدين) أول كتاب يوثق لتاريخ العراق منذ 2003 إلى 2021 (4) سلام الشماع قطع الإنترنت يلحق خسارة بإقتصاد العراق تفوق مليار دولار { قنابل الغاز التي استهدفت المتظاهرين احتوت على مواد كيماوية قاتلة تضرب أعصاب الدماغ بمجرد استنشاقها { مايان كارلين: واشنطن لن تعد بغداد حليفتها إذا فشل الكاظمي في القضاء على المليشيات { أغنية رحمة رياض أحمد (نازل آخذ حقي) أصبحت شعار المتظاهرين في جميع ساحات الاحتجاج { إيران تمتلك نحو 11 مصرفاً تعمل في العراق بنحو مستقل واشترت حصة ستة مصارف عراقية أخرى { إجمالي الأموال الخاصة بالإيرانيين في المصارف العراقية بلغ أكثر من سبعين مليار دولار { أسرار مثيرة عن مقاول عراقي في السويد وعرقلته استجواب وزير الكهرباء عبد الكريم عفتان يقول مؤلف كتاب (شجون على ضفاف الرافدين.. احتلال بغداد وما خفي أعظم) عبدالقادر ممدوح البريفكاني: إن حكومة العراق قطعت خدمة شبكة الإنترنت، يوم 5 تشرين الثاني، وصرح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قائلاً إن إغلاق الطرق وتعطيل المنشآت يكلف الدولة مليارات الدولارات، فردّت عليه المنظمة غير الحكومية نت بلوكس أن قلة العمالة أو انخفاض الإنتاجية ليس هو الذي يكلف البلد الخسارة الأكبر، بل قطع الحكومة لخدمة الإنترنت هو الأكثر خسارة. كلف قطع شبكة الإنترنت خسارة للاقتصاد العراقي تُقدر بأكثر من مليار دولار، وسوّغ رئيس الوزراء قطعه الإنترنت بأنه يستغل لبث الكراهية والعنف والإرهاب، لكن منظمة الأمم المتحدة أقرت أن خدمة الإنترنت هي حق من حقوق الإنسان، وأن قطع خدمة الإنترنت عن المُشتركين يعد انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأرسل ائتلاف مقاومة حجب الإنترنت رسالة رسمية إلى وزارة الاتصالات العراقية حول إبقاء خدمة الإنترنت مفتوحةً وآمنةً في العراق نيابة عن أكثر من 200 مؤسسة من أكثر من 70 دولة تناشد ضرورة ترك خدمة الإنترنت مفتوحة. تحقيق دولي إلى جانب ذلك كانت منظمة الأمم المتحدة تتوجه إلى التحقيق في موضوع قنابل الغاز المُباعة للعراق، وكشف مصدر دبلوماسي غربي أن وفداً دولياً من منظمة الأمم المتحدة سيزور أوكرانيا وصربيا لأجل التحقيق في هذا الموضع، وقالت منظمة الأمم المتحدة، إنّ المواد الكيماوية التي تحتويها هذه القنابل قاتلة وتضرب أعصاب الدماغ بمجرد استنشاقها. الثورة في الأغاني دخلت ثورة تشرين 2019 الأغاني الشعبية حتى بات يرددها حتى أطفال العراق، إذ نشرت المطربة العراقية رحمة رياض أغنية وطنية بعنوان “نازل آخذ حقي” وهو الشعار الذي رفعه المتظاهرون في التظاهرات للمطالبة بحقوقهم، وتعد أول مُطربة نشرت أغنية تضامنية مع التظاهرات، وطرح حسام الرسام أغنية جديدة لمساندة التظاهرات بعنوان أبو “التكتك أبو الغيرة”، للإشادة بدور العربة الصغيرة في نقل جرحى المظاهرات، وتزويد المحتجين بالأغذية والأدوية، وأصدر كاظم الساهر أغنية وطنية بعنوان “إلى متى”، وأصدر حاتم العراقي وقصي حاتم أغنية بعنوان “صوت العراقي”، وطرح سيف نبيل أغنية بعنوان “سلمية” تضامناً مع التظاهرات، وأهدت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المُعارضة أغنية إلى الشعب العراقي لدعم تظاهراته بعنوان “سيف فليشهر”، وأطلقت الفنانة العراقية شذى حسون فيديو كليب بعنوان “ابن هذا الوطن”، واشتهرت أغنية “ذيل أعوج” من برنامج أحمد البشير، وذُكرَ أن المتظاهر محمد حسين حُطمت أسنانه بأيدي موالين لمقتدى الصدر وفقاً لقول بعض المتظاهرين