(شجون على ضفاف الرافدين) أول كتاب يوثق لتاريخ العراق منذ 2003 إلى 2021 (5)

  • 1/3/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

(شجون على ضفاف الرافدين) أول كتاب يوثق لتاريخ العراق منذ 2003 إلى 2021  (5)   سلام الشماع   أسرار وفاة أحمد الجلبي وعلاقتها بملفات الفساد { الجلبي: حاولنا إعادة الدولة والتأسيس لديمقراطية في العراق لكن في النتيجة أسسنا لنظام فاسد وفاشل { ميديا بارت: العراق ينخره الفساد منذ 18 سنة والعراقيون هم الضحية { خفايا المياه المسمومة في البصرة سنة 2018 وعلاقة شركة تويوتا اليابانية بها { الجلبي سلم مرجعيات دينية وسياسية ودولية ملفات فساد لو فتحت تكفي لمحاسبة النظام السياسي كاملاً منذ سنة 2003 { رئيس مؤسسة النهرين: مزاد العملة بات مصدر تمويل للكثير من الأحزاب وجعل عدد شركات الصيرفة يزداد كثيراً { أية حملة على الفساد ستكون ثورة شعبية فالعراقيون دخلوا مرحلة الجوع والإذلال بسب الفساد { الطبقة الوسطى في العراق انعدمت وصارت هناك طبقة موغلة بالفقر وأخرى مترفة للغاية في البصرة كما في بغداد وبقية المدن العراقية تشهد العلاقة بين الطبقة الحاكمة والشارع توترا ملحوظاً، بسبب الفساد الذي ينخر مفاصل الدولة منذ سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين قبل 18 سنة. يكشف مؤلف كتاب (شجون على ضفاف الرافدين.. احتلال بغداد وما خفي أعظم) عبدالقادر ممدوح البريفكاني أسرار المياه المسمومة في البصرة، استناداً إلى تقرير نشره موقع ميديا بارت الفرنسي (MEDIAPART) يبين أن مشكلة المياه المسمومة في البصرة، وما أعقبها من أحداث وكشف عن صفقات مشبوهة تعطي صورة واضحة عن مدى تأثير الفساد على الحياة اليومية للعراقيين، إذ يشير التقرير إلى ما حصل في البصرة صيف 2018: “تخيل أنك في بلد تفوق فيه درجة الحرارة 50 درجة مئوية في فصل الصيف، تفتح صنبور المياه فيجري منه ماء غير صحي مليء بالبكتيريا، ولا خيار أمامك سوى تقديمه إلى أطفالك، ما يجعلهم عرضة لأمراض عديدة من بينها الكوليرا وحمى التيفوئيد”. ينقل الموقع الفرنسي عن العضو السابق في اللجنة المالية بالبرلمان العراقي وفي هيئة النزاهة رحيم الدراجي قوله: “في العراق، لا يصعب العثور على رجال فاسدين، بل الصعب هو العثور على رجال شرفاء، الجميع متورط  إلى درجة أن إدانة شخص ما أمر محفوف بالمخاطر، سأكون صريحاً، جميع العقود التي اطلعت إليها، خلال مدة عملي في اللجنة التي دامت عامين، كانت مزورة”. كارثة بمعنى الكلمة وطبقاً لما أورده ميديا بارت الفرنسي، فإن سكان البصرة عاشوا في سنة 2018 حياة مريرة، إذ انقطعت الكهرباء وغابت المياه الصالحة للشرب، وبعد أيام من شرب المياه المسمومة، نقل 120 ألف شخص إلى المستشفيات ، وعمّ الذعر في المدينة وقد امتلأت الغرف بالمرضى، وارتبك الأطباء وأخذوا يرسلون الناس إلى منازلهم. لقد كانت كارثة بمعنى الكلمة. ومثلما جرت العادة، وجّهت السلطات المحلية أصابع الاتهام إلى محطات معالجة مياه الصرف الصحي التي تضررت من الحرب الإيرانية العراقية، والتي أعيد بناؤها جزئيا في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، وقصفها سلاح الجو الأميركي سنة 1991ثم، مرة أخرى، أعيد بناؤها في 2003.  