تواصل – فريق التحرير: يصادف اليوم 14 رجب، العديد من الأحداث التاريخية، وفي هذه الفقرة تسلط “تواصل” الضوء على أبرز هذه الأحداث 490 هـ الحملة الصليبية الأولى في مثل هذا اليوم من عام 490هـ، الموافق 2 يوليو 1097م، دخلت أول الحملات الصليبية التي هاجمت العالم الإسلامي. أولى الحملات العسكريَّة المُنظَّمة التي شنَّها الغرب الأوروپي على ديار الإسلام بِدعم ورعاية الكنيسة الكاثوليكيَّة؛ والتي عرفت باسم الْحَمْلَةُ الصَّلِيبِيَّةُ الْأوْلَى، وكان سببها المُعلن؛ نزع السيطرة الإسلاميَّة عن الديار المُقدَّسة، وإعادتها تحت جناح العالم المسيحي، بينما كان لها على أرض الواقع أهدافٌ عديدة سياسيَّة واقتصاديَّة واستراتيجيَّة واستعماريَّة، إلى جانب الهدف الديني. السلاجقة ظهر السلاجقة على مسرح الأحداث في الشرق الأدنى في أوائل الثُلُث الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي، وتوسع المُسلمون تحت رايتهم، على حساب الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة في آسيا الصُغرى. ملاذكرد وفي سنة 463هـ المُوافقة لِسنة 1071م، هزم المُسلمون البيزنطيين في معركة «ملاذكرد» أو «مانزيكرت» وأسروا الإمبراطور البظنطي «رومانوس الرابع»، وافتتحوا أغلب بلاد الأناضول، فوجَّه الروم نداءاتٍ عديدةٍ لِلغرب، منها نداء وجَّهه الإمبراطور «ألكسيوس الأوَّل»، يطلب فيه المُساعدة لِلوُقُوف بِوجه التوسُّع الإسلامي. الدعوة للحروب الصليبية استجاب البابا «أوربان الثاني» لِاستغاثة الإمبراطور البيزنطي مدفوعًا بِأطماعه الدينيَّة والسياسيَّة، وهي توجيه ما في طبائع أُمراء الإقطاع والنُبلاء من حُبِّ القتال إلى حربٍ مُقدَّسةٍ. عُقد مجمعٍ كنسيٍّ في مدينة كليرمونت سنة 1095م، وألقى البابا موعظةً حثَّ فيها أوروپَّا الكاثوليكيَّة على الحرب؛ لِتخليص القبر المُقدَّس من المُسلمين، ووعد المُحاربين بِأن تكون رحلتهم إلى المشرق بِمثابة غُفرانٍ كاملٍ لِذُنُوبهم، كما وعدهم بِهدنةٍ عامَّةٍ تحمي بُيُوتهم خلال غيبتهم. وطالبهم بصد جُيُوش المُسلمين عن أوروبا وبيزنطة، وإدخال الكنيسة الأرثوذكسيَّة الشرقيَّة تحت جناح البابويَّة، وتوحيد العالم المسيحي تحت الحُكم الديني لِلبابوات، والعودة بِروما لِتكون حاضرة للعالم. أصابت دعوة البابا أوربان نجاحًا كبيرًا، فنهض العديد من النُبلاء والأُمراء لِلزحف شرقًا، وكان لِكُلِّ فريقٍ منهم حوافز دُنيويَّة مُختلفة، إلى جانب الحافز الديني، فقد استهدف النُبلاء المغانم وتأسيس الإمارات. النورمان لهم أهدافٌهم التوسُّعيَّةٌ على حساب البيزنطيين والمُسلمين على السواء. وهدفت المُدن الإيطاليَّة إلى توسيع نطاق تجارتها مع الشرق. واجتذب هؤلاء كُلُّهم أيضًا حُب المُغامرة والأسفار. قُبيل انطلاق هذه الحملة، زحفت عدَّة جُيُوش غير مُنظَّمة من الفلَّاحين الفرنجة والألمان يقودها أميرٌ يُدعى «والتر المُفلس» وراهبٌ يُسمَّى «بُطرس الناسك» وآخرون غيرهما، وعُرفت هذه الحملة بـ«حملة الفُقراء أو الحملة الشعبيَّة» نظرًا لأنَّها تكوَّنت من عوام الناس. سارت الفرق التي وصلت القُسطنطينيَّة فقد سارع الإمبراطور «ألكسيوس» بنقلها إلى آسيا الصُغرى حيثُ هزمها السلاجقة وأفنوا ثلاثة أرباعها. وتبع هؤلاء جُيُوش صليبيَّةٌ مُنظَّمةٌ بِقيادة «ريموند الرابع» أقسم هؤلاء جميعًا باستثناء ريموند وتانكرد يمين الولاء لِلإمبراطور البيزنطي، وتعهَّدوا