بسبب رؤيته وهو يغني هذه الأغنية قرب ساحة التحرير. آفة الفساد يتطرق الكتاب إلى الفساد الذي تفشى في مفاصل الدولة العراقية، بنحو واسع وسريع، بعد سنة 2003 ويورد إشارة المحللة السياسية الأمنية في معهد واشنطن مايان كارلين الى تفشي الفساد والإهمال والانهيار الاقتصادي في العراق، بحسب صحيفة جيروزالم بوست، فقد تسببت سياسة إيران وتدخلها في شؤون العراق وسياسة ميليشياتها إلى اندلاع تظاهرات غاضبة في مختلف أنحاء البلاد في أواخر العام 2019 وردت الميليشيات على هذه الاحتجاجات، بنحو عنيف، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1000 ألف متظاهر وإصابة 21000 وأحد وعشرين ألفاً بإصابات وجروح. ونوهت كارلين إلى أن عمليات القتل التي دبرتها طهران ووكلائها، أدت إلى زيادة المشاعر المعادية لإيران في البلاد، مضيفة أن مصطفى الكاظمي، يعطي بصيص أمل لمستقبل سيادة البلاد، وأن برنامجه يعطي الأولوية لإزالة النفوذ الأجنبي، بما في ذلك التدخل الإيراني غير المرغوب فيه، وقالت: إن طهران تقاوم هذه الجهود وتواصل استخدام وكلائها المحليين لتنفيذ أهدافها، وألمحت إلى أن كتائب حزب الله، الميليشيا المدعومة من إيران، تمنع العراق من الحصول على الدعم المالي الذي يحتاجه للخروج من أزمته الاقتصادية، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء إذا فشل في كف يد هذه الميليشيات، فلا يمكن للولايات المتحدة أن تعدّ بغداد حليفاً حقيقياً، ومن المرجح أن تقطع التمويل كله عن وزارتي الدفاع والداخلية في البلاد، مؤكدة أنه إذا قطعت الولايات المتحدة الدعم المالي فقد يكون اقتصاد العراق الضعيف بالفعل في حالة من الفوضى، وأضافت أن الفساد المالي الذي تديره الأحزاب والميليشيات في العراق يدرّ عوائد مالية فلكية تجنيها أطراف السلطة، منذ سنوات طوال، على حساب شعب فقير ومؤسسات بدأت بالتصدع والانهيار. أشارت مايان كارلين أنه في 2017 رفع نحو مئتين من قدامى المحاربين وعائلات الجنود الأميركيين الذين أصيبوا أو قتلوا في العراق دعوى قضائية تتهم خمس شركات أدوية أميركية كبرى بالتعامل مع ميليشيات عراقية مصنفة على اللائحة الأميركية للإرهاب لدورها في استهداف جنود أميركيين خلال سنوات الحرب الأولى في العراق. يذكر أن الدعوى القضائية المذكورة أشارت إلى أن شركات الأدوية الأميركية أبرمت عقودا مع وزارة الصحة العراقية بمئات ملايين الدولارات، ودفعت أيضا عمولات ورشاوى لأتباع رجل الدين العراقي مقتدى الصدر من أجل الحصول على تلك العقود، برغم علمها بمسؤولية ميليشياته عن العديد من الجرائم الإرهابية في العراق، وفي هذا السياق يقول المحامي راين سباراسينو إن الدفاع قدم للمحكمة وثائق عن العمولات التي كانت تقدم على شكل رشاوى نقدية من أجل الفوز بعقود في وزارة الصحة عندما كان يسيطر عليها الخط الصدري. أظهر الدفاع للمحكمة جميع المعاملات التي تثبت حقيقة تلك الصفقات، والتي نُظمت بصفة تجعل من السهل على الإرهابيين تحويل وإعادة بيع الأدوية التي يحصلون عليها في السوق السوداء المزدهرة في العراق، ويسيطر أتباع الصدر إلى جانب شركاء سياسيين على عقود وزارة الصحة العراقية وموازناتها، منذ العام 2004 حسب الرئيس الأسبق لهيئة النزاهة العراقي، راضي الراضي (يعيش حالياً لاجئاً في الولايات المتحدة الأمريكية). ويشير الراضي إلى أن الوزراء الذين يتسمون ببعض النزاهة لم يتمكنوا من الاستمرار، لأن المفتش العام والمديرين العامين كانوا متفقين على تقاسم