ويضيف الموقع الفرنسي: إن آخر ملف خطير كشف عنه أبو حسن يتعلق بحالة التسمم التي وقعت سنة 2018 في إحدى مدارس البصرة، إذ تكشف الوثائق التي قدمها عدد من المتعاونين تفاصيل المخالفات المريبة في العقد الموقع بين شركة “بروتكنيك” ووزارة البلديات والأشغال العامة، حيث يعكس العقد الحالة المزرية للبنية التحتية للمياه في البصرة. مناقصة مشبوهة انطلقت القصة مع إعلان مناقصة مشتريات عامة للمرحلة الثانية من مشروع حكومي يسمى “مشروع ماء البصرة الكبير”، تساهم في تمويله وكالة اليابان للتعاون الدولي، لكن المشروع الذي تتجاوز قيمته عشرات الملايين من الدولارات بقي حبرا على ورق. تقدمت شركات معروفة ، مثل “تويوتا” اليابانية، بعروض للفوز بهذه المناقصة التي تتضمن إعادة تأهيل أجزاء من محطة معالجة المياه في البصرة، وبناء محطة جديدة لمعالجة المياه بحجم 100 ألف متر مكعب، وتركيب خط أنابيب لنقل المياه وتوزيعها بطول 60 كيلومتراً، فضلا عن بناء خزان ومحطة ضخ.  ولكن فازت شركة غير معروفة تدعى “بروتكنيك” بالمناقصة، ووعدت بإعادة تأهيل هذا المرفق الحيوي في البصرة، وأثبتت الوثائق أن رئيس الشركة يدعى أوس الدرغزالي، عراقي مقيم بلندن، من مواليد 1972 يمتلك 5 شركات، بالعنوان البريدي نفسه. ووفقا للوثائق المقدّمة، سُجلت الشركة في 20 يوليو/ تموز من سنة 2012 في أستراليا، وقد أثبتت التحريات أن أوس الدرغزالي كان مدير التطوير بالسفارة الأسترالية في عمّان آنذاك. لاحقا، حملت الشركة أسماء مختلفة، وعملت في أستراليا وبريطانيا، إلى حين افتتاح فروع لها في الأردن والعراق سنة  2017قبل الفوز بالمناقصة. وبرغم مرور  3 سنوات على توقيع العقد الذي قدرت قيمته بـ74 مليون دولار، فإن البصرة – كما يؤكد الموقع – ما زالت تفتقر إلى المياه الصالحة للشرب، كما لم يتم إنشاء محطات معالجة المياه الجديدة، ولم يمنع ذلك كله من ظهور المسؤولين العراقيين علناً مع مدير بروتكنيك! في 14 يوليو/تموز 2019? بعد مرور عام على فضيحة المياه المسمومة، استقبل وزير المالية العراقي وفداً من رجال الأعمال يضم أوس الدرغزالي. في هذا الصدد يؤكد رحيم الدراجي أن هذه الشركة مجرد واجهة، وهي حلقة في سلسلة طويلة من الصفقات المشبوهة التي شهدها العراق منذ سنة 2003. ويضيف رحيم الدراجي أن “المحسوبية هي الركيزة الأولى للفساد في العراق، حيث توقع الشركات الوهمية عقوداً بقيمة ملايين ومليارات الدولارات من دون تقديم أي شيء للمواطنين الذين ما زالوا يطالبون بالماء والكهرباء والعمل”. الأموال المنهوبة يرى الدراجي أن قضية المياه المسمومة وصفقة الصيانة المشبوهة في البصرة ليست سوى عينة صغيرة من نظامٍ، جعل العراق يحتل المركز 160 في ترتيب الدول الأكثر فسادا في العالم. ومنذ سنة 2003 أدى الفساد إلى اختفاء ما يعادل ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق، وقد قدرت هيئة النزاهة التي تشكلت، بعد تعيين رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي، اختفاء نحو 410 مليارات يورو (500 مليار دولار) على مدى السنوات الـ17 الماضية في شكل