بِموجبه بِقبول سيادته على ما يأخذونه من بلادٍ من المُسلمين. الزحف الصليبي زحفت الجُيُوش الصليبية على آسيا الصُغرى، فاستولوا على نيقية سنة 1097م، وهزموا السلاجقة في ضورليم، واحتلُّوا أنطاكية سنة 1098م، والساحل الشَّاميّ، ثُمَّ زحفوا على بيت المقدس واحتلُّوها في شهر تمُّوز (يوليو) 1099م، وأوقعوا بِأهلها المُسلمين مذبحةً هائلةً دامت يومين، حتَّى أفنوهم عن بُكرة أبيهم، وكان مصير القلَّة التي نجت أن بيعوا في أسواق النخاسة. أسَّس الصليبيون أربع دُولٍ لاتينيَّة، هي: قُمَّسيَّة الرُّها، وإمارة أنطاكية، وقُمسيَّة طرابُلس، ومملكة بيت المقدس، وقد صمدت مُعظم هذه الدُول ما يقرب من قرنين رُغم أنَّها كانت مُحاطةً بِبحرٍ إسلاميّ، بِسبب الخلافات والإنقسامات الحادَّة بين المُسلمين، ولم تفقد بعض أراضيها إلَّا حينما برز قادةٌ مُسلمون تمكنوا من توحيد كلمة أهل الإسلام خلال العُقُود التالية من تثبيت دعائم الحُكم الصليبي في الشَّام. 680 هـ انتصار المسلمين في معركة حمص الثانية على التتار في مثل هذا اليوم من عام 680هـ، الموافق 29 أكتوبر 1281م، انتصر المسلمون في معركة حمص الثانية، بقيادة المنصور قلاوون سلطان مصر والشام، وقاد التتار منكوتمر. وقعت معركة حمص الثانية بالقرب من مدينة حمص غربي الشام، بين جيش مغول الإلخانات ومركزهم في إيران، وهم جزء من إمبراطورية المغول، وبين المماليك بقيادة المنصور قلاوون. كانت هذه المعركة هي المحاولة الثانية لـ «أباقا خان» للاستيلاء على الشام مرة أخرى، بعد هزيمة المغول بعين جالوت. أرسل «أباقا خان» أخاه «منكوتمر» على رأس جيشٍ ضخمٍ، قارب ما بين 50 إلى 80 ألفا من المغول، وسنادهم قرابة 30 ألف أجنبي، غالبيتهم من جورجيا، يقودهم ملكهم «ديمتريوس الثاني»، والأرمن يقودهم «ليو الثالث». وقائع المعركة بلغ السلطان «قلاوون» من أسير مغولي؛ أن المغول يستعدون لغزو الشام بحوالي 80 ألف محارب، فكتب إلى مصر وغيرها من البلاد يستدعي الجيوش لأجل اقتراب مجيء التتار، فقدم الناس عليه ووفدوا إليه من كل مكان، وكثرت الأراجيف بدمشق، وكثرت العساكر بها. وصل جيش التتار يقودهم «منكوتمر بن هولاكو» إلى عنتاب، وساروا إلى نواحي حلب؛ فكتب السلطان المنصور إلى «سنقر»: “إن التتار قد أقبلوا، والمصلحة أن نتفق عليهم، لئلا يهلك المسلمون بيننا وبينهم، وإذا ملكوا البلاد لم يدعوا منا أحدا”. فكتب إليه «سنقر بالسمع والطاعة، فانعثد الصلح بينهما في يونيو 1281، واقطع لسنقر انطاكية وأفامية. وقرر قلاوون عقد هدنة مع الإمارات الصليبية ليأمن جانبهم خلال صراعه مع المغول، فالمعروف أن بيبرس عقد هدنة مع عكا سنة 1271 لمدة عشر سنوات، وعقد قلاوون سنة 1281 هدنة مع بوهمند أمير طرابلس، وبذا يكون قد أمن جانب الصليبيون في معركته القادمة مع المغول. فامتنع الفرنجة عن الانحياز لأي طرف عند مرور قلاوون بجيشه شمالا لملاقاة المغول، إلا أن الجنود الإسبتارية بالمرقب لم يعتبروا أنفسهم داخلين في عقد الهدنة الذي اشتركت فيه فرسان الرهبان بعكا، فانحازت جماعة منهم إلى ملك أرمينية. نزل التتار بقلعة الرحبة في أواخر جمادى الآخرة جماعة من الأعراب، وكان فيهم ملك التتار إبغا ينظر ماذا يفعل أصحابه، وكيف يقاتلون أعداءه. والسلطان المنصور مخيم بحمص في عساكر من الأتراك والتركمان وغيرهم جحفل كثير جدًا، وأقبلت التتار في مائة ألف مقاتل أو يزيدون. المعركة عسكر التتار