العمولات، بحيث كانوا ينظمون العقود بالنحو الذي يناسب مصالحهم، وكانوا يخفون ذلك عن الأجهزة الرقابية في وقت كان ديوان الرقابة المالية لا يدقق إلا في نهاية السنة، بعد أن تكون العقود قد وقعت وصرفت أموالها. وعلى غرار عمل المافيات المسلحة ، شهدت وزارة الصحة اختفاء كبار موظفيها ولم يتم العثور عليهم، وفي مقدمتهم وكيل الوزارة عمار الصفار، وألقي القبض، في تلك السنة، على أحد أعضاء ميليشيا جيش المهدي، المدعو حاكم الزاملي، ولكن أخلي سبيله لاحقاً خلال ولاية نوري المالكي ليتحول الزاملي من قائد في ميليشيا مسلحة متهم بجرائم قتل مسؤولين كبار في الدولة إلى نائب في البرلمان العراقي، ويؤكد الراضي أن التغيير في وزارة الصحة اقتصر على الوزراء وبعض المسؤولين، من دون أن يطال هيكلية الوزارة، ولذلك لم تتم إعادة بناء معامل الأدوية، حتى يستمر المستفيدون في الاستيراد الذي يخضع لتقاسم العمولات. يحيلنا هذا الملف إلى وثائق مهمة كشفها النائب في البرلمان العراقي جواد الموسوي في شهر أغسطس العام 2019 تتحدث الوثائق عن شبهات فساد في وزارة الصحة العراقية وفي العقود التي تشرف عليها شركة كيماديا المعنية باستيراد الأدوية إلى العراق، وأشار إلى أن وزارة الصحة شهدت استقتالاً بين مختلف الأطراف لاقتسام المواقع الحساسة، لأنها مرتبطة بصفقات الأدوية وبيعها، وأن تسويق الأدوية في وزارة الصحة هو المنفذ الأساس لفساد الوزارة عن طريق ملف الدواء، وأوضح أن شركة كيماديا تتعامل مع شركات لاستيراد وتوزيع الأدوية في العراق، يستوردون ولديهم مخصصات للاستيراد وبخاصة لأمراض السرطان والأمراض المستعصية المتعلقة بالإشعاع والأدوية الباهظة، والحكومة تتكلف بتأمين الموارد المالية لعمليات الاستيراد، عبر تخصيص جزء من الموازنة، ولكن في حقيقة الأمر، الأدوية غير متوفرة. يذكر الكتاب أن النائب جواد الموسوي الطبيب الذي ينحدر من الأحياء الفقيرة في مدينة الصدر والذي كان ينتمي لكتلة سائرون التابعة للتيار الصدري تعرض، حال كشفه الفروقات الهائلة في أسعار الأدوية التي يتم استيرادها، وإعلانه أن نحو 90 بالمئة من صفقات عقود شراء الأدوية التي تشرف عليها شركة كيماديا يشوبها الفساد، إلى الإقصاء بدلاً من التحقيق في الوثائق والمعلومات التي طرحها تحت قبة البرلمان وعبر وسائل الإعلام، وقد أحيل إلى لجنة حزبية تابعة للتيار الصدري، وجرى تجميد عضويته، حينها، داخل الكتلة البرلمانية. دولة تسرق نفسها “الدولة التي تسرق نفسها..”، هو ملخص ما قاله رئيس هيئة النزاهة السابق موسى فرج عن الفساد في العراق، مشدداً على أن الفساد مرتبط برجال الدولة الكبار، ولا ينحصر في اختلاس أموال الدولة وحسب وإنما في تبديدها بصفة متعمدة من خلال صرفها على كل ما هو فاشل ومغشوش وفاسد، وأكد ان الفساد في العراق يؤدي في كثير من الأحيان إلى موت أعداد كبيرة من السكان. يرى المتابعون للملف الاقتصادي والمالي العراقي أن الحكومات العراقية المتعاقبة، سعت وبنحو تدريجي ومنظم إلى تدمير جميع أعمدة الدولة العراقية الاقتصادية والعسكرية والتعليمية والصحية، وقد لا يبدو هذا الأمر منطقياً على الإطلاق، لكن الأرقام والإحصاءات والوثائق والحقائق والمعطيات الموجودة على أرض الواقع تبرهن على ذلك بنحو كبير. جريمة اقتصادية ممنهجة لا يغفل الكتاب ذكر ظواهر التخريب الاقتصادي التي حدثت في العراق من تسميم الأسماك، واحتراق محاصيل الطماطم في منطقة الزبير، وظهور الفايروس في المزارع بغرض تدميرها، وحرق المزارع والبساتين في ديالى وغيرها، ووصفها بأنها جريمة اقتصادية ممنهجة ومنظمة لإخضاع الاقتصاد العراقي إلى التدمير، لافتاً إلى أن هذه الظواهر تتزامن مع استيراد اللحوم والدجاج والأسماك من الجارة الشرقية (إيران)، ومشيراً إلى أن هذا الارتباط هو أكبر دليل على أن هذه القضية ليست قضية عابرة، وإنما هي قضية ممنهجة ومخططة ومنظمة هدفها تحقيق التراجع الكبير في قدرات العراق الصناعية والزراعية، وفي جوانب توفير الطاقة، وإهمال البنى التحتية الأساسية لفتح باب واسع لإيران في أن تنمي شركاتها الصناعية والإنشائية، بنحو غير مسبوق. يقول الكتاب: إن هذه الظواهر ساهمت في أن تدخل إيران شريكاً أساسياً في السوق العراقية بعوائد مالية تصل إلى نحو ثلاثين مليار دولار سنوياً، وهو مبلغ تجنيه من تصدير منتجاتها إلى العراق ومن إمدادات الطاقة والعقود الإنشائية والاستثمارية التي تستحوذ عليها عبر تسهيلات واستثناءات يقدمها العراق. إن القطاع المادي من الاقتصاد العراقي تراجع كثيراً، مما أدى إلى جعل الاقتصاد العراقي اقتصاداً ريعياً ومكشوفاً، ريعياً لأنه يعتمد على النفط، ومكشوفاً لأنه يغطي جميع احتياجاته من خلال الاستيراد الخارجي. أما فيما يخص القطاع المالي، فتشير تقارير إيرانية وعراقية إلى تراجع كبير في حصة العراقيين من القطاع المالي العراقي، حيث باتت إيران تمتلك نحو 11 مصرفاً تعمل في العراق بنحو مستقل، كما أن مصارف إيرانية اشترت حصة ستة مصارف عراقية أخرى، وبلغ إجمالي الأموال الخاصة بالإيرانيين في تلك المصارف أكثر من سبعين مليار دولار، الأمر الذي يعكس هيمنة إيرانية شبه مطلقة على الاقتصاد العراقي. الفساد في قطاعات الإنتاج الفساد في قطاعات الإنتاج العراقية، وبخاصة في وزارات الصناعة والكهرباء والنفط والإعمار والإسكان والبلديات أدى إلى استنزاف موارد الدولة العراقية وتدمير اقتصادها وبنيتها التحتية الأساسية. قدرت حكومة رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، حجم الفساد في تسعة آلاف مشروع حكومي، بعضها وهمي بنحو ثلاثمئة مليار دولار أميركي، وأشارت إلى تهريب النفط، وملف العقارات، وتهريب الأموال، والتهريب في المنافذ الحدودية، الجمارك، الذهب والتجارة وتهريبه، السجون ومراكز الاحتجاز، هذه كلها فيها فساد. يشير الكتاب إلى أن عمليات نهب موارد الدولة العراقية تتم عبر أساليب وإجراءات متنوعة، بعضها يتم خارج إطار القانون كعمليات تهريب النفط الخام ومشتقات البترول، أو عبر عمليات السرقة المباشرة، كعملية سرقة معدات مصفاة النفط في بيجي. يقول الرئيس الأسبق لهيئة النزاهة العراقية: إن “الفساد كان عبارة عن عمل فردي، ولكن فيما بعد أصبح ظاهرة، في بدايات عمل هيئة النزاهة كان لدينا نحو 2700 دعوى فساد قضائية قدرنا قيمتها المالية، على وجه التقريب، بنحو 17 مليار دينار عراقي (ما يعادل نحو 15 مليون دولار) أين نحن الآن؟ الآن الدولة كلها غارقة بالفساد”. تتقاسم الأحزاب والميليشيات الموارد المالية للوزارات والمؤسسات الحكومية من خلال ما يعرف بالهيئات الاقتصادية، والهيئة الاقتصادية هي الجهة المخولة بصرف النفقات والتخصيصات وإبرام العقود في المؤسسات الحكومية، من العقود الكبرى في وزارة النفط إلى عقد أصغر شركة تنظيف في دائرة رسمية، ولا تخضع تلك العقود والنفقات لهيئات الرقابة المالية والقضائية لأن الأحزاب والميليشيات فوق سلطة القانون، وهذا ما حصل لاثنين من مفتشي وزارة الصحة عندما طلبا مراجعة عقد شركة تنظيف تابعة لميليشيا العصائب، ليتحولا إلى متهمين يواجهان قضية فساد.