عقود وهمية. وذكرت اللجنة أنها استعادت أكثر من 3 مليارات دولار، اختُلست خلال عامين فقط، بعد أن تم استثمارها في شراء عقارات بالعاصمة البريطانية لندن. اغتيال الجلبي وأسرار الفساد في صبيحة الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 توفي السياسي العراقي أحمد الجلبي بسكتة قلبية حادة وسط منزله في العاصمة بغداد، حسب التصريحات الرسمية. الموت المفاجئ لرئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي آنذاك، أثار الكثير من التكهنات حول ملابسات وفاته الغامضة وتزامنها مع تصريحاته بشأن ملف شبكات الفساد في العراق الذي كان بصدد نشره. عن الجلبي يقول النائب السابق أحمد المساري “كنا ننظر إليه بأنه عرّاب الاحتلال، وأنه هو الذي وضع بذرة الطائفية في البلاد، إلا أنه لم يكن طائفيا في مجال عمله”. ويضيف المساري، كان الجلبي رجل اقتصاد متميزاً ولديه كفاءة كبيرة في المجال الاقتصادي “حينما عملت نائباً له عندما كان رئيس اللجنة المالية وحدته مثابراً للبحث عن مصادر التزوير والفساد في العراق، ويبحث عن الجهات التي كانت تفسد في المال العراقي”.  كانت مرحلة رئاسة اللجنة المالية فاصلة ومهمة في عمل الجلبي، ولم يتغيب عن أي يوم في العمل في البرلمان، وينقل عن الجلبي قوله “حاولنا أن نعيد الدولة وأن نؤسس لديمقراطية في العراق، لكن في النتيجة أسسنا لنظام فاسد وفاشل”. من خلال اللجنة المالية تعقب الجلبي العقود والأموال والإنفاق العام في الدولة كلها، ووجد كوارث، كانت الأشهر الستة الأخيرة من حياته حافلة بمقابلات تاريخية تكشف حجم الفساد في العراق مما سببّ صدمة في الرأي العام، لحجم الإنفاق، وحجم الفساد في التعاقدات الحكومية كلها ومزاد العملة، ومزاد البنك المركزي، ووجد النهايات السائبة فيه.  وقد تعرض لحملة شعواء عندما  اقترب من ملفات الفساد، حيث تحركت ضده مؤسسات إعلامية وأموال ضخمة وتشهير فظيع.  وقد ترك ملفات فساد كبيرة سلمت إلى مرجعيات دينية وسياسية، وإلى البنك الدولي والبنك الفدرالي الأميركي، وهي موجودة، وإذا فتحت ستكون كافية لمحاسبة النظام السياسي بنحو كامل منذ العام 2003. مزاد العملة ملف فساد العملة وبيعها في البنك المركزي كانت أبرز المواضيع التي تابعها الجلبي ، وكان يحذر دائما من انهيار الاقتصاد العراقي إذا ما استمرت الحكومة في سياستها، ويؤكد عضو اللجنة المالية النيابية أحمد حمة رشيد أن للجلبي دورا في كشف فساد مزاد العملة، وما يخسره العراق من هذا المزاد، وعدم ارتباط مزاد العملة بالضريبة والإدخال الجمركي. من جانبه كشف رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية محمد رحيم، الكثير من شبهات الفساد، في مزاد العملة الذي بات مصدر تمويل للكثير من الأحزاب، ونوّه إلى ازدياد شركات الصيرفة بشكل كبير، ففي العام 2011 كانت 300 شركة صيرفة، وبعد ظهور تنظيم الدولة 2014 تصاعدت إلى 2000 شركة، واليوم هي 2500 شركة، بحسب رحيم. ويبيّن أن هذه الشركات تقطع من البنك المركزي قطوعات أسبوعية بقيمة 100 ألف دولار، وهذه مبالغ ضخمة على عدد شركات الصيرفة، ويجري تهريبها إلى الخارج، ولا يوجد لها أي أثر، مجرد فواتير وهمية