في مئة ألف فارس، وعسكر المسلمون على النصف من ذلك أو يزيد قليلًا. على ميمنة الجيش التتري قوات الكرج ومعهم «ليو الثالث» ملك قليقية والإسبتارية، وعلى ميسرة الجيش أمراء المغول، ويقود «منجوتيمور» قلب الجيش. اصطف المسلمون، وأخذ صاحب حماة وبعض أمراء المماليك ميمنة الجيش، ووقف العرب بقيادة الأمير شرف الدين عيسي بن مهنا من قبيلة بني مرة وآل فضل أبناء ربيعة في أربعة آلاف فارس، وسنقر الأشقر مع خيالته التركمان الميسرة، ووقف في الصدر 4 آلاف شركسي برجي ووحدات أخرى منتقاة من المماليك. اتخذ قلاوون لنفسه موقعا على تلة صغيرة يستطيع منها أن يراقب سير المعركة ومعه مئتي مملوك. ظهرت المفارز المغولية، وتشكل أمام المماليك وحلفائهم جيش من المقاتلة. بداية المعركة كان يوافق هذا اليوم الخميس، في مثل هذا اليوم من شهر رجب التقى الجمعان عند طلوع الشمس. فهاجم المغول ميمنة الجيش بوحشية عنيفة، فثبتت الميمنة بعناد كبير امام الهجوم، فانقض هؤلاء بدورهم على المغول ودفعوا ميسرته إلى الصدر. ولكن أثناء ذلك انسحقت الميسرة بقيادة سنقر وهرب باتجاه أسوار حمص، فاضطربت الميمنة أيضًا. كسر جناح القلب الأيسر وثبت السلطان ثباتًا عظيمًا جدًا في جماعة قليلة، وانهزم كثير من عسكر المسلمين، والتتار ومعهم الأرمن والإسبتارية في آثارهم حتى وصلوا وراءهم إلى بحيرة حمص ووصلوا حمص وهي مغلقة الأبواب، فقتلوا خلقًا من العامة وغيرهم. استمر مماليك سنقر بالهروب بلا توقف باتجاه دمشق، ينشرون أنباء هزيمة المسلمين، مما خلق جوا من الذعر الرهيب في مؤخرة جيش قلاوون، وأشرف المسلمون على الهلاك. وقف قلب الجيش المملوكي ومعهم السلطان بثبات، وأمر قلاوون بقرع الطبول، وهي إشارة على التجمع. فرجعت بعض فلول تتحرك صوب الوسط، وبدا جليا أن المعركة قد حسمت للمغول. سار الأمير أزدمير الحاج أحد قادة المماليك على حصانه، وبرفقته بضعة من المقاتلين باتجاه قائد التتار «منجو تيمور». فهاجمه وضربه برمحه واسقطه عن حصانه، فقد مونجو تيمور الوعي من شدة الضربة، فاعتقد من حوله أنه قد قتل، تبع ذلك اضطراب رهيب، وقام مماليك أزدمير بمذبحة حقيقية وهم يحمون قائدهم. وماتوا جميعا من ضربات حرس الخان الشخصيين. أدى سقوط «مونجو تيمور» الذعر في صفوف التتار، وكان المماليك ينتظرون تلك اللحظة، فهجموا على العدو بضراوة، فارتبك التتار. جاء الأمير عيسى بن مهنا من ناحية العرض فصدم التتر؛ فأضربت الجيوش لصدمته، وقتلوا من التتار مقتلة عظيمة جدًا، ولم يعودوا يحتملون وطأة الهجوم وهربوا. قسم هرب باتجاه حلب بينما فر الآخر باتجاه السلمية والبرية، والأخرى إلى ناحية حلب والفرات. فأرسل السلطان في آثارهم من يتبعهم. عاد المغول ومعهم الملك «ليو الثالث» بجيشه، الذين كانوا يطاردون سنقر ومعهم الكثير من الغنائم غنموها من ضواحي حمص؛ فلم يجدوا أحدا في ساحة المعركة، والسهل ممتلئا بجثث أخوتهم. اجتمع بقية التتار في ساحة المعركة؛ فأعطى السلطان قلاوون إشارة بالهجوم، فانقض المماليك على العدو ودارت رحى معركة رهيبة، أجبرت التتار وحلفائهم على الهروب. مات عدد كبير من التتار وحلفائهم أثناء الفرار باتجاه ضفاف الفرات، واختبأت بقيتهم بين أدغال القصب، وأشعل المماليك النيران في تلك الأدغال؛ فمات عدد كبير منهم جراء النار والدخان. وهرب ليو بطريقه إلى الشمال، فتكبده خسائر فادحة في الأرواح. وأنزل الله نصره على المسلمين.
مشاركة :