إن هذه الشركات، وحتى بعض المصارف وشركات التحويل المالي هي، في الحقيقة، واجهات للأحزاب السياسية، وتالياً هي الذراع القوي للجان الاقتصادية للأحزاب لأنها تتيح لها السيطرة على المناقصات والمقاولات.أما الأساليب الأخرى التي تتبعها الأحزاب والميليشيات في نهب موارد الدولة العراقية، فتتم عبر أطر قانونية، من بينها عقود الشراكة التي تبرم مع شركات القطاع العام. أحد الأمثلة على ذلك، هو عقد الشراكة الذي وقعته شركة مغمورة تدعى الشبّوب مع الشركة العامة للصناعات الفولاذية التابعة لوزارة الصناعة العراقية، وتظهر الوثائق الخاصة بهذه القضية أن شركة الشبوب لصاحبها بهاء علاء عبد الرزاق الجوراني وجهت طلبا مكتوباً إلى وزير الصناعة في ديسمبر العام 2018 لإبرام عقد شراكة مع الشركة العامة للصناعات الفولاذية، وأحال الوزير الطلب إلى الشركة العامة للصناعات الفولاذية بعد نحو شهرين، مرفقا بالموافقة والدعوة إلى إكمال إجراءات التعاقد، خلال أسبوع واحد فقط، عقد المشاركة يتعلق بتطوير وإنتاج أعمدة وأبراج نقل الطاقة الكهربائية مدته خمسة وعشرين عاماً، وتحصل شركة الشبوب بموجبه على نسبة تسعين بالمئة من الأرباح مقابل عشرة بالمئة فقط للدولة. يرتبط اسم المقاول بهاء علاء عبد الرزاق، صاحب شركة الشبوب للمقاولات، بعقود وصفقات حكومية أخرى أهمها مع وزارة الكهرباء، ويتهمه النائب في البرلمان العراقي عدي عواد بدفع عمولات ورشاوى لأعضاء آخرين في البرلمان العراقي لمنع أي مساءلة برلمانية لنشاطاته المشبوهة. يقول عواد: إن “بعض الإجراءات التي قام بها بهاء علاء هو عرقلته عملية استجواب وزير الكهرباء، في حينها، عبد الكريم عفتان، وذلك عن طريق شراء ذمم بعض النواب بصراحة، ولدي الأدلة على ذلك وقدمنا دعوى قضائية بخصوص ذلك ومازالت في المحاكم”. يملك المقاول بهاء علاء عبد الرزاق شقة في حي سولنا في العاصمة السويدية ستوكهولم، ويستخدمها أيضا مقراً لشركة مسجلة في السويد تحت اسم الاتصالات الدولية وتكنولوجيا الطاقة، مما يترك علامة استفهام حول الطريقة التي حصل بها على عقود حكومية متعددة مع وزارتي الصناعة والكهرباء. يقول أعضاء في البرلمان العراقي إن بهاء علاء عبد الرزاق يمثل واجهة تجارية لسياسيين متنفذين في الدولة العراقية، والتسهيلات التي يحصل عليها داخل الإدارات العامة هي جزء من عمليات توزيع الحصص المالية بين الأحزاب السياسية والميليشيات المرتبطة بها. ويؤكد عواد وجود “بعض المافيات التي تحاول الدفاع عن بعض الوزراء بصفة عرض المال على النواب، وهذا مايحدث في الدورة البرلمانية الثانية”. التصنيفات الدولية تعدّ العراق من بين أكثر الدول فساداً في العالم، بنحو اعتباطي، ولم يأتِ تعثر المشاريع الحكومية وما يرافقها من هدر جنوني للمال العام من الفراغ أو العدم، كلها أسباب ومقدمات ترتبط بما يصفها كوادر الاقتصاد والقانون العراقيين بعمليات تدمير منهجية ومنظمة تشرف عليها أحزاب فاسدة وميليشيات مسلحة تديرها إيران. قصة الفساد في العراق، تاريخ طويل من هدر أموال الدولة على مشاريع معطلة وخدمات مفقودة، ويكشف برنامج “الحرة تتحرى” الذي يبث من واشنطن معلومات ووثائق عن دور الأحزاب والميليشيات في استغلال نفوذها داخل السلطة لتحقيق عوائد مالية ضخمة، تضاعف حجم السرقات في العراق بعد أن تضاعفت سطوة الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران.
مشاركة :