لا تخضع للضرائب. إفلاس العراق “سترون خلال 10 أعوام أن الدولة تفلس ولا تستطيع دفع الرواتب”، تحذيرات دأب الجلبي على إطلاقها في كل مناسبة هاجم فيها اعتماد الحكومة على النفط، محذراً من أن العراق  ينزلق إلى الإفلاس، وشكك في قدرة النظام الحالي على ايجاد حلول حقيقية لإنقاذ الدولة، إلا إذا وثقت علاقات متوازنة مع الجميع، وترحيب بالاستثمار، بلا عداء مع أحد ولا سلاح ولا أيديولوجية ولا قومية أو طائفية أو عشائرية. ملابسات وفاته الموت المفاجئ للجلبي أثار الكثير من التكهنات حول ملابسات وفاته الغامض وفرض السؤلان الآتيان نفسيهما: هل ملاحقة الجلبي لملف فساد مزاد العملة وتحذيره من انهيار الاقتصاد العراقي، وتركيزه على ملفات الفساد، هي السبب في طريقة وفاته الغامضة؟ هل تمت تصفيته باستخدام السم، لأنه كان يبحث في ملفات خطيرة جدا؟  يعتقد أحد مساعدي الجلبي أن ملابسات وفاته حولها الكثير من الشكوك، ويعتقد أنه تم اغتياله، بخاصة أنه تلقى تهديدات وتلميحات كثيرة من بعض الشخصيات السياسية، في حين شدد على أن الجلبي كان يتمتع بصحة جيدة، وكان دائما يمارس الرياضة وكان يهتم بأموره الصحية، منوها إلى أن وفاة الجلبي أصبحت لغزاً، ولحد الآن، لم تستطع الأجهزة العراقية ولا المخابرات حل هذه اللغز، ويشير أحد مساعديه إلى أن الجلبي كان غير مقتنع بأداء الكتل السياسية، وكان يفكر بالانفصال عنها، وتشكيل تحالف جديد، لافتاً إلى أن ذلك يعد إثباتات غير مباشرة عن اغتياله. صولة الفساد والدولة العميقة  قائمة أولى أعدتها مشتركة بالتعاون مع هيئة النزاهة العراقية المستقلة، تحوي أسماء 49 شخصية متورطة بملفات فساد ضخمة، وضمت مسؤولين وسياسيين فاسدين من مختلف الطوائف والأحزاب، وكان من المقرر، حسب الكتاب، تحويلها إلى القضاء للبدء بالتحقيق فيها، وتبلغ مجموع الأموال المرجّح أنها نهبت في هذه الملفات، أكثر من 24 مليار دولار، وذلك ضمن صفقات تسليح مع دول مختلفة واستيراد واستثمارات وهمية.  ومن بين هؤلاء 9 وزراء وأكثر من 20 وكيل وزير، ومديرين عامين وموظفين كبار في أمانة مجلس الوزراء، ومديري بنوك ومصارف حكومية ورؤساء هيئات مستقلة وجنرالات بالجيش، فضلاً عن أقرباء لمسؤولين وأعضاء في البرلمان العراقي عن دوراته التشريعية السابقة. كشفت مصادر موثوقة عن وجود 181 ملفاً  بين فساد مالي وإداري وانتهاكات وجرائم تطهير طائفية وعرقية ترتبط باسم نوري المالكي  خلال سنوات وجوده في السلطة ما بين 2006 و2014? لكن لم يتم إدراجها، إلى الآن، في قائمة التحقيق القضائي. يقول عضو “التيار المدني العراقي”، إيهاب طالب إن “أية حملة على الفساد ستكون بمرتبة ثورة شعبية، فالعراقيون دخلوا مرحلة الجوع والإذلال بسب هذا الفساد، والطبقة الوسطى انعدمت وصارت هناك طبقة موغلة بالفقر وأخرى مترفة للغاية، وهي طبقة السياسيين ومسؤولي الدولة وقادة الأجهزة الأمنية ورجال الدين”. في الحلقة المقبلة أسرار تكشفها صحيفة نيويورك تايمز التي حصلت على وثائق سرية للمخابرات الإيرانية تبين مدى نفوذ طهران وتأثيرها على الحكومات العراقية، عن طريق من وصفتهم بـ”العملاء العراقيين” الذين يعملون لصالح إيران